أحد مؤيدي "نظام الأسد"، كتب رافضًا المذبحة التي تجري في الغوطة الشرقية، تحت أي مبرر سياسيّ، الأمر الذي قد يرتّب عليه هجاءً من أمثال بهجت سليمان، وبعض اليساريين والقوميين ممن لا يجدون أي مبرر لانتقاد النظام المجرم، ولو أحرق الأرض ومن عليها، كما لا يجدون أي معضلة في التدخل الإيراني والروسي، ولو هجاهم علي أكبر ولايتي باعتبار أنهم يريدون سرقة إنجازات "الولي الفقيه" في العراق، ولا يرون إشكالًا في عناق "بوتين نتنياهو"، ولو قدّم له ما يشاء من ضمانات في سوريا، ولن يتوقفوا عند قول نائب سفيره (سفير بوتين) في تل أبيب إن بلاده ستقف بجانب الكيان الصهيوني إذا تعرض لـ"عدوان إيراني"!!
في سوريا، لم تُفتضح الشعارات الكاذبة (من شعار الحسين، إلى شعارات القومية، واليسار والمقاومة والممانعة) وحسب، بل افتضحت أيضًا الضمائر الخربة التي صمتت على قتل الطفل حمزة الخطيب في أقبية بشار (يونيو/حزيران 2011)، قبل أن تطلق رصاصة واحدة في الثورة، تمامًا كما صمتت على كل المجازر التالية التي تابعها العالم أجمع بالصوت والصورة.
الضمائر المعطوبة لا حلَّ لها، وهي نهاية الإنسان من حيث هو إنسان، ذلك أن من يبرر قتل الأطفال بدعوى محاربة الخارجين على النظام؛ إنما يعلن موت إنسانيته، ذلك أن قتل الأبرياء من قِبَل أي نظام لا يمكن أن يقبله ضمير ولا أي منطق قانوني، حتى في حالات الاحتلال المباشر.
هل نكرر على مسامع هؤلاء فضح الشعارات الكاذبة التي تم من خلالها تبرير التدخل الإيراني مثلًا، والتي تمثل انقلابًا على أساس مبدأ "الولي الفقيه"، وثنائية (الحسين ويزيد) المعروفة، أو فضح الموقف الروسي الذي ينتمي لمنطق "الدول الإمبريالية"، ولا صلة له البتة بالمقاومة والممانعة، أو نقض أوهامهم حول الموقف الأمريكي الذي كان ولا يزال ضد الثورة، ولا يعنيه سوى استمرار الحرب لاستنزاف الجميع،
قد يثير تكرار ذلك بعض الملل، لكن ذلك كله شيء، وتبرير قتل الأبرياء، ومنهم جحافل من الأطفال، فضلًا عن تجويعهم، وحرمانهم من الأدوية، شيء آخر. شيء يعبر عن موت الضمير في أوضح صوره على الإطلاق.
سوريا هي فضيحة الشعارات السياسية والطائفية، وفضيحة الضمائر أيضًا. وفضيحة الضمائر أكبر بكثير (يجتمع البعدان في كثيرين بالطبع)، مع أن الأولى مهمة أيضًا، ولن يغير شيئًا في المشهد ما يجري على الأرض من مآلات الصراع الذي سيتواصل إلى زمن لا يُعرف مداه، ولن ينتهي كما يريد القتلة وحلفاؤهم؛ بخاصة إيران التي كانت تسيطر على البلد فصارت تابعًا لروسيا، مع أن انتصار طاغية على شعبه، بقتل وتهجير الملايين وتدمير البلد ليس انتصارًا في عُرف من لديهم الحد الأدنى من الحسِّ الإنساني.
هاني السليمان . الثورة السورية في سويسرا
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.