img

ان ترفض خيار اللجوء وتذهب للعيش بين المخيمات، فمن المؤكد أنك مجنون او ان شيئاً ما في عقلك يحتاج الى اصلاح، هكذا سيقول عنك من يعرف قصتك، بل انه سيشعر بالغرابة أكثر عندما يعلم أنك لاتكاد تجد ثمن رغيف الخبز في حين انك تعمل ليل نهار في سبيل تأمين مساعدات لعائلات فقيرة في المخيمات، قد يعتبر البعض هذا الكلام خيال لكنه حقيقة، لا ننكر انها عند قلة قليلة من الشباب السوري، لكنها قصص حقيقية قد لايسمع عنها جمهور الفيس بوك الازرق ولا التويتر المغرد في سرب اخبار المعارك الحربية والانتصارات او الهزائم العسكرية.
كرم سوري شاب يعيش في طرابلس اللبنانية، يسكن في غرفة اقل تشبيه مناسب لها انها ” زنزانة انفرادية” تتألف من شباك واحد وباب واحد، بعض من حوله يصفه بالـ ” الغبي ” لكونه لم يكمل طلبات اللجوء الى فرنسا رغم الموافقة عليها واختار البقاء للعمل في المخيمات السورية في الشمال، يعمل يوميا بين المخيمات، جهده نحو الاطفال وتحديداً ممن يعانون من حالات نفسية صعبة نتيجة الحرب، يحاول ان يؤمن لهم احتياجاتهم عبر جمعيات يعرفها، حيث تراه ” يشحذ الالعاب لاجلهم” حيث يقول:” في سورية تركت قبور اخوتي الثلاث وابي وامي جميعهم استشهدوا تحت القصف، لم استطع يوما ان اتخيل انني سأبعد عن سوريا، وقبور اقربائي جعلوني اتمسك بالبقاء في لبنان على امل العودة، والاطفال هم سر سعادتي في محيط البؤس الذي اعيش به، رفضت الهجرة لايماني انني استطيع تقديم شيء هنا وهذا الشيء اقوم به على أكمل وجه، قد لااكون نجماً فيسبوكيا لكنني بين الاطفال الذين احبهم نجم وبلا منازع … وهذا يكفيني”.
في حين خالد عبد الواحد من فريق ملهم التطوعي في لبنان ، هو الاخر عينه تحتاج الى عملية جراحية، وبدلاً ان يعمل على تأمين علاجها، تجده بين المخيمات السورية وحين يأتي يشعر الكثير من سكان المخيمات بقدوم الفرج لهم، فهو اما يقدم لهم ايجار الخيم او طعام او لباس للاطفال او يأتي لاخذ امراة مسنة الى الطبيب او يأخذ طفل مريض ليؤمن له العلاج، وحين تساله عن سبب عمله دون مقابل يقول لك:” التطوع .. يجعلني قريب من اهلي واحبابي ويعطيك الدافعكي تبقى بنفس نشاطك و قوتك بالعطاء تجاه أولاد بلدك المهجرين .. التطوع بعيداً عن الشي الوظيفي يجعلك تتحدى ذاتك، فرغم كل الصعوبات المعيشية و الاجتماعية التي اواجهها في بلاد اللجوء، لكنني انساها كلها عند اول ابتسامة من طفل سوري اقدم له دواء او طعام او لباس، يكفيني انني اعمل بصمت دون أي ضوضاء ويكفني ان ربي يرى عملي لااحد سواه”.
بين المخيمات اذا قررت عزيزي القارئ وتجولت بينها ستجد عشرات الشباب والفتيات لم يجعلوا اللجوء خيارهم بل تجدهم كخلية نحل تعمل بين المخيمات حتى اليوم، منهم في التعليم أو في الاغاثة أو في العمل الطبي، منهم من رفض فرصة لجوء ومنهم لم يفكر بها اصلاً، هم يطلق عليهم البعض مجانين … بينما هم في الحقيقة سخرو أنفسهم للعمل لاجل السوريين الذين دفعوا ثمن الحرب … هم اختاروا العيش بالفقر واشتروا العيش بين المخيمات بذهب الارض … هم قصص حقيقية ليست مشهورة على صفحات الفيس بوك الازرق.
كلنا شركاء

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top