img

مع تنامي الاستعدادات التركية لفرض منطقة عازلة شمالي سوريا، وربما يتم الحديث الآن عن سيناريو التدخل التركي البري العسكري في الشمال السوري لإقامة “شريط حدودي”؛ وحمايةً لمصالحها وأمنها القومي، بعدما ارتفعت وتيرة الأزمة بين أنقرة من جهة، وتنظيم “الدولة” و”الأكراد” من جهةٍ أخرى، فإن عمّان ترقب المشهد بتمعن لمعرفة الآثار المترتبة على الخطوة التركية القادمة.
– دوافع أردنية مشروعة
السلطات الأردنية كانت قد أعلنت على مدار الأشهر الماضية، نية عمان التدخل برياً في سورية لجهةِ فرض منطقة عازلةٍ وآمنة بعد سيطرة المعارضة السورية على كامل الحدود الجنوبية لسورية، بعدما أثقلت التطورات على الحدود السورية – الأردنية كاهل المملكة لا سيما على المستويين العسكري والاقتصادي، من خلال تحريك وحدات عسكرية تابعةٍ للقوات المسلحة الأردنية بصورة مضاعفة، فضلاً عن إغلاق معبر نصيب الحدودي أمام حركة الشاحنات.
وبحسب مراقبين ومحللين عسكريين تحدثوا لـ”الخليج أونلاين”، فإن الأردن سيستفيد كثيراً من نتائج الخطوة التركية القادمة، بالرغم من أن المقاربة الرسمية ما تزال تعتمد على حماية الحدود، دون الدخول في العمق السوري، من خلال اعتماد عمان على “شبكة من العلاقات” سواء أكان ذلك في العراق من عشائر الأنبار والقوى السُّنّية فيها، أم حتى “الجبهة الجنوبية” في سوريا من خلال الاعتماد على الجيش السوري الحر؛ للحدّ من تأثير تنظيم “الدولة” والفصائل الإسلامية الأخرى خصوصاً جبهة النصرة.
وكانت الولايات المتحدة وتركيا اتفقتا على ضرورة إنشاء منطقة عازلة على الحدود السورية التركية يُطرد منها مسلحو تنظيم “الدولة”، وتهدف المنطقة العازلة إلى ضمان أمن دول المنطقة واستقرارها.
– خيارات غير محسوبة النتائج
الخبير العسكري المتقاعد عارف العمري قال لـ”الخليج أونلاين”: إن “الموقف الرسمي الأردني ما يزال يعتمد على ضرورة البقاء داخل الأراضي الأردنية، وإدارة المعركة من الداخل”، معرباً عن أمله في “بقاء هذه المقاربة صامدة، وألّا يضطر صانع القرار في البلاد إلى التفكير في خيارات أخرى غير محسوبة النتائج”.
وعلم “الخليج أونلاين” أن اتصالاتٍ دبلوماسية “أردنية – تركية” بدأت من خلال لقاءات ثنائية ستنطلق قريباً لتوحيد العمل فيما يسمى مرحلة “المناطق الآمنة” شمالي سوريا وجنوبيها، ليتلقى العاهل الأردني عبد الله الثاني بعدها اتصالاً هاتفياً من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وضع خلاله الأخير ملك الأردن في صورة العمليات التي ينفذها الجيش التركي مؤخراً ضد تنظيم “الدولة”، حيث بدأت تركيا قصف مواقع للتنظيم في سوريا، وهو الأمر الذي باركه الملك الأردني، ليؤكد لأردوغان أهمية التعاون بين البلدين في مكافحة ما أسماه “الإرهاب”.
العميد المتقاعد محمد العلاونة أكد في حديث لـ”الخليج أونلاين” أهمية إدراك الأردن لقيمة ما تقوم به أنقرة حالياً، وقال: “الضربات الجوية التركية خطوة أولى، ومقدمة لخطوات قد تتخذها القيادة التركية تجاه أي تحرك يشكل خطراً عليها”.
وبين العلاونة أن “أنقرة بدأت عملياتها ضد “داعش” بالتزامن مع عملية أمنية واسعة طالت عناصر لحزب العمال الكردستاني”، مشيراً إلى “أن أمام تركيا الكثير كي تفعله في سوريا”.
– مشهد قاتم
إلا أن المشهد، بحسب مراقبين تحدثوا لـ”الخليج أونلاين”، ليس دائماً بصورته البيضاء الناصعة، إذ رأى المحلل السياسي علي كريشان أن “دخول أنقرة على خط المواجهة في سوريا، وضرب مواقع تنظيم “الدولة” وعناصره سيدفع عناصر التنظيم للهروب أكثر نحو الجنوب السوري، بعيداً عن المناطق القريبة من الحدود التركية باتجاه الأردن، ممّا سيشكل ضغطاً على الأردن المطالب بتعزيز سيطرته بصورة أكبر ممّا هي قائمة الآن على الحدود”.
وشنت تركيا سلسلة غارات داخل سوريا خلال الأيام الماضية عقب مقتل 32 شخصاً في هجوم بمدينة سروج الحدودية، إذ اتهمت أنقرة تنظيم “الدولة” بالوقوف وراءه، ومثل ذلك تحولاً بارزاً في موقف تركيا، التي شنت أيضاً غارات على معسكرات لحزب العمال الكردستاني شمالي العراق بعد تبنيه قتل جنديين تركيين.
– تبعات الخطوة التركية
وزير الإعلام الأردني السابق، طاهر العدوان، طرح تساؤلاً عن تبعات الخطوة التركية على الأردن بالقول: “هل ستدفع الخطوة التركية الأردن إلى العمل من أجل الحصول على تأييد من التحالف لإنشاء منطقة عازلة بمظلة جوية، هدفها الأول حماية الأمن الوطني للبلاد في ظل تنامي قوة “داعش” و”النصرة” في تدمر وجنوب سوريا والجولان وحوران؛ لأن إمكانية انتقال قوة “داعش” الرئيسية من شمال سوريا إلى جنوبها أصبحت احتمالاً وارداً، إذا ما تعرضت لعمل جوي وعسكري ينطلق من على طول الحدود التركية بمشاركة الناتو وأمريكا؟”.

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top