Résultat de recherche d'images pour "‫بشار الأسد حيوان‬‎"
تتوافق أسباب الثورة السورية مع أسباب الثورات في دول الربيع العربي، ولكنها لا تتوقف عليها، ففي سوريا ثمة أسباب إضافية وحصرية لا تتوافر في البلدان الأخرى، سواء في المنطقة العربية أو في العالم برمته.
قبل أن يستلم الوريث القاصر الحكم، كان السوريون مهانين في بلدهم ويعاملون من قبل الأسد الأب ليس فقط كمواطنين من الدرجة الثانية، بل كقطيع مملوك للراعي.. ضرب الأب مفهوم المواطنة في العمق، وأحل مكانه مفهوم الولاء للقائد الأوحد، القائد الرمز، القائد الأبدي.
كل ذلك سيكون سهلاً بالقياس إلى ممارسات الوريث، فقد وجد السوريون أنفسهم بعد العام ٢٠٠٠ في مأزق من نوع جديد، أقله في الحرج والخجل من وضع سوريا السياسي التي احتفظت بتسمية “الجمهورية” فيما تغير فيها نظام الحكم فعلياً إلى “الملكية”، إلاّ أنها لم تحتفظ بمزايا هذه ولا تلك، وربما كانت صفعة الذل الكبرى التي تلقاها السوريون حينما وجدوا أنفسهم في مواجهة هذا النوع الجديد والمتناقض من شكل الحكم.
المأزق الأكبر، تجلى في شخصية الوريث ذاتها، تلك الشخصية التي أثبتت منذ أول إطلالة لها مدى هزالتها وعتهها، وفيما كان السوريون يشغلون بقاع الأرض بمواهبهم وتميزهم وكفاءاتهم في كل المجالات، صعدت إلى قمة الهرم السياسي شخصية لا تصلح إلاّ للسخرية والتندّر، ومع ذلك عجز السوريون حينها عن مواجهة الأذرع الأمنية التي أحاطت الرئيس الأضحوكة بكل آليات الحماية، فقد كان الضمانة الأساسية لاستمرار نهبها الممنهج لخيرات البلد، ولربما وجدت تلك الأجهزة في اهتزاز شخصية الرئيس الجديد وبلاهته خير وسيلة لاستمرار سلطتها، وضمانة حقيقية للعبث بمقدرات البلاد.
طرح الأسد الابن شعارات اعتقد أنها تبرر وجوده، ولكنه كان يعلم جيداً أنها مجرد شعارات لا بد من رفعها لكي يظهر وكأنه صاحب مشروع، ولكي يوجد المبرر الشكلي لوجوده في السلطة.
لكن الوعد الوحيد الذي برّ به بشار الأسد خلال فترة حكمه اللاشرعي، كان إحراق البلد.
لم يأخذ أحد من السوريين وعود الإصلاح والتحديث والتطوير التي طرحها الوريث منذ بداية اغتصابه لسوريا على محمل الجد، بمن فيهم حاشيته وأتباعه، فنظام الأسدين كان يتعيش على الشعارات دون أن يفكر لحظة في تحويلها إلى واقع، بل كان السوريون متأكدين من أن لا نية للأسد الابن نفسه في تحقيق شعاراته، أو حتى الإحساس بالمسؤولية تجاهها، فكيف لمن يقبل فكرة التوريث في ظل حكم جمهوري أن يحمل معه خطة حقيقية للنهوض بالبلد؟.
في حين تيقّن السوريون في العام ٢٠١١ بأن شعار إحراق البلد الذي رفعه الأسد في بداية الثورة قابل بالتأكيد للتنفيذ، ولكن الوريث فاجأ الجميع بأنه لم يتوقف عند إحراق البلد، بل أخذ ببيعها كتركة، كورقة مساومة أخيرة لمدّ أمد بقائه في السلطة ولو بالاسم، وسرعان ما وجد المشتري، وفتح المزاد العلني.
لقد كانت شخصية الأسد مكشوفة للسوريين منذ اغتصابه الحكم، ذلك مؤكد، غير أنهم لم يصلوا إلى قاع الخسة والنذالة في شخصيته، ربما لم يتخيلوا كم العداء الذي يضمره لهم ولسوريا كبلد.
لو لم تقم الثورة السورية، لكان بشار الأسد مداناً فقط بالفساد والسرقة والنهب، وببعض جرائم القتل المتفرقة، ولكان أتباعه ومؤيدوه وحاشيته وحلفاؤه لا يزالون قادرين على التواري وراء أقنعة متعددة، ولكن الثورة أجبرتهم على إعلان عمالتهم بل والتباهي بها وجعلها البديل الأوحد عن مفهوم الوطنية، وتكريسها كشرط أساسي لمن يريد العيش في سوريا.
لقد قامت الثورة السورية ضد الفساد، فأصر الأسد أن يحولها إلى ثورة ضد القتل وضد الإبادة، ولكنها اليوم باتت تمتلك أسباباً أقوى لاستمرارها، فقد أصبحت ثورة ضد الخيانة العظمى.
كانت احتمالات توقف الثورة ضئيلة للغاية، ولكنها واردة في ضوء اختلال موازين القوى، غير أنها اليوم تبدو ضرورة أكثر من أي وقت مضى، فهي لم تعد ثورة ضد فاسد وارث، ولا ضد قاتل سفاح فحسب، بل ضد عميل مزدوج لكل من إيران وروسيا، وهي عمالة لا تزال مشرعة الأبواب أمام كل الباحثين عن عميل موثوق بخيانته لوطنه.
هاني السليمان. الثورة السورية في سويسرا 

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top