“من هنا مر جنود الأسد” كلمات كتبها جنود النظام السوري على الجدران المتبقية في المناطق التي كان يسيطر عليها، لم يمروا مرور الكرام بل كانت آثار الدمار الواسعة شاهدة على بربرية لم يشهدها التاريخ من قبل، فالمناطق التي خرجت عن سيطرته دُفنت فيها ذكريات شعب بأكمله تحت ركام البيوت.
خلّف القصف الهمجي لقوات الأسد دماراً في الممتلكات العامة والخاصة في سوريا، وبلغت ما يقارب 70 في المئة حسب مراكز إحصائية لعام 2015، و وفقاً لتلك المصادر تصدرت حلب المحافظات السورية في الدمار الذي لحق بها، تلتها الغوطة في ريف دمشق ثم حمص و ادلب ليصبح أكثر من أربعة ملايين لاجئ خارج سوريا و 7,6 مليون نازح في الداخل.
تجلس “أمل” فوق ركام بيتها في حي المشهد بحلب حيث لم يتبق منه سوى أكوام من الحجارة، تدور عيناها الممتلئتين بالدموع باحثة عن أغراضها ، تقول وهي غارقة في ذكرياتها: ” لم يتبق شيء من النباتات التي كنت أعتني بها يوميا وتلك بقايا من غرفة أطفالي، دراجة ابني محطمة وعالقة تحت السقف المدمر اشتريتها هدية له لتفوقه، وبقايا تلك اللعبة كانت لابنتي أيضاً”.
حيثما تجولت في المناطق المحررة في سوريا تذهلك مشاهد الدمار ، حي الوعر بحمص وبستان القصر بحلب والمعرة بادلب والشيخ مسكين بدرعا وغيرها شهدت تلك المآسي . فمن بين الركام تبدو ستائر ممزقة ومدفأة محطمة وبقايا من مطبخ وألعاب لأطفال رحلوا لعالم آخر.
أبو وسام من داريا أب لأربعة أطفال يقول: ” قضيت 15 عاما لشراء منزلي و مستلزماته و أغلبها بالدين فخسرت كل شيء جراء القصف الهمجي على البلدة بالبراميل، لم يتبق منه سوى ملامح غرفة الجلوس و أريكة مدمرة “.
مع أول صرخة منذ أربع سنوات بدأ النظام بحرق بيوت المتظاهرين وتهجيرهم و احتلال منازلهم ليهربوا خوفا من الاعتقال أو القتل على يد جيش عمره أكثر من 50 سنة .
” لقد دمروا كل شيء خزانتي، كتبي فما بين صفحاتها كلمات عن الحب والحرية، سريري الذي رسمت على مخدته أحلاما و قصصا نسجتها في خيالي، احتلوا ملابسي المعطرة بذكريات لا يعرفها أحد غيري”. تلك كلمات عمر شاب جامعي نازح من حي الإذاعة بحلب إلى الريف المحرر.
كل نازح أو مهاجر ترك وراءه ذكريات خاصة، منهم من ترك أريكته أو سريره أو صورا و أوراقا هامة ، تفاصيل يومية و أحلام لا تزال عالقة بأذهان من غادر بيته قسرا هربا من القصف أو الاعتقال فمعظم الأماكن التي اعتادوا سنين على العيش فيها أصبحت ركاما أو أنها خاوية لأنها تحت مرمى نيران قناصة الأسد.
لم يكونوا جنود شارون اليهودي أو هتلر النازي أو حتى جنود هولاكو الذين أهلكوا بذرة الحياة، لقد كانوا “جنود الأسد”.
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.