img

مكن ببساطة ملاحظة العلاقة الزمنية بين إطلاق تصريحات «عدائية ومشككة» مجددا ضد الأردن على لسان الرئيس السوري بشار الأسد وبين جلوس عمان على طاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في محادثات من الواضح والمرجح أنها تطال وتستهدف حصريا الملف السوري، خصوصا بعد فتح القنوات بصورة موسعة بين روسيا وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
بالنسبة لمؤسسات القرار الأردني يعبر الرئيس الأسد عن أزمته الشخصية في الواقع وهو يناكف فجأة، بالتزامن مع زيارة الملك عبدالله الثاني لموسكو بدعوة منها.
وفي الإطار نفسه تبدو عمان متحمسة بعد تصالحاتها وتفاهماتها مع وزير الدفاع السعودي لإنجاح إستراتيجية الاحتواء أكثر على أساس الحل السياسي الذي كان دوما يدعو إليه الملك عبدالله الثاني.
في التقييم الأولي لاستهدافات بشار الأسد ضد الأردن عبر محطة «المنار» برزت ملاحظة مهنية دبلوماسية تم تدوينها مبكرا في أروقة الخارجية الأردنية، الرئيس بشار عاد لتكرار إسطوانة التحرش بجيرانه الأردنيين في إطار رسالة معترضة منه لموسكو لا يستطيع لأسباب مفهومة إعلانها على التفاوض مع الأردن كطرف عندما يتعلق الأمر بالملف السوري.
معنى الكلام هنا واضح ومباشر النظام السوري، الذي لا يملك في الواقع قراره السياسي المستقل مرحليا ويفوض الروس بأغلبية التفاصيل، اختار توقيتا اعتراضيا لتذكير العالم بأن المملكة الأردنية الهاشمية جزء من المسار الأمريكي وبأن الدولة الأردنية ليست مستقلة بقرارها السياسي.
مجددا تتمسك عمان بإستراتيجيتها في تجنب الرد والتعليق على مثل هذه التهويمات من جانب القيادة السورية، وفي مشاورات تقييميه في مجلس الوزراء الأردني توافق جناح وزراء الملف السياسي مبكرا على تصريحات بشار في الواقع تعبر عن أزمته الذاتية وعن الاحتقان، لأن تفاصيل مستقبل الملف السوري تناقش مع الجار الأردني في الواقع.
نظرية عضو البرلمان الأردني الأسبق مازن القاضي كانت تتحدث مبكراعن استحالة أي حل بأي إطار في سوريا من دون الأردن، والساسة الكبار في العاصمة عمان يتحدثون يوميا عن حكم الموقع الجيوسياسي وعن معادلة اللاجئين السوريين التي تجعل الدولة الأردنية طرفا مباشرا في أي حوار إقليمي أو دولي له علاقة بمستقبل سوريا أو حتى بوضعها الحالي.
بكل الأحوال لا تتوهم عمان بأنها صانعة قرار في السياق ولا تزعم انها خارج المحور الأمريكي، لكنها تدرك ان نظام بشار مأزوم ومتأزم ولا يستطيع في الواقع اتخاذ أي قرارات فردية، بعيدا عن إيران وموسكو وحتى «حزب الله» ميدانيا ما يعزز نظرية الإدارة السياسية للموقف من المسألة السورية على أساس الاستمرار في منع النظام أو معارضيه من نقل الأزمة للأردن.
عبر عن ذلك رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور عندما التقته «القدس العربي» عدة مرات وتحدث عن هذه الإستراتيجية الناطق الرسمي محمد المومني عدة مرات أيضا.
وعمان بهذا المعنى لم تتسرع في الرد أوالتعليق على تصريحات الرئيس بشار عبر محطة المنار مباشرة، واختارت الرد غير المباشر لأن الأردن هو الذي يجلس على طاولة تقرير مصير سوريا، ونظامها في نهاية المطاف مع أطراف عربية وإقليمية أخرى في الوقت الذي يكتفي فيه بشار الأسد بالتحرش بمساحة الاستقلال في القرار التي لا يدعيها أصلا الأردن ولا يزاود فيها، حسب الناشط السياسي علي عيسى، على أحد.
في الحسابات الأردنية المعمقة النظام السوري بشكله الحالي انتهى ولا مستقبل له، لكن المخاوف متواصلة من ثأريات وانتقامات هدفها تصدير الأزمة للجوار وإشاعة المزيد من الفوضى الانتقامية على حد تقدير الرئيس النسور.
وعند هذه المحطة تحديدا يفيد ما يرشح عن الجيش الأردني العربي بالجاهزية الكاملة لكل الاحتمالات والسيناريوهات، بما فيها مقاومة التهريب بصورة شرسة والإصرار على الضبط الكامل لكل معطيات الحدود واللجوء السوري الطويل في المملكة.
القدس العربي

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top