لم تكد المحكمة الشرعية بحلب وريفها، تعلن عن توزيع الرواتب على العاملين لديها بالليرة التركية، عوضاً عن الليرة السورية، حتى بدأت ردود الفعل تتوالى من السوريين في الداخل والخارج، وبدأت جدران موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تغص بعبارات الترحيب من البعض، وبكلمات انتقادية قاسية لاذعة من الجانب الآخر.
القرار مؤقت واختياري
“المحافظة على القوة الشرائية للمواطن، وإيقاف تدفق الدولار من المناطق المحررة إلى مناطق النظام”، بما سبق، يُجمل عضو لجنة استبدال العملة، صهيب القباني، الأهداف المرجوة من هذا القرار.
لماذا لم تختاروا عملة ثابتة كالدولار الأمريكي، واخترتم الليرة التركية على ضعفها اقتصادياً؟، يرد قباني على سؤال “اقتصاد” بالقول، “لا تتوفر الفئات الصغيرة في الدولار الأمريكي، كما هي عليه في الليرة التركية، الفئات الصغيرة تساعد على شراء التجزئة، ومن ثم هدفنا أن نضع بين يدي السوريين سلة من العملات”.
بدوره يقول محمد بكور، وهو عضو في اللجنة أيضاً، “الإنسان السوري في الداخل لا يتعامل بالليرة السورية إلا على نطاق ضيق، أي أن مجموع ما يملكه من المال بالليرة السورية لا يتعدى الـ30 ألفاً، أما مدخراته فهي بالذهب أو بالدولار، وعملنا في هذا القرار على استبدال هذه المبالغ البسيطة التي يتعامل بها السوريون بشكل يومي من الليرة السورية إلى الليرة التركية”، ويضيف: “المبالغ التي يتم التبادل بها بالعملة السورية في مناطق حلب المحررة تقدر بحوالي 100 مليون دولار شهرياً”.
عملة بلا فكة
تماشياً مع الانقسام الذي تعيشه البلاد على كل شيء، فقد أحدث استبدال العملة المحلية بالتركية انقساماً مماثلاً، ولكن هذا لابد منه في كل خطوة جديدة كما يقول عضو لجنة استبدال العملة، الاقتصادي، عبد اللطيف طبشو.
ويرى طبشو خلال حديثه لـ” اقتصاد”، أن إيجابيات هذه الخطوة أكثر من سلبياتها، لكنه، وفي الوقت نفسه، يعتبرها خطوة مستحيلة التطبيق، ويوضح: “عندما وزعنا رواتب الموظفين في المجلس المحلي لمدينة حلب عن الشهر السابع بالليرة التركية، حينها بمجرد خروج العامل من المجلس كانت وجهته أقرب محل للصرافة لاستبدال المبلغ بالليرة السورية”.
الاستحالة في التطبيق من وجهة نظر طبشو تعود إلى عدم تهيئة الأسباب لنجاح هذه الفكرة، ويمضي بالقول: “في الاجتماع الأول الذي ضم كل المؤسسات في حلب بالإضافة إلى خبراء في المال، بشأن استبدال العملة، قلت حينها هذا التعامل لن يكتب له النجاح بدون الحصول على تعهد خطي من جهة مالية تركية، تكون الأخيرة ملزمة بموجبه أن تؤمن “الفكة” أو الفراطة بشكل شهري”.
ويوضح: “لا تتوفر لدينا الفكة، والحصول عليها ليس بالأمر السهل، ولذلك أقترح عليهم إيفاد مندوب لكل مؤسسة تكون مهمته تحصيل الفكة بنسب محددة من إجمالي المبلغ المحدود، وهذه النسبة يجب أن تضخ على أشهر، حينها نستطيع القول أننا نتعامل بالليرة التركية”.
الإجابة بـ “نعم أو لا” بحاجة إلى دراسة معمقة
يرى معاون وزير المالية في الحكومة المؤقتة السورية، الدكتور ياسين خليفة، أن موضوع الحكم على كفاءة هذا القرار بحاجة إلى دراسة معمقة، لأنه موضوع يخص مصلحة الوطن، ويضيف “لم تتم مشاورتنا في هذا المشروع”.
أما رد رئيس القضاء الشرعي في مدينة حلب، الشيخ مضر رضوان، فكان قاطعاً، على خلاف رد الدكتور ياسين خليفة، حيث أبدى الأول ترحيبه بهذه الخطوة خلال اتصال هاتفي مع “اقتصاد”، معتبراً أن الخطوة تأتي في إطار السعي لتسريع انهيار النظام اقتصادياً، لكنه بالمقابل عبر عن خشيته من المستقبل، أي ما بعد سقوط النظام، وقال: “حينها سنحتاج إلى آلية جديدة لإعادة طرح عملتنا المحلية”.
قرار عبثي من رجال الدين
في بيان صادر عنه، اعتبر حزب الجمهورية المعارض قرار رجال الدين عبثياً، مشدداً على أن العملة النقدية رمز من رموز وحدة الوطن، لا رمزاً للنظام، مشيراً إلى أن العملة موجودة منذ توقيع معاهدة الاستقلال، وقبل ولادة حزب البعث والطغمة الحاكمة، وإن التذرع بأن هذه الخطوة تساهم في إسقاط الطغمة الحاكمة هو مجرد كلام صادر عن أشخاص لا يعرفون أوليات الاقتصاد.
الشعب معتر
على صفحته الشخصية في “فيسبوك”، كتب الإعلامي خالد اليوسف، “الشعب فصل يا اصحاب القرار المشايخ والامراء، يا ترى ما يملكه من المال رح يسقط النظام، المواطن معتر وفصل من وراء أصحاب القرار، ومن وراء براميل بشار”.
مصطفى محمد- عنتاب – اقتصاد
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.