المواد المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع...


تشهد المنطقة العربية مؤخراً تمدداً كبيراً للوجود الإيراني عبر أذرعها المتغلغلة فيها، والذي خلق فوضى أطالت أمد الصراع خاصة في سورية، وإذا ما فهمنا آليات هذا التغلغل سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً فإنه قد يكون بالإمكان التوصل إلى أن حدود السياسات الإيرانية وآليات تعاملها مع الملف السوري تمكّن قوى المعارضة السورية من اتخاذ إجراءات ضرورية من أجل التصدي لهذا التمدد.
بعد عرضها لنقاط قوة وضعف سياسات إيران الراهنة، تطرح ورقة صادرة عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية سيناريوهات مستقبلية متوقعة لآليات تعامل إيران مع الملف السوري، وذلك عن طريق حزمة أهداف تشكل الإطار السياسي المقبول بالنسبة لإيران وكيفية تعامل المعارضة السورية مع هذه الأهداف، والسيناريو الثاني فيتمثل في عدم القدرة على حسم الصراع العسكري من قبل طرفي الصراع.
نقاط قوة السياسات الإيرانية والتي تزيد من هوامش مناوراتها السياسية في الملفات السياسية الإقليمية وهي:
  1. وجودها الفعليّ في سوريّة وتحكّمها بالعمليات العسكريّة وحتى التنفيذية.
  2. تبعية دمشق الكلية لها وقدرتها على التحكم بمساراتها السياسية.
  3.  انسجام طيف من المعارضة مع رؤية طهران السياسية.
  4. اعتبارها المرجع الديني الأوحد للشيعة الاثنا عشرية في العالم بعد انحسار دور النجف والمرجعيات الشيعية العربية.
  5. تصدير الصراعات الإقليمية خارج حدودها والاتكاء على حرب عبر الأذرع.
  6. هامش المناورة الواسع الذي خلقته سياسة أوباما تجاه إيران، والتي تعتبر تمكين إيران مقابل تحجيم قوتها النووية عاملاً يسهم في الاستقرار الاقليمي.
  7. القدرة على التغيير في المعطيات السياسية عبر أذرعها في العراق والبحرين واليمن ولبنان وسورية.
  8. انتفاء السياسات الصلبة مع الأطراف الإقليميين وحصر التصادم ضمن بيئات خارج مركزها.
نقاط ضعف هذه السياسات والتي تجعلها تزيد من أعباء وتكاليف السلوك الإيراني:
  1. التمدد السياسي والعسكري لإيران في بيئات رافضة له مما يجعلها غير مستقرة اجتماعياً وسياسياً، قيادتها جراء الأزمات المستمرة التي تقع فيها أذرعتها.
  2. عدم القدرة على ضبط وإدارة جبهات متعددة، واحتمالية دخول متغيرات جديدة على المشهد السياسي تضر بمصالحها الاستراتيجية.
  3. عدم انتفاء الإشكالات السياسية الداخلية وخاصة فيما يتعلق بسخط شريحة الطبقة الوسطى المدنية من السلطة الحاكمة والمرجعية الدينية، بالإضافة إلى فشل إيران في احتواء ومعالجة الأزمة الهوياتية المتفجرة في إيران.
  4. عدم القدرة على دعم انتكاسات اقتصادية جراء العقوبات الدولية وانخفاض سعر النفط. حيث يعاني الاقتصاد الإيراني من انكماش وتضخم حاد وبطالة وصلت عتبة 22%، ناهيك عن اتساع الفجوة بين الاتفاق الحكومي والموازنة غير النفطية واحتمالية وصول عجز الموازنة غير النفطية إلى أكثر من 50 مليار دولار.
  5.  صراعات بينية عسكرية بين أذرعتها في الجغرافية السورية
  6. تمدد تنظيم الدولة المستند أساساً في خطابه الأيديولوجي إلى مجابهة السياسات الطائفية الإيرانية العُنفية الاقصائية.
  7. إشكاليات الملف النووي سواء باحتمالية فشلها وبالتالي استمرار العقوبات الدولية وتزايد حدتها، وعزلة طهران إقليمياً ودولياً، أو باحتمالية عقد صفقة مما يدفع حلفاء أمريكا التقليدين في المشرق العربي للتصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري وبأدوات مباشرة.
السيناريوهات المتوقعة لمستقبل السياسة الإيرانية وسبل تعامل قوى المعارضة السورية معها:
السيناريو الأول: الإطار السياسي المقبول لإيران:
  • إعادة تأهيل الأسد ونظامه، وسحب الشرعية السياسية من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية واضعاف الموقف السياسي للصف المعارض.
  • اشتراط أولوية مكافحة الإرهاب بما فيها الطيف الإسلامي الوطني للمعارضة المسلحة قبل الشروع بأي عملية انتقالية.
  • المحافظة على مصالح إيران في سورية ولبنان والعراق. مع ضمان عدم جنوح المسار السياسي العام لصالح المنافسين الإقليمين كدول الخليج وتركيا.
  • المحافظة على البنية التنظيمية والعقائدية لمؤسستي الجيش والأمن في سورية.
  • ربط الحل السياسي في سورية بانفراج الملف النووي الإيراني.
فكل مبادرة لا تتضمن هذه الأهداف مجتمعة ستعمل إيران على عرقلتها، وأي قبول لأي مبادرة لا تعكس هذه الأهداف هو رهينة الانحسار العسكري والسياسي للنظام بهدف كسب الوقت لتحسين التموضع العسكري.
هذا السيناريو يوجب على الائتلاف والقوى الثورية امتلاك آليات صد ومنع تضمن عدم تحقيق الغاية الإيرانية وفق الآتي:
  • الاستئثار بالتمثيل السياسي للقوى المعارضة والثورة السورية.
  • الإصرار على رفض أية مبادرة سياسية تحقق بعض أو كل الأهداف الإيرانية المذكورة أعلاه.
  • تهميش تحركات الأحزاب والشخصيات المتصالحة مع الدور الإيراني في الإقليم.
  • تعريف إطار العلاقة المستقبلية بين سورية الجديدة وإيران ضمن المحددات الوطنية وثوابت المعارضة السورية.
  • تعزيز العلاقة العضوية بين المكاتب السياسية للفصائل العسكرية والائتلاف الوطني، كونها ستشكل حافزاً لتقويض النفوذ الإيراني ضمن الجغرافية السورية.
  • انتهاز التردد الأمريكي والتأزم الروسي وعدم تصدير حل نهائي في سورية لتمتين العلاقات مع دول الإقليمية الأخرى كتركيا ودول الخليج.
السيناريو الثاني: عدم الحسم العسكري:
وهو السيناريو الأكثر واقعية كما ترى الورقة، وعليه يمكن لإيران العمل على عدة مسارات لتخفيف أثر الصراع على مصالحها وفق الآتي:  
على الصعيد العسكري:
  • العمل على تمكين وجود أذرعها الإقليمية على حدود إسرائيل.
  • تمكين حزب الله في جبهة القلمون.
  • الحفاظ على الموقف الدولي المتهاون مع ظروف استمرار الهيمنة الجوية للنظام.
  • تسهيل عمليات التحالف العسكري الجوية.
  • تحفيز أذرعتها العسكرية والسياسية في طوق دول الخليج على الاستمرار في أجندتها العسكرية والسياسية، كالحوثيون في اليمن وحزب الله في جنوب لبنان وجرود عرسال.
  • تجزير قوى المعارضة المسلحة في الشمال مما يمنعها من التوحد والتنظيم وتهيئتها لمحاربة النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية".
  • توجيه ضربات عسكرية نوعية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" عبر خواصرها الرخوة في سبيل توظيف فكرة فاعلية التوظيف العسكري للنظام في محاربة الإرهاب.
  • عدم اعتراض غايات تنظيم "الدولة" فيما يتعلق باستهداف دول الخليج.
على الصعيد السياسي:
  • توطيد العلاقة في فرقاء المعارضة السياسية الأقلوية، مما من شانه الشرعية السياسية للائتلاف الوطني السوري.
  • استمرار الضغط الدبلوماسي وتصدير الأزمات المتكررة لدول الجوار خاصة تركيا ولبنان ودول الخليج.
  • الاستمرار في عرقلة المسار السياسي في لبنان عبر تأجيل استحقاقاته السياسية.
  • الاستمرار في اقصاء القوى السنية في العراق واعتبارها روافد لتنظيم "الدولة".
  • الاستمرار في التفاوض مع المجتمع الدولي فيما يخص الملف النووي بسياسة السلة الواحدة.
  • الاستمرار في تصدير النظام السوري كسلطة تعبر عن الدولة والمجتمع السوري.
  • تطويع الملفات الإنسانية في الديناميات الداخلية في سورية.
وعليه ينبغي على قوى المعارضة السورية تبني حزمة الإجراءات العسكرية التالية:
  • دحر القوات الشيعية من الجنوب السوري وسحب ورقة الضغط على إسرائيل من يد حزب الله وإيران من داخل الجغرافية السورية.
  • إنشاء جبهة موحدة في ريف دمشق الشمالي وتحجيم نفوذ حزب الله في القلمون.
  • صد المحاولات العسكرية لقوى النظام في فصل جبهة حلب الشمالية عن الغربية والجبهة الداخلية عنهما.
  • تأجيل الصراعات البينية والتفرغ لقتال النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية".
  • الحفاظ على اضطرارية المجتمع الدولي للرجوع في محاربة تنظيم الدولة مقابل شمل عمليات التحالف الدولي تحييد القوة الجوية للنظام على الأقل.
أما على المستوى السياسي فهي تتقاطع مع حزمة الإجراءات الواجب اتباعها في السيناريو الأول مع ضرورة التأكيد على تمتين التحالف مع أصدقاء الشعب السوري وخاصةً دول الأطراف والاستمرار في تشجيع خلق متغير ألا وهو المنطقة العازلة في الشمال.
وتجدر الإشارة إلى أن الخيار الأفضل للمعارضة يتمثل في التقارب التركي السعودي بعد التلاقي القطري السعودي نظاماً إقليمياً جديداً سيحسن من التموضع السياسي والعسكري للمعارضة السورية، وبالتالي انحسار الدور الإيراني في الجهة الشامية وبداية تراجعها في الإقليم مع ملاحظة احتمالية تزايد فرص تحجيم تنظيم "الدولة الإسلامية".

تاريخ النشر من المصدر: 
13/ 04/ 2015

المصدر: 
مركز عمران للدراسات الاستراتيجية
الرابط: 


0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top