مدينة دمشق تعد أقدم مدينة مأهولة في العالم وأقدم عاصمة في التاريخ ، وتمتاز بأبنيتها وأحيائها التي تعود لعدة عصور وأماكنها المقدسة من جوامع و كنائس تعد رمز للديانات، وبشوارعها وطرقاتها التي مشى عليها الصحابة ، وسجلت المدينة القديمة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو عام 1979.
تتميز منازل وأحياء كفرسوسة القديمة بأسلوب العمارة الدمشقية الشهيرة بطرازها الفريد، ويسمي السكان المحليون بيوت دمشق المبنية على الطراز الدمشقي القديم “بيوت عربية” والتي تمتاز بفناء داخلي واسع تحيطه الغرف وتتوسطه بحرة جميلة مؤلفة من طابق أو طابقين تتوسطه البحرة الشامية الدمشقية الشهيرة ، في حين أن دمشق القديمة لا تشكل سوى حوالي 5% من مساحة مدينة دمشق الحالية.
لم تهنئ بلدة أو حي في دمشق إلا وأصاب ساكنيها ويلات الحرب ، هنا في بعض مناطق حي كفرسوسة الدمشقي ، أقام السكان مخالفات سكنية على أملاك عامة وهم مقيمون فيها منذ سنوات عديدة ، التزموا فيها بدفع فواتير الكهرباء والماء والرسوم البلدية المستحقة ، لم يجدوا لفقرهم سوى المنازل العشوائية والمهددة بالسقوط ملاذ لعائلاتهم ، لتخبر قوات النظام ساكني المنازل العشوائية قرب مبنى “وزارة الخارجية” بإفراغ المنازل بعد عدة أيام ليتم هدمها ﻷسباب أمنية ، حيث تحدث لنا أبو أحمد أحد ساكني تلك المنطقة: بأن النظام يتخوف من تفجير مبنى الوزارة من خلال نفق .، كما حدث في كثير من الحواجز في الشمال السوري.
وكان النظام قد أصدر منذ مدة طويلة المرسوم 66 والذي يهدف إلى إعادة تنظيم منطقتي “بستان الرازي” ، و”كفرسوسة” ، ويتحدث لنا”تيسير” مختار منطقة بساتين الرازي عن التقسيمات الإداربة للمنطقة فيقول:
إن مساحة منطقة بساتين الرازي تبلغ 233هكتاراً، أما اللوان كفرسوسة فمساحتها تقريباً857 هكتاراً مع جزء من بساتين “داريا””، “الدحاديل” ، “نهر عيشة” ، “والقدم” ، “العسالي” ، وهي المنطقة المطروحة للتنظيم حسب المرسوم 66 ، يضيف المختار أن عدد السكان في منطقتي بساتين الرازي وحي الإخلاص أكثر من 70 ألف نسمة لاحتوائها على عدد كبير من العائلات المهجرة ، في حين عدد السكان الأصليين لم يتجاوز 35ألف نسمة.
يعتبر هذا القرار أشبه بطرد من المنطقة ، فهدم المنازل والتعويض القليل إن وجد ، لا يكفي لإعادة شراء منزل جديد ، أو حتى استئجاره ، فأصبح لدى أغلبية المواطنين، وتحديداً الساكنين بدمشق وضواحيها، قناعة شبه تامة أن بورصة العقارات لن تنخفض مهما كانت الأسباب والتوجهات التي تصب في خانة ذلك المسعى، وهذا على عكس ما توقعوه من أن هبوطاً بأسعار العقارات في ظل الأزمة في مدينة دمشق سيحصل.
يقول أنس المالك أحد المهتمين بالشأن العقاري : إن الأسعار المرتفعة لاتزال ثابتة بمعظم مناطق العاصمة ومرد ذلك للعديد من الأسباب منها: توجه البعض خلال الفترة الأولى من الأزمة إلى وضع المدخرات في السوق ، وفقدان الليرة السورية قيمتها المالية ، وارتفاع أسعار مواد البناء الأساسية الحديد والإسمنت وغيرها من المواد الأساسية بشكل كبير.
تستطيع القول إن نسبة ارتفاع الأسعار مقارنة بالعام الماضي وصلت إلى نسبة 50% وإذا ما أراد المواطن اقتناء شقة في تنظيم كفرسوسة مثلاً وبمساحة 200م تقريباً فإنه سيفاجأ بسعر قد يصل إلى عشرات الملايين ، وإذا أراد مساحة أكبر فلا ضوابط بالأسعار ويتراوح سعر المتر الواحد في بعض أماكن التنظيم حتى يصل إلى حوالي 325 ألف بالمتر المربع على الهيكل وربما أكثر، وتشهد أسعار الإيجارات ارتفاع كبيرا ، يعود إلى استغلال الكثير من أصحاب العقارات للنازحين إلى دمشق والذي فاق عددهم كل تصور ، فصاحب العقار يأخذ أجرة المنزل لمدة عام والسعر: 35 ألف في المنازل القديمة ، و 75 الف في المنازل المنظمة ، السعر الذي يعد كبيرا بالنسبة لمواطن أرهقته الحرب .
لن يهنأ النظام حتى يطمس معالم دمشق وبيوتها التاريخية ، فإن لم يكن بالقصف ، فبقرارات هدم من أجل حماية كيانه ومؤسساته ، فنفق هنا ، ونفق هناك وتصبح دمشق أقدم العواصم التاريخية مدينة لاسكان فيها ، ويبقى السؤال: هل تدمير المنازل حول الأفرع اﻷمنية ومقرات النظام حجة مقنعة لتشريد مئات العائلات؟.
المركز الصحفي السوري – سائر الإدلبي
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.