رغم دخولها ضمن اتفاق خفض التصعيد الذي يشمل جنوب غرب سورية والمعلن عنه برعاية أمريكية أردنية روسية إلا أن المنطقة الواقعة في ريف دمشق الغربي بدت وكأنها خارج بنود الاتفاق على أرض الواقع.
بلدة "بيت جن" الناجية الوحيدة من اتفاقات المصالحة التي أغرقت جوارها من القرى والبلدات لم تتوقف قوات نظام الأسد والميليشيات المؤازرة لها عن استهدافها بمختلف أنواع القصف خلال الأسبوعين الماضيين وسط ترويج كبير على وسائل إعلام النظام بقرب عملية الحسم العسكري في المنطقة.
لكن نتائج العمل العسكري الأولية توحي بفشل ذريع لمخطط النظام والميليشيات الأخرى التي تسعى للقضاء على آخر تجمعات المعارضة على تخوم العاصمة الغربية.
لماذا تجمع "بيت جن"؟
تمتد المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في "بيت جن" على مساحة تقدر بنحو 6 كيلومتر مربع، وتشمل بتجمعاتها السكنية قرية "بيت جن" و"مزرعة بيت جن" وقرية "مغر المير".
وتتواجد في المنطقة شديدة الوعورة عدة تلال أهمها: تلة "الضبع" وتلة "المقتول" وتلة "الظهر الأسود" وتلة "الزيات" و"التلال الحمر" التي تشكل بمجموعها أسواراً دفاعية حصينة على محاور القتال الممتدة من "دربل" إلى "حينة" و"بقعسم" و"المقروصة" وكذلك "حضر" و"حرفا".
وتأتي أهمية السيطرة على المنطقة من اعتبارات عدة، أهمها: أن ميليشيا "حزب الله" اللبناني المشاركة في العمليات تعتبرها نقطة اتصال وتهريب مع الداخل اللبناني عبر مرتفعات جبل الشيخ الشاهقة، إضافة لكونها نقطة التماس الأخيرة في ريف دمشق الغربي مع الجولان السوري المحتل.
وتسعى من خلال الدخول في عمليات المنطقة للحصول على موطئ قدم فيها، كما تعتبر منطقة تجمع "بيت جن" خاصرة رخوة لبلدة "حضر" ذات الغالبية الدرزية حيث يشكل وجود فصائل المعارضة فيها تهديداً مستمراً لطريق الإمداد الوحيد المؤدي إلى بلدة "حضر" خصوصاً مع السعي المستمر لتلك الفصائل إلى فتح طريق إمداد باتجاه ريف القنيطرة الشمالي عبر السرايا العسكرية والمزارع الواقعة على أطراف "حضر".
لقاءات ومطالبات بالحسم
تصاعدت خلال الفترة الأخيرة مطالبات أهالي "حضر" و"حرفا" القريبتين من الجولان السوري المحتل لمسؤولي نظام الأسد بضرورة الإسراع في الحسم العسكري لتجمع "بيت جن"، وقد بدت على مواقع التواصل الاجتماعي المقربة من النظام في المنطقة حالة تململ واضحة من خلال نشر مقارنات بين حجم التقدم باتجاه مدينة دير الزور التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" والعجز عن التقدم في بضعة كيلومترات مربعة باتجاه تجمع "بيت جن".
وقد ترافقت حملة الاستهجان تلك مع تبادل مكثف للزيارات بين مشايخ ووجهاء منطقتي "حضر" و"حرفا" من جهة ومحافظ القنيطرة وأمين فرع الحزب فيها ورئيس فرع سعسع وقائد الفرقة السابعة من جهة أخرى، في سبيل إيصال مطالبهم والتي كان على رأسها بحسب مواقع التواصل تلك، الوصول إلى صيغة تفضي للسيطرة عسكرياً على تجمع "بيت جن".
تقدم بطيء واتهامات
بدأت بالفعل قوات النظام تساندها ميليشيات "حزب الله" متنكرة بزي الفرقة الرابعة العسكري عملية تمهيد ناري واسعة بعد أن جمعت عشرات الآليات ومئات العناصر. وتم توزيعها على محاور أساسية للقتال أهمها "دربل" و"حينة".
واستخدمت خلال عملية التمهيد الناري براميل متفجرة تحوي على مادة النابالم الحارق وأخرى كانت تحوي عدداً كبيراً من الشظايا بحسب سكان المنطقة المدنيين، الذين كان يتم استهداف منازلهم من خلالها بشكل مباشر.
ورغم القوة النارية المستخدمة فشلت قوات النظام وميليشيات "حزب الله" في السيطرة على تلتي "الضبع" و"المقتول" حيث تشكل السيطرة عليهما خنقاً للتجمع بنسبة كبيرة.
وبعد محاولة أخرى تكبدت فيها أكثر من 20 قتيلاً تمكنت القوات المهاجمة قبل أيام من السيطرة على تلة "الضبع" من دون أن تكمل باتجاه النقاط الأخرى المجاورة.
على إثر الفشل تارة والتقدم البطيء تارة أخرى اتهمت فصائل "حضر" و"حرفا" ما يسمى"فوج الحرمون" وهو عبارة عن تجمع لمسلحي القرى التي وقعت اتفاقات مصالحة سابقة كـ"بيت تيما" و"بيت سابر" و"كفرحور" و"سعسع"، بتقديم المؤازرة السرية لقوات اتحاد جبل الشيخ العاملة في تجمع "بيت جن".
واستدلت على ذلك بمقتل عدد من المسلحين من "بيت تيما" و"سعسع" خلال المعركة. كما اتهمت الفوج بإدخال المساعدات الإغاثية للمنطقة الأمر الذي اقتضى نفياً من قبل الفوج متهماً إياها بإدارة الأكاذيب والترويج لها.
فصائل درعا والقنيطرة تؤازر
لم تترك فصائل درعا والقنيطرة تجمع "بيت جن" يصارع لوحده في مواجهة قوات النظام وميليشيات "حزب الله"، وقد عملت تلك الفصائل التي تعتبر تجمع "بيت جن" امتداداً لها في ريف درعا الغربي على تقديم الدعم المبدئي باستهداف أماكن التجمعات ونقاط انطلاق المؤازرات بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ. الأمر الذي لعب دوراً مهماً في صد الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المنطقة.
ولم تكتف فصائل درعا والقنيطرة بذلك وإنما عملت عبر طرق سرية على إرسال مؤازرات تتضمن اقتحاميين مدربين ومجهزين بالذخيرة والعتاد اللازم في سبيل التخفيف من الضغوطات التي يتعرض لها التجمع.
هذا الأمر ساهم بشكل جيد في تدعيم الخطوط الدفاعية خلال الساعات الماضية وتفعيل عمليات الاستهداف بمضادات الدروع والقناصات المختلفة لأماكن انتشار القوات المهاجمة.
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.