هل ثمة صفقة تلوح في الأفق؛ سورية ملف روسي، اليمن للسعودية، العراق لإيران، وليبيا بعهدة واشنطن؟ بعض من نبوءة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تحققت. “اللقاء المعجزة” السعودي السوري تم. أمس اعترفت الرياض بزيارة علي مملوك لجدة، وكشفت مصادرها لصحيفة الحياة اللندنية عن مبادرة سعودية للحل طرحت خلال اللقاء، لاتتضمن رحيل الأسد كشرط مسبق للحل في سورية. المبادرة ذكية، لكنها تنطوي على تنازل ملحوظ: انسحاب إيران ومليشياتها، وحزب الله من سورية، مقابل وقف دعم السعودية للمعارضة السورية، ليكون الحل سوريا بامتياز. ومن ثم الدعوة لانتخابات رئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة. خلال الأيام الماضية حاول الطرفان؛ السوري والسعودي تسويق لقاء جدة على أنه مكسب على حساب الآخر. لكن بعيدا عن حرب الفضائيات والصحف، لقاء جدة أسس لقناة اتصال دائمة برعاية روسية. وفي آخر التسريبات، زيارة ثانية لوفد أمني سوري للسعودية، تتزامن مع زيارة مهمة لوليد المعلم لمسقط؛ عاصمة الصفقات الكبرى في المنطقة. هل يلتقي المعلم بنظيره السعودي عادل الجبير هناك؟ ربما، كل شيء أصبح واردا بعد أن تحققت المعجزة. إيران وبعد صفقة النووي مع الغرب، أصبحت على قناعة بأن قطار التسويات يقترب من كل المحطات، ولا بد أن تكون طهران حاضرة في المحطة السورية. ألقت القيادة الإيرانية هي الأخرى مبادرة على الطاولة، أثارت حفيظة أنصار النظام السوري. المبادرة تنص على مرحلة انتقالية، وتعديلات جوهرية على الدستور وانتخابات تشريعية، وحكومة جديدة ذات صلاحيات. وهي مثل المبادرة السعودية تتجنب الإشارة إلى مصير الأسد، وإن كان مضمونها يوحي ببقاء الأسد حتى نهاية ولايته الحالية. الإدارة الأميركية، ولأول مرة تبدي قدرا من التفاؤل بحل سياسي في سورية، ومن البوابة الروسية. الرئيس باراك أوباما قال صراحة إن الاتصالات الروسية الإيرانية حول سورية بارقة أمل. عادة ماتبدأ الأطراف المتصارعة بشروط متشددة، لكن المفاوضات في الحقيقة هي فن إدارة التنازلات المتبادلة. هكذا كان الحال في بداية المفاوضات بين الدول الغربية الكبرى وإيران حول الملف النووي؛ اجتماعات دون نتيجة تذكر، ثم نجاحات متواضعة، تراكمت فأفضت إلى صفقة شاملة. في الملف السوري، الوضع أكثر تعقيدا، لكن قطار التسوية انطلق بالفعل. مواجهة خطر الإرهاب المحدق بدول المنطقة يشكل نقطة البداية في مسار طويل. ودخول تركيا رسميا التحالف الدولي ضد “داعش” نقطة تحول كبرى. ومبادرة إيران لتسوية في سورية، تعني استعدادها للبحث فيما هو أبعد من ذلك. الجمود الطويل؛ لا رابح ولا خاسر في سورية، استنزف جميع الأطراف. إيران مجبرة على الالتفات إلى الداخل، والسعودية في حالة حرب مكلفة باليمن. روسيا ترغب بسورية جديدة، تحفظ مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. الولايات المتحدة أخفقت في صناعة البديل للنظام السوري. “داعش” ومن هم على شاكلته يربحون في الصراع. مامن خيار أمام الأطراف المتصارعة على سورية، سوى مراجعة مقارباتها. الأسد عقبة الحل في نظر خصومه، لكن هل يمكن القفز عنه ولو إلى حين؟ |
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.