المواد المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع ...
تاريخ النشر: 25/07/2015
على أعتاب السنة الخامسة للثورة السورية المباركة صدر عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ملف سنوي يرسم صورة شاملة تغطي طيف المشهد السوري وتستشرف مستقبله، في أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وذلك بعد أن أصبح شديد التعقيد، والتراكبية.
ويعتمد العرض على الاختصار ليسهل على القارئ المهمة، وعلى عمق يمتع الذي يبحث عن أجوبة شافية. يقوم الملف برسم الإطار الأوسع للصراع على سورية في بيان التدافعات الإقليمية التي تحيط بالثورة، فتحدد مجراها وتضع سوراً لمآلاتها وتغرس فيها تناقضات عميقة، وتستجلب مخيلات تستأسد فيها الطائفية الإيرانية، وتنكأ جراحات تمتد من الشيشان شمالاً إلى اليمن جنوباً ومن شط العرب شرقاً إلى أقصى تخوم الغرب غرباً، في واحات بلاد الشام مواجهات إقليمية تصطف جراءها القوى الدولة العالمية راكضة وراء مصالح قريبة ومخاوف مصطنعة لتنحر مبادئ وشعارات طالما تفاخرت بها.
وما كان لثورة بهذا الكمون الهائل ألا تنساح آثارها، ولذلك يعرج الملف على فاعليات تشكيل معادلة توازن جديد في منطقة شرقي المتوسط، تضطلع بحمولاتها محاور متقاطعة وتحالفات متضاربة، بما في ذلك الكتلة الخليجية التي هي من وجه مبادرة بعد أن أصحبت محاصرة بالمد الإيراني الذي يغامر نشوة تاريخية وانتحاراً، ويقاوم محاولة انتزاع مرساته التي غرسها في سورية عنداً وإصراراً ومن وجه آخر لم تحسم هذه الكتلة أمرها في ربيع حجب ما قبله إلى غير رجعة.
ويعرج الملف على الخيارات التركية المعقدة، وتداخل تبعات الثورة السورية مع تحديات الداخل التركي والملف الكردي، ويشير إلى المعضلة التركية في إقامة مناطق آمنة شمالاً، وهي التي لا يمكن أن ترى النور بلا تفاهم دولي. كما يقوم الملف بتحليل التناذر الإمبراطوري الإيراني ومحاولة تسويق نفسه كشرطي للمنطقة.
ثم ينتقل الملف إلى الساحة السياسية فيفند دعاوى تماسك نظام دمشق، ويحلل إمكانية محاربة الإرهاب عبر هذا الطريق. ويؤكد على أن مبادرات التجميد والتسكين لا تملك حقيقة أدوات التأثير والحل وتنتهي عملياً بتمكين الأجندات التوسعية لإيران التي تشاركت مع فاعليات محلية تزيد في إضرام نار الطائفية وحمى الإرهاب. ولا مناص إذاً من تبني مدخل متعدد الوجوه يستخدم الضغوط الدبلوماسية لتمكين المعارضة، إلى جانب دعم فصائل المقاومة الوطنية، إضافة إلى تمكين البنى المحلية التي نشأت بعد الثورة.
ويعرج الملف على الأبعاد الاقتصادية للواقع السوري، فما دام هنالك بشرٌ يفتقرون إلى القوت والماء والصحة، فلا بد من أخذ ما وصلت إليه هذه الأبعاد من حال مترد نتيجة إجرام النظام الحاكم وتجاهل المجتمع الدولي، مع التنويه إلى مداخل للتعامل مع الواقع بطرق إبداعية منخفضة التكلفة.
ختم الملف أخيراً إلى التأكيد على أن ثورة الحرية لم تخبُ رغم استمرار طغيان النظام المستبد لسنة خامسة ورغم تفاقم صراع القوى الإقليمية والدولية، إلى جانب تنامي ظاهرة العنف العبثي التي تعبر عنها كيانات عابرة للحدود. ويؤكد استمرار الروح الأصلية للثورة ظهور كيانات المجالس المحلية كتعبير عن إرادة الحرية للسكان وتوقهم لحكم أنفسهم دون وصاية أو استبداد. وأمام ترهل سياسات القوى المتصارعة وعجز المقاربات التقليدية المطروحة عن إيجاد حل، تبرز تلك المجالس كترجمة لإرادة الحكم المحلي وكمقاربة واقعية مرنة للخروج من حالة الاستعصاء والتأسيس للحل. ويعود نجاحها في تحدي البقاء والنمو رغم كل ما واجهته من ضغوط إلى ارتكازها لشرعية مستمدة من تمثيلها للسكان المحليين وقدرتها على التعبير عن احتياجاتهم وتلبيتها ضمن حدود قدراتها، وهو ما يبرزها كبديل قادر على إعادة الزخم للثورة السورية وتولي زمام المبادرة في ظل تآكل دور المعارضة التقليدية في معادلة الصراع وازدياد المخاطر الناجمة عن الاحتلال الإيراني المباشر والحركات المتطرفة العابرة للحدود. واستناداً لما سبق تتعاظم الحاجة لدعم المجالس المحلية والتعاطي معها كفاعل سياسي، وتمكينها بما يؤهلها لأداء هذا الدور.
تاريخ النشر من المصدر :17/03/2015
المصدر : مركز عمران للدراسات الاستراتيجية
الرابط:
المواد المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع ...
تاريخ النشر: 25/07/2015
على أعتاب السنة الخامسة للثورة السورية المباركة صدر عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ملف سنوي يرسم صورة شاملة تغطي طيف المشهد السوري وتستشرف مستقبله، في أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وذلك بعد أن أصبح شديد التعقيد، والتراكبية.
ويعتمد العرض على الاختصار ليسهل على القارئ المهمة، وعلى عمق يمتع الذي يبحث عن أجوبة شافية. يقوم الملف برسم الإطار الأوسع للصراع على سورية في بيان التدافعات الإقليمية التي تحيط بالثورة، فتحدد مجراها وتضع سوراً لمآلاتها وتغرس فيها تناقضات عميقة، وتستجلب مخيلات تستأسد فيها الطائفية الإيرانية، وتنكأ جراحات تمتد من الشيشان شمالاً إلى اليمن جنوباً ومن شط العرب شرقاً إلى أقصى تخوم الغرب غرباً، في واحات بلاد الشام مواجهات إقليمية تصطف جراءها القوى الدولة العالمية راكضة وراء مصالح قريبة ومخاوف مصطنعة لتنحر مبادئ وشعارات طالما تفاخرت بها.
وما كان لثورة بهذا الكمون الهائل ألا تنساح آثارها، ولذلك يعرج الملف على فاعليات تشكيل معادلة توازن جديد في منطقة شرقي المتوسط، تضطلع بحمولاتها محاور متقاطعة وتحالفات متضاربة، بما في ذلك الكتلة الخليجية التي هي من وجه مبادرة بعد أن أصحبت محاصرة بالمد الإيراني الذي يغامر نشوة تاريخية وانتحاراً، ويقاوم محاولة انتزاع مرساته التي غرسها في سورية عنداً وإصراراً ومن وجه آخر لم تحسم هذه الكتلة أمرها في ربيع حجب ما قبله إلى غير رجعة.
ويعرج الملف على الخيارات التركية المعقدة، وتداخل تبعات الثورة السورية مع تحديات الداخل التركي والملف الكردي، ويشير إلى المعضلة التركية في إقامة مناطق آمنة شمالاً، وهي التي لا يمكن أن ترى النور بلا تفاهم دولي. كما يقوم الملف بتحليل التناذر الإمبراطوري الإيراني ومحاولة تسويق نفسه كشرطي للمنطقة.
ثم ينتقل الملف إلى الساحة السياسية فيفند دعاوى تماسك نظام دمشق، ويحلل إمكانية محاربة الإرهاب عبر هذا الطريق. ويؤكد على أن مبادرات التجميد والتسكين لا تملك حقيقة أدوات التأثير والحل وتنتهي عملياً بتمكين الأجندات التوسعية لإيران التي تشاركت مع فاعليات محلية تزيد في إضرام نار الطائفية وحمى الإرهاب. ولا مناص إذاً من تبني مدخل متعدد الوجوه يستخدم الضغوط الدبلوماسية لتمكين المعارضة، إلى جانب دعم فصائل المقاومة الوطنية، إضافة إلى تمكين البنى المحلية التي نشأت بعد الثورة.
ثم ينتقل الملف إلى الساحة السياسية فيفند دعاوى تماسك نظام دمشق، ويحلل إمكانية محاربة الإرهاب عبر هذا الطريق. ويؤكد على أن مبادرات التجميد والتسكين لا تملك حقيقة أدوات التأثير والحل وتنتهي عملياً بتمكين الأجندات التوسعية لإيران التي تشاركت مع فاعليات محلية تزيد في إضرام نار الطائفية وحمى الإرهاب. ولا مناص إذاً من تبني مدخل متعدد الوجوه يستخدم الضغوط الدبلوماسية لتمكين المعارضة، إلى جانب دعم فصائل المقاومة الوطنية، إضافة إلى تمكين البنى المحلية التي نشأت بعد الثورة.
ويعرج الملف على الأبعاد الاقتصادية للواقع السوري، فما دام هنالك بشرٌ يفتقرون إلى القوت والماء والصحة، فلا بد من أخذ ما وصلت إليه هذه الأبعاد من حال مترد نتيجة إجرام النظام الحاكم وتجاهل المجتمع الدولي، مع التنويه إلى مداخل للتعامل مع الواقع بطرق إبداعية منخفضة التكلفة.
ختم الملف أخيراً إلى التأكيد على أن ثورة الحرية لم تخبُ رغم استمرار طغيان النظام المستبد لسنة خامسة ورغم تفاقم صراع القوى الإقليمية والدولية، إلى جانب تنامي ظاهرة العنف العبثي التي تعبر عنها كيانات عابرة للحدود. ويؤكد استمرار الروح الأصلية للثورة ظهور كيانات المجالس المحلية كتعبير عن إرادة الحرية للسكان وتوقهم لحكم أنفسهم دون وصاية أو استبداد. وأمام ترهل سياسات القوى المتصارعة وعجز المقاربات التقليدية المطروحة عن إيجاد حل، تبرز تلك المجالس كترجمة لإرادة الحكم المحلي وكمقاربة واقعية مرنة للخروج من حالة الاستعصاء والتأسيس للحل. ويعود نجاحها في تحدي البقاء والنمو رغم كل ما واجهته من ضغوط إلى ارتكازها لشرعية مستمدة من تمثيلها للسكان المحليين وقدرتها على التعبير عن احتياجاتهم وتلبيتها ضمن حدود قدراتها، وهو ما يبرزها كبديل قادر على إعادة الزخم للثورة السورية وتولي زمام المبادرة في ظل تآكل دور المعارضة التقليدية في معادلة الصراع وازدياد المخاطر الناجمة عن الاحتلال الإيراني المباشر والحركات المتطرفة العابرة للحدود. واستناداً لما سبق تتعاظم الحاجة لدعم المجالس المحلية والتعاطي معها كفاعل سياسي، وتمكينها بما يؤهلها لأداء هذا الدور.
تاريخ النشر من المصدر :17/03/2015
المصدر : مركز عمران للدراسات الاستراتيجية
الرابط:
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.