من حيث المبدأ بدت محادثات ” فيينا ” أكثر جدية من محادثات “جنيف”، لأن الظرف المحيط في ” فيينا ” يميل قليلا نحو ضرورة الحل السياسي، فالنظام لم يعد يمتلك أيا من أوراق القوة وروسيا باتت العامل الحاسم على كل المستويات بعد تدخلها العسكري، لتصبح إيران تابعا للحركة الروسية بعد توقيع الاتفاق النووي وخروج الورقة السورية من دائرة المساومة.
اللافت في بيان “فيينا” رفض النظام لمضمون البيان رغم وجود حلفائه، وخصوصا لجهة تحديد الجدول الزمني، الأمر الذي يحاصر النظام ويقطع عليه عملية المراوغة والهروب من الحوار مع المعارضة، سيما وأن ذلك البيان صادر بوجود الحلفاء.
“جنيف” الأب الروحي لـ”فيينا”
للمرة الأولى تتحدث روسيا عن مرحلة انتقالية وكذلك إيران، بينما كان الحديث في “جنيف” عن ترتيب أولويات بين محاربة الإرهاب أولا أو الشروع في المرحلة الانتقالية، كما أصبح الحديث على بعض التفاصيل ليس جوهريا في حقيقة الأمر، خصوصا النقاش حول مدة المرحلة الانتقالية وطبيعة هذه المرحلة، لكن الثابت في “فيينا” أن “جنيف” مازال صامدا وهو المرجعية وليس البديل أو المنافس من حيث الطرح وربما هذا من أهم الاختراقات السياسية في “فيينا”. ومع هذه المؤشرات الجيدة من لقاءات “فيينا”، لكن من المبكر التفاؤل خصوصا وأن العقدة مازالت قائمة وهي الحديث عن مستقبل الأسد. الذي ربما أن يدخل في دائرة المساومة والخروج الآمن.
لكن في العموم معلومات تشير إلى ليونة روسية في الإسراع بالحل السياسي على أن تخرج من معركة “فيينا” بأفضل النتائج.
وفي ذات الوقت لم يعد التمسك بالأسد من منطلق أنه جزء من العملية السياسية وإنما مسألة يمكن التفاهم عليها في إطار وسياق آخر منفصل على ألا يمس ذلك هيبة الموقف الروسي من الصراع.
لعب المثلث السعودي القطري التركي دورا ناجحا في تثبيت النقاش حول الحل السياسي والإسراع بالمرحلة الانتقالية، ووفقا لمعلومات فإن وزراء خارجية تلك الدول على درجة عالية من التنسيق والثبات في الموقف خلال لقاءات “فيينا”، خصوصا لناحية دمج مساري “فيينا” و”جنيف” في مسار واحد.. والخروج ببيان الحوار بين المعارضة والنظام يمكن أن يكون أرضية صلبة يفيد حشر النظام أمام المجتمع الدولي.
تحديات المعارضة العسكرية والسياسية
هذا المشهد في “فيينا” وحالة الاستقطاب الدولي حول الملف السوري، أشبه بسيناريو نظري من المبكر تنفيذه على الأرض مادامت الفجوة بين النظام والمعارضة كبيرة، خصوصا وأن الفصائل المقاتلة على الأرض لم تدل بدلوها رغم كل هذا الحراك الدولي.
ولعل صمت هذه الفصائل وعدم الإدلاء بأي موقف –كما كانت العادة- من زحمة بيانات للفصائل يشير إلى حالة من الترقب والتشاور تدور على الأرض تعكس على الأقل ضرورة الوعي باحترام ما تقوم به الدول الصديقة (تركيا- قطر – السعودية).
وحسب معلومات دقيقة وموثوقة حصلت عليها مصادر ، فإن الفصائل الكبرى والفاعلة على الأرض اليوم، أكثر قناعة بضرورة تلازم المسارين السياسي والعسكري. وهذا يمكن الطرفين من أن يقدم على أي عملية تفاوضية بشرعية ميدانية قوية.
في غضون أيام، وحسب تصريح سابق لأمين عام الائتلاف فإن إعلان القيادة العسكرية العليا سيكون جاهزا، وبالطبع هذا الإعلان ليس وليد المصادفة، لذا على كل الفصائل أن تلتف حول هذا الإعلان –على الأقل- حتى تنتهي معركة “فيينا” وتتضح رؤية الحركة الدولية لحل الأزمة والبدء بعملية سياسية.
ماذا سيفعل الروس قريبا ؟
رغم التأكيد من أكثر من طرف، أن روسيا بدت مرنة إلى حد ما لجهة الإسراع بعملية سياسية، إلا أنها لن تكون بهذه المرونة التي يتخيلها البعض، ومن المتوقع أن تلجأ إلى أمرين:
الأول؛ استغلال الهيجان الدولي ضد عملية باريس وتوجيه ضربات للمعارضة على الأرض بذريعة ضرب مقرات “الدولة الإسلامية”، وقد حدث ذلك أمس حين بدأ التنسيق الروسي الفرنسي في ضرب مقرات في مدينة “الرقة” تابعة للدولة.
والهدف من هذا إرسال رسائل متناقضة حول العملية السياسية ورفع سقفها بالخروج بأكبر قدر ممكن من التنازلات من قبل المعارضة.
الأمر الثاني؛ إعادة تشكيل المعارضة لتجمع كل الأطياف (الغث والسمين)، من المشاركين في حوار القاهرة إلى حوار موسكو إلى شخصيات لا علاقة لها بالأزمة لتدخل العملية التفاوضية في “فيينا” في دوامات سياسية تعيد خلط الأوراق على الائتلاف.
ربما يحدث هذان الأمران ولكن حدوثهما بحد ذاته لا يقلق، وإنما مصدر القلق استمرارهما الذي يعني العودة إلى المربع الأول وبالتالي استمرار الصراع. ” زمان الوصل “

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top