img

قيل في الزبداني إنها فردوس النعيم في هذه الدنيا والجنة الفتانة الوارفة الظلال والوارفة الغلال والذائعة الصيت في الأناقة والسحر والمحاسن الفاتنة الطبيعية وموطن الفن والشعر والخيال (مصايف الزبداني) التي توافرت فيها شروط الاصطياف وامتازت عن سائر المصايف في بلاد الشرق.
كلمات تختصر مكانة هذه المدينة في تاريخ سوريا القديم والمعاصر، حيث حولها حقد نظام الأسد وداعميه إلى ركام نتيجة صب أطنان من المتفجرات والأسلحة الفتاكة لإرغام أهلها على الخنوع والرضوخ للظلم و التبعية التي يريدها نظام الأسد.
أهمية الزبداني
ثلاثون يوماً مضى على بدء العملية العسكرية الضخمة التي قام بها حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري في الرابع من يوليو /تموز الماضي للسيطرة على منطقة الزبداني الواقعة في ريف دمشق الغربي والقريبة من الحدود مع لبنان، حيث بدأت العملية بشن هجوم بري على الأطراف الغربية والجنوبية لاقتحام المدينة، ولكن جوبه الهجوم بتصدٍ أسطوري لمقاتلي المعارضة المسلحة الذين دافعوا عن المدينة بكل بسالة، وتقسم “منطقة الزبداني من حيث الأهمية إلى قسمين: الأول هو مدينة الزبداني والتي إن تحققت السيطرة عليها ستكون نصراً إعلامياً أكثر من أهميتها الاستراتيجية على مستوى المعارك الدائرة في منطقة القلمون، حيث أن المدينة محاصرة بأكثر من ثمانين نقطة عسكرية، متمركزة في الجبلين الشرقي والغربي، وبعض هذه النقاط تحتوي على مدفعية ثقيلة ودبابات، وراجمات الصواريخ.
أما القسم الثاني من المنطقة فهو سهل الزبداني والجبل الغربي، والذي يحاول حزب الله السيطرة عليه كونه يمتد حتى جديدة يابوس ومعبر المصنع اللبناني، وذلك من أجل تأمين الطرقات الرئيسية التي تمر بالجبل الغربي بشكل كامل. وهي طرقات يستخدمها النظام وحزب الله لنقل الأسلحة والذخائر بين سورية ولبنان.
وبعد مضي شهر على بدء الملحمة سقط على المدينة أكثر من 1100 برميل متفجر وما يقارب 800 صاروخ فراغي، وحوالي 1000 صاروخ أرض – أرض من الحواجز المحيطة بالمدينة، ونزوح أهلها البالغ تعدادهم ما يقارب الـ 70 ألف نسمة إلى مناطق مضايا وبلودان المجاورة، أرقام توحي بحجم الكارثة التي لحقت بالمدينة نتيجة الهجوم الأخير.
صمود أسطوري
لم تستطع ألة الحرب الهمجية التي استخدمها نظام الأسد وداعموه من حزب الله من كسر إرادة المقاتلين المدافعين عن المدينة، بل إن كل محاولة اقتحام للمدينة يقوم بها الحزب والنظام كانت تكبده خسائر بشرية فادحة، حيث بلغت حصيلة قتلى الحزب منذ بدء المعارك ما يقارب 200 قتيل بينهم قياديون وذلك حسب مصادر الحزب نفسه، حيث يقوم موقع “جنوبية “اللبناني ببث أخبار وصور قتلى الحزب في معارك الزبداني، وأورد الموقع اليوم خبراً يتحدث عن مقتل شابين قاصرين جرى تشييعهما في الجنوب اللبناني وهما محمد علي نعمة وطارق علي موسى قتلا في معارك الزبداني، فيما يحاول حزب الله إيهام أهالي القتلى بأنهم قتلوا في الجنوب اللبناني في “مهمة جهادية”، بينما يدفع الحزب فاتورة بشرية كبيرة في سوريا نتيجة مساندته للنظام السوري.
وفي شهادة لأحد ضباط النظام في الزبداني وهو يروي لأحد وجهاء المنطقة قصة محاولة اقتحام المدينة من الجهة الغربية حيث يقول: “تقدمنا من الجهة الغربية وبدأ التمهيد المدفعي أكثر من150قذيفة و6 صواريخ فيل على مربع سكني لا يتجاوز العشرين بناء متتالي… وبدأ زحف المشاة ..40 من حزب الله 24 من جيش النظام وحوالي 13 من الدفاع الوطني وبتغطية نارية كثيفة من مدافع 23 ودوشكا وبي كي سي، وماهي الا ثواني حتى بدأ جنودنا بالتساقط بطريقة… عجيبة بطلقات قناص متمترس في أحد المباني أردى سبعة جنود على التتالي….. تراجعنا ولم نستطع اول الامر سحب الجثث… وطلبنا التمهيد المدفعي من جديد… وفعلاً احترقت الارض… .واصبحت المباني العشرين شبه مدمرة ..وكذلك التغطية بالسلاح المتوسط
فحاول جنود النخبة من حزب الله التقدم فسقط اثنان منهم بلمح البصر بطلقتين فقط…
فعدنا للتراجع واستعنا بسلاح الميغ بعد حصر مصدر النار بزاوية تمتد لثلاث ابنية… فأغارت الميغ بغارتين في كل غارة صاروخين فراغيين… فأصبحت المباني ركاما… وما استطعنا المغامرة فطلبنا من الطيران المروحي المساعدة وبنفس احداثيات الزاوية… فألقى اربع براميل….
وبعد كل هذا في اول خطوة… نحو بداية الكتلة السكنية… خرجت طلقة فقتلت الملازم حسن… طلقة واحدة فقط…
أصبحت المباني كأنها دشم متعددة من الفولاذ… عدة اسطح ..وجدران لا يمكن لقذائف مضادة للدروع اختراقها… تمترس القناص… واصبح التقدم من محوره شبه مستحيل”
يضيف قائلاً: ” اي نوع من البشر هم مقاتلوا الزبداني… اي صبر واي جلادة عندهم….. بتنا نشك ببشريتهم… ”
شهادة حية من داخل النظام تظهر مدى انخفاض الروح المعنوية لدى جنود الأسد وميليشياته، وانعدام الوسيلة لاقتحام المدينة، كما يجسد بحديثه أسطورة الصمود التي يبذلها المدافعون عن المدينة…فعلاً يجب أن تسمى “ستالينغراد” سوريا .
أزمة إنسانية
اعتمد النظام منذ البداية على المدنيين كورقة ضغط على مقاتلي المعارضة، حيث قام بتهجير آلاف السكان إلى المناطق المجاورة كـ بلودان وبقين ومضايا، هذا عدا عن محاصرتهم ومنع إدخال المواد الإغاثية إليهم واستهداف سياراتهم بالرشاشات على الطرق، وهذا ما دعا المنظمات الدولية والإنسانية للمطالبة بإنقاذهم من نير المعارك الدائرة.
ربما لن تكون الزبداني هي المدينة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتم تدميرها بشكل ممنهج لإخضاعها، لكن صمودها بهذا الشكل يشكل ضربة موجعة للنظام ويجعلها شوكة في حلق النظام كونها تقع في منطقة قريبة من الحدود اللبنانية التي من المفترض بالنسبة له أن تكون مؤمنة بشكل تام لضمان تدفق مقاتلي حزب الله إلى سوريا لمساندته في المعارك “المصيرية” التي يخوضها ضد شعبه.
المصدر: اتحاد الديمقراطيين السوريين

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top