قصف دوما ـ أرشيف
الثلاثاء 08 سبتمبر / أيلول 2015
لعل أصعب موقف يتوقف أمامه المسعفون في مدينة دوما بريف دمشق بعد عمليات القصف التي يشنها النظام علي المدينة هي تحديد الأولى بالعلاج أولاً بين المصابين، إذ أنهم يدركون أن من يترك لوقت لاحق ربما يكون قد لفظ أنفاسه الأخيرة عندما يحين دوره.
ويقول مسعفون في دوما إنهم واجهوا هذه المشكلة كثيراً في الأسابيع الأخيرة أثناء عملهم لإنقاذ أرواح الرجال والنساء والأطفال الذين يصابون بالغارات الجوية لطائرات النظام.
وبحسب حصيلة لرجال الإنقاذ المدني سقط منذ منتصف أغسطس/ آب في دوما أكثر من 520 شهيداً في الغارات الجوية أكثر من 100 منهم في يوم واحد، وذلك في 16 أغسطس/ آب.
وقد شاهد الجراح أنس عشرات من أهالي مدينته الجرحى وهم يملأون مستشفاه في دوما، وأثناء إجراء جراحة لرجل مسن مصاب بشظايا في صدره استدعي لفحص رضيعة مصابة بجرح قرب قلبها. وترك أنس ممرضة كلفها بالضغط على جروح الرجل المسن وكله أمل أن يظل على قيد الحياة حتى يعالج الرضيعة.
قال أنس (اسم مستعار) "تركت صدرها مفتوحاً بعد السيطرة على الحالة"، وأضاف "أسرعت إلى الرجل المسن لأجده قد فارق الحياة. داهمني شعور غريب جداً في تلك اللحظة. وعدت إلى الرضيعة والدموع في عيني وأنا أدعو الله طول الطريق أن تكون على ما يرام. والحمد لله أن الطفلة في حالة طيبة الآن."
وندد مبعوث الأمم المتحدة في سورية بالهجوم الذي وقع في 16 أغسطس/ آب على دوما ووصفه بأنه مدمر.
وتأكد محققو الأمم المتحدة من أن غاز السارين استخدم في الغوطة الشرقية في الهجوم الذي وقع يوم 21 أغسطس/ آب عام 2013. واتهمت الولايات المتحدة دمشق بشن ذلك الهجوم الذي سقط فيه 1429 قتيلاً من بينهم 426 طفلاً على الأقل.
وقال طبيب آخر يعمل في دوما اسمه باسل إن أعمال القتل الأخيرة أسوأ في بعض جوانبها من الهجوم الكيماوي. وأضاف في حديثه "قبل عامين كانت لدينا جثث نظيفة وكاملة لدفنها دون أي أعضاء مفقودة."
وقد دمرت الغارات الجوية الأخيرة - بما فيها هجوم 16 أغسطس/ آب الذي أصاب سوقاً، أكثر من 200 منزل في دوما طبقاً لتقديرات الدفاع المدني في ريف دمشق الذي يعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. ووقعت أحدث ضربة جوية الأسبوع الماضي وأسفرت عن مقتل أسرتين، ودفن القتلى في قبور جماعية.
وقال متحدث باسم الدفاع المدني اسمه سراج دوما: "الآن ما نطلبه هو استراحة بين الغارة والأخرى حتى يمكننا على الأقل البحث عن الباقين على قيد الحياة تحت أكوام الركام."
وأضاف المتحدث أن سبعة أفراد من الدفاع المدني قتلوا في الهجمات "هل يمكنك أن تتخيل المرحلة التي وصلنا إليها؟ هذا ما نطلبه الآن."
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني إن مناشدات وجهت إلى جماعات حقوق الانسان والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. وأضاف "لم نتلق منهم شيئاً سوى آذان صماء فلم يتواصلوا معنا أو حتى يستفسروا عما حدث."
وكوسيلة للاحتجاج وطلب المساعدة دعا أكثر من 20 طبيباً يعملون في دوما كل الأطراف إلى وضع نهاية للعنف.
وقال الطبيب باسل "نريد أن يكون صوتنا مسموعاً. نريد أن نقول لكل الأطراف التي تقاتل أبعدوا المدنيين"، ويتذكر باسل أنه حاول معالجة 500 شخص في وقت واحد بفريق من خمسة أطباء فقط. وظل يعمل لساعات دون استراحة حتى وجد نفسه يجري عملية لصبي عمره 12 عاماً تصادف أنه من أقاربه واضطر لبتر إحدى ساقيه لكنه أنقذ الساق الأخرى.
وقال الطبيب ماجد أبو علي إن الغوطة الشرقية شهدت المشهد نفسه قبل ثلاثة أعوام. وقال: "لم يتغير سوى التواريخ. ربما تختلف بعض التفاصيل أو الأعداد."
وأضاف "كيف يمكن لطبيب أن يختار بين مريض وآخر عندما يكون الاثنان على مستوى واحد من الإصابة والخطورة؟ هذا هو أصعب شيء في الحقيقة، عندما يمكن للوقت والأدوات المتاحة لك أن تنقذ حياة انسان واحد فقط.
المصدر: 
رويترز ـ السورية نت

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top