المحرقة السُنيّة والخطيئة العظمى في سوريا.. د محمد عطري*

الكاتب : د محمد عطري
كاتب واعلامي سوري.

خمسون عاما والمحرقة السنيّة ما تزال ترسم فصولا جديدة في سوريا فالأمة التي وجّهت بحقها محرقة شاملة وإبادة جماعية لم تقتصر على التصفية والقتل بل تعدتها لتصل إلى حد الإلغاء القسري والاستئصال الكلي، هكذا هو حال الأمة في سوريا ونحن نقول ونؤكد بأن ما نعنيه بالأمة هو السواد الأعظم في سوريا وفي العالم الإسلامي (السُنة) فهم الأمة، وهم ليسوا كغيرهم طائفة أو أقلية، ورغم كل ذلك من أن الأمة في سوريا هي الأغلبية وهي الأصل المُتجذّر وهي التي استوعبت واحتوت كل الأقليات والطوائف عبر التاريخ إلا أنّ طائفة وأقلية جاءت من هامش التاريخ لوهلة من الزمن، فصادرت قرار الأمة في غفلة من الزمن واستعبدتها واستأصلتها من أي نفوذ أو سلطة أو حقوق، ليظل هذا الاختطاف القسري لحقوق الأمة وكرامتها أكثر من أربعة عقود ويصل إلى الأنفجار المزلزل بالثورة على حكم الطائفة العلوية الأسدية.

يحلو للبعض أن يصف ويسمي الطائفة الباغية المعتديّة (الطائفة العلوية) بالطائفة الكريمة وأنا أقول أن الوصف الحقيقي لها هو (الطائفة اللئيّمة)، دعونا نتكلم بصراحة عن محرقة الأمة في سوريا، حيث كانت التهم التي اخترعتها العلوية السياسية والأمنية في سوريا جاهزة لتكميم أفواه الأمة التي تعرضت للمحرقة والإبادة فكانت هذه التُهم من قبيل "إثارة النعرات الطائفية" إلى جانب أخواتها من مثل "وهن روح الأمّة"، و"إضعاف الشعور القومي" مُعدّة من الطائفة الباغية المعتدية وموجهة ضد الأمة في سوريا، حيثُ نفذت المحرقة السنيّة المستمرة منذ أربعة عقود وهذه المحرقة تدعونا لنتكلم عن المجازر والمجازر التي وصلت للإبادة الممنهجة بحق الأمة في سوريا، نعم إنها المحرقة والخطيئة العظمى التي سيخلدها التاريخ، ولكن من أين نبدأ وكم من المجازر سنذكر ونُحصي؟! عن مجزرة حماة، أم مجازر حلب، أم تدمر، أم المشارقة، الحولة، البيضا، الخالدية، التمانعة، بانياس، جديدة الفضل، داريا، والقائمة تطول لجرائم هذه الطائفة وحرب الإبادة والمحرقة التي قادتها العلوية السياسية والأمنية ضد الأمة في سوريا الأمة والأمويين فقد أصبحت في كل مدينة سورية مجزرة كمجزرة حماة.

لقد كانت هذه الطائفة متقدمة دائما بالإجرام والوحشية على أصحاب القرار فيها من العلوية السياسية والأمنية، حيثُ كانت مطالبة الخاضنة الشعبية لأصحاب القرار من العلوية الأمنية والساسية سبّاقة دائما بسحق وإخفاء الأمة السنيّة في سوريا والمطالبة بالحسم العسكري وحرق وإبادة كل المعارضين لها، وحرق كل من يحاول أن يشاركها في حكم سوريا من أربعة عقود إلى الآن، إلا من مناصب شكلية لا قيمة لها أو وزن، فرئيس الوزراء السوري الذي دائماً يعين من السُنة تُلّخص مهامه في إقرار تقديم الساعة ومن ثمّ تأخيرها مع كل ما يستوجبه القرار من تبعات وأحكام قضائية وتنفيذية وإدارية بالإضافة إلى حضور اللقاءات والزيارات وتصويرها على التلفزيون الرسمي للنظام.

لقد شخّص المفكر السوري صادق جلال العظم الحالة المرضيّة التي تعيشها سوريا منذ أربعة عقود واصفا ما يجري الآن في سوريا بالثورة التي لا يمكن أن تتوقف أو تصل لخاتمة بدون سقوط العلوية الساسية في سوريا وهذا كلام صحيح ويمثل جزء من الحقيقة لأنه يقتصر على بنية جزئية وهي العلوية الساسية، والحقيقة أنّ المشكلة متجذرة ومتعددة، فخاتمة الثورة وانتصارها لن يكون إلا بانتهاء المحرقة السنيّة والخطيئة العظمى التي ارتكبتها هذه الطائفة بحق الأمة وهذا يعني بلا شك سقوط العلوية الأمنية والمخابراتية وسقوط العلوية العسكرية المهيمنة على كل مفاصل الدولة وأجهزتها الأمنية.

ولا بُدّ أيضاً من سقوط العلوية الاقتصادية الإقطاعية وسقوط العلوية الاجتماعية التي أصبحت طبقة أعلى من المجتمع السوري، وأصبح البعض في دمشق يتكلم باللهجة العلوية، ليحسب على هذه الطبقة وليحصل على مكانة ومكتسبات أكثر، ولابُدّ أيضا من سقوط العلوية الإعلامية والثقافية التي صبغت القنوات الإعلامية بطيف واحد ومكون واحد، ولابُدّ أيضا من سقوط العلويّة الإدارية والتعليمية، فلا يعقل أن يكون أكثر من نصف معلمي ومعلمات ومديري ومديرات المدارس وأساتذة الجامعات من الطائفة العلوية وأكثر من 95% من مُبتعثي الدولة السورية للدراسة في الخارج من الطائفة العلوية و5 % من باقي الطوائف، ولابُد من سقوط العلوية التشبيحية والعلوية القومجيّة والعلوية الدبلوماسية، ولابُدّ أيضاً من سقوط العلوية الثقافية المتمثلة في الإباحية والشذوذ وحياة المجون الغريبة على المجتمع السوري، ولابُدّ أيضاً من سقوط الاحتلال العلوي للأماكن والمناطق والممتلكات التي اغتصبوها واحتلوها في دمشق وحمص وحلب وكل المدن السورية والتي تعود للأمة في سوريا.

من هُنا نقول إن الجريمة الحقيقية هي التستر على المحرقة الهولوكوستية الأسدية وحرب الإبادة الموجهة ضد الأمة في سوريا، فلا بُدّ من العمل على فضح جرائم العلويين الطائفية في سوريا بكافة السبل والطرق، وأولها إعلاميا كما حصل في برنامج الاتجاه المعاكس للإعلامي السوري الوطني فيصل القاسم وضيفه ماهر شرف الدين، فهذه هي الخطوات الأولى للخلاص في سوريا، وهي بداية لبلورة انتصار الثورة فإنّ تسمية الأمور بمسمياتها وطرحها لهو الحل بعينه، فالتستر والتقوقع خلف الشعارات الوطنية والكلام المعسول عن الطائفة "الكريمة"، وحماية الأقليات وغير ذلك من الضحك على الذقون ما عاد يجدي نفعا، فقد اتسع الخرق على الراقع وتفشى الورم واستعصى، فلزم استأصله وإراحة الجسد من خبثه، فالتخلص من العلوية الساسية والأمنية والاجتماعية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وسقوطها ضرورة أخلاقية وإنسانية ووطنية وحضارية ملحّة، فمحال محال أن تستمر المحرقة السنيّة بعد هذا الزمن الجديد في سوريا (زمن الثورة).

إن ما تتميز به الثورة السورية عن غيرها من الثورات العربية أنها تواجه دولة طائفية عميقة ومتجذرة لأكثر من أربعة عقود في كل مفاصل الدولة وهذه الدولة العميقة قامت على طائفة أحادية ألغت وأقصت الجميع، ولذلك طال زمن الثورة السورية وكبُرت تضحياتها، فهي ليست كباقي الثورات العربية التي واجهت ديكتاتورا وطاغية وحاشيته الفاسدين المفسدين في ظل نظام تقليدي فاسد، بل هي ثورة تواجه كتلة طائفية أحادية ونظام طائفي غير تقليدي وغير اعتيادي وأيضاً تواجه أذرعا طائفية متوغلة في الوحشية والإجرام من حزب الله وعصابات إيرانية و عراقية. 

في سوريا الأسد كانت المحرقة الطائفية تنفذ بدقة وصمت ضد الأمة في سوريا إلى أن اشتعلت الثورة المباركة، وكشفت الطائفة الباغيّة المُعتديّة والتي سيكون سقوطها بمثابة تصحيح لمسار التاريخ وعودة الحق لأصحابه وإنهاء المحرقة والخطيئة العُظمى التي نُفذت بحق الأمة السورية لما يقارب النصف قرن.
المصدر. زمان الوصل 

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top