المواد المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع ...
تاريخ النشر : 2015 07 30
أصدر موقع (نامه شام) في سبتمبر/ أيلول تقريراً ركزّ فيه على دور النظام الإيراني في سورية منطلقاً من أن النظام السوري كان لينهار سريعاً لولا الدعم الإيراني عسكرياً واقتصادياً منذ انطلاقة الانتفاضة السورية مارس/ آذار 2011.
وقد بات اليوم النظام الإيراني سلطة احتلال في سورية التي لازال النظام السوري مسيطراً عليها، مكتفياً هذا الأخير بدور الدمية في يد "الحرس الثوري الإيراني" وذراعه الخاص في سوريا والمعروف باسم "فيلق القدس". وفي الواقع فإن هناك مؤشرات، حسب الواقفين على هذا التقرير، تشي بأن النظام الإيراني وميليشياته في سورية سيظلان فيها إلى ما بعد سقوط نظام الأسد.
ففي الفصل الأول من هذا التقرير يتناول الدور العسكري للنظام الإيراني في الحرب الحالية في سورية، إلى أن وصل إلى نتيجة مفادها أن النظام الإيراني يتحكم تحكماً كاملاً باستراتيجية النظام السوري العسكرية.
ويضرب مثالاً على ذلك يوم شاركت عدد من أجهزة الاستخبارات الإيرانية بتشكيل "بعثة استشارية" مكونة من القائد السابق لوحدات "الحرس الثوري الإيراني"، العميد حسين حمداني، وقائد "فيلق القدس" اللواء قاسم سليماني لمساعدة النظام السوري في أعقاب اندلاع الثورة. "إحدى أولى الخطوات التي قام بها النظام الإيراني في هذا الصدد كان تشكيل ما يسمى بقوات الدفاع الوطني السورية على غرار قوات الباسيج الإيرانية، مستفيداً من خبرة الأخيرة في قمع الحركات الاحتجاجية في إيران، لاسيما تظاهرات عام 2009 المطالبة بالديمقراطية، والتي تُعرف بالحركة الخضراء". ومن ثم يتبين أن الدور الإيراني في تشكيل "الشبيحة" غطى النصح والتدريب والتسليح والتمويل الكامل.
ومع دفع الثورة باتجاه العسكرة وتحقيق قوات المعارضة المسلحة إنجازات عسكرية ملموسة على الأرض في أواسط عام 2012، اتخذ النظام الإيراني قراراً استراتيجياً بإرسال بعض الميليشيات الموالية له من لبنان والعراق للقتال في سوريا إلى جانب قوات النظام السوري، بل حتى نيابة عنها. ومع تقدم المعارضة المسلحة السورية وسيطرتها على مساحات من الأراضي السورية، بدّل النظام الإيراني من استراتيجيته ليعزز سيطرته على دمشق وما حولها وطريق دمشق -حمص، وما كان ذلك إلا "من أجل ضمان استمرارية جغرافية وديمغرافية للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وكذلك لتأمين استمرار تدفق السلاح إلى حزب الله في لبنان، في الوقت الذي يُقطع فيه تدفق السلاح إلى الثوار من شرقي لبنان".
وقد كان لحزب الله دوراً قيادياً وسنداً للميليشيات المدعومة إيرانياً والتي من المرجح أنها ستتجاوز إنقاذ نظام الأسد وتشمل تحضيرات لمرحلة ما بعد الأسد، حين ستستمر هذه الميليشيات التي يتحكم بها النظام الإيراني بممارسة نفوذها على الأرض وبخدمة مصالح النظام الإيراني.
وفيما يخص انتهاكات حقوق إنسان وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في سوريا فقد تبين بالأدلة أن هناك جرائم كبيرة اُرتكبت من قبل الميليشيات والقوات المدارة من قبل النظام الإيراني، وعلى مستويات عدة، بدءاً بـ "التحريض على" و"تبنّي" أفعال معينة، وانتهاء بـ "المساعدة والتحريض" على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويلفت التقرير إلى مسألة مهمة اليوم، ففي النصف الثاني من عام 2014، يُلاحظ أن كلا النظامين يحاول بيع نفسه كشريك في الحملة الدولية الجديدة ضد "الإرهاب"، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسورية في سبتمبر/ أيلول 2014.
ويختم الفصل الأول عن دور المقاتلين الإيرانيين والأسلحة الإيرانية في سوريا ويتتبع رحلتهما من إنكار المسؤولين الإيرانيين في البداية، مروراً باعترافات متقطعة، وانتهاء بالظهور التدريجي لأدلة لا يمكن إنكارها.
أما الفصل الثاني سوريا تحت احتلال عسكري فيناقش مسألة أن "الحرب في سورية نزاع دولي طرفاه الأساسيان احتلال أجنبي (من قبل النظام الإيراني) ونضال تحرري من قبل الشعب السوري ضد هذا الاحتلال الأجنبي".
وقد ناقش كذلك مناقشة قانونية ما إذا كان وجود النظام الإيراني في سوريا يشكّل احتلالاً أجنبياً بناء على ماهية ومقومات الاحتلال العسكري كما تعرّفه اتفاقيات لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. "ينوّه المؤلفون [التقرير] إلى إمكانية استخدام المادة 1 من البروتوكول الإضافي رقم 1 لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف الأربعة، والذي ينصّ على أن النزاعات تُعتبر دولية حين تقع بين دولة وسلطة تمثّل شعباً، يقاتل ضد هيمنة استعمارية واحتلال أجنبي وضد أنظمة عنصرية من أجل ممارسة حقهم في تقرير المصير".
يقترح التقرير خطاباً جديداً عن الثورة السورية والوضع الحالي في سوريا، بالإضافة لمجموعة من المطالب. وعلى حد تعبير التقرير فإنه يجب التعامل مع الحرب في سوريا، بوصفه نزاعاً دولياً يسوّغ تطبيق اتفاقيات جنيف الرابعة، ويجب اعتبار المناطق السورية التي يسيطر عليها النظام مناطق محتلة – ليس مجازاً وإنما بالمعنى القانوني الدقيق للكلمة.
إن الاعتراف بالحرب في سورية كنزاع دولي يشارك فيه احتلال أجنبي وشعب يناضل من أجل تحرره قد يقدّم كذلك "سلاحاً قانونياً" قوياً ضد النظام الإيراني، ألا وهو أن هذا النظام يقترف "انتهاكات خطيرة" لاتفاقية جنيف الرابعة، والتي تُعتبر جرائم حرب أخطر من تلك التي عرض لها الفصل الأول من التقرير. ذلك أن على إيران، باعتبارها سلطة احتلال، "واجبات" معينة تجاه الشعب السوري الذي يرزح تحت احتلالها، وفقاً للقانون الدولي. وأن هناك أدلة لانتهاك النظام الإيراني وميليشياته هذه "الواجبات". عدا عما اُرتكب مؤخراً بحق سكان أحياء من حمص وغيرها من المدن السورية والتي ترقى إلى التطهير العرقي، حيث تم إخلاؤهم من قراهم وتسجيل هذه العقارات بأسماء مؤيدين للنظامين السوري والإيراني.
أخيراً، لا بد من الدفع باتجاه الاعتراف بأن ما يحدث في سورية إنما هو نزاع دولي، وأن حربها حرب ضد النظام الإيراني.
يسلّط الفصل الثالث والأخير فيتنام إيران الضوء على جانبين رئيسيين: 1. التكاليف الاقتصادية والبشرية للحرب السورية على إيران، وأثرهما على الاقتصاد الإيراني وعامّة الإيرانيين. "أحد مؤشرات العبء الهائل على الاقتصاد الإيراني هو معدل التضخم، الذي زاد أكثر من ثلاثة أضعاف بين عامي 2009 و2014، وزاد بمقدار 10 بالمئة منذ بدء الحرب في سوريا عام 2011. النتيجة أن ثلث الإيرانيين تقريباً (31 بالمئة) يعيشون تحت خط الفقر عام 2014". وفي الوقت الذي تخفّض فيه من المساعدات الاجتماعية لقرابة 60 مليوناً من سكانها الفقراء، ما برحت إيران ترسل ملايين الأطنان من الغذاء والنقود إلى سوريا.
الوجه الآخر لفيتنام إيران السورية هو تصاعد أعداد قتلى "الحرس الثوري الإيراني" و"حزب الله" اللبناني والميليشيات العراقية في سوريا، وذلك لأنه تم إنكار خسائرهم في سوريا. ويبدو أن فيتنام إيران هذه ليست مقتصرة على قرار من النظام الإيراني وحسب، بل هي سياسة أمريكية وغربية مدروسة والتي أطلق عليها التقرير بـ"الاستنزاف البطيء لإيران في سوريا".
سياسة الاستنزاف هذه تُطبّق على حساب الشعب السوري وشعوب المنطقة بشكل عام، التي تدفع ثمناً باهظاً لا يتناسب مع المكتسبات السياسية لهذه السياسة، والتي ستقود حتماً إلى المزيد من انعدام الاستقرار والتطرف في المنطقة والعالم أجمع.
قد يكون من الصحيح أن سورية أصبحت "فيتنام إيران" وأن إيران "تنزف" في سورية، كما جاء في التقرير، إلا أن النظام الإيراني قد يكون قادراً على النزف لوقت طويل، أطول كثيراً مما يستطيع الشعب السوري تحمله.
تاريخ النشر من المصدر : سبتمبر/ايلول 2014
المصدر : نامه شام (Naame shaame )
الرابط:
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.