img

بينما يضج مشفى باب الهوى الحدودي بصوت المصابين، يدخل المشفى رجل كبير في السن يحمل بين يديه طفلة قد فارقت الحياة وهو يصرخ بحرقه وألم «راحوا…راحوا كلن»، ويجهش بالبكاء، وينظر إلى الأطباء والممرضين ويقول: «أبوهن مات من عشرين يوم وهلأ هنن».
يقول الصيدلي مهند الحلبي الذي كان في مهمة إلى مشفى باب الهوى: لقد رأيت رجلا كبيرا في العمر يحمل بين يديه حفيدته وعلى جسده وثيابه التراب والدماء، كان منهارا تماما ويصرخ «لم يبق لي أحد منهم، قتلهم بشار الأسد جميعا، فمن عشرين يوما قتل والدها، واليوم قتلت هذه الطفلة، وما تزال بقية العائلة تحت الأنقاض».
ويتابع مهند الحلبي حديثه لـ «القدس العربي» لقد روى الرجل قصته مع الطفلة التي يحملها بين ذراعيه، وكانت هي اللحظات الأخيرة من حياتها، قال الجد: «كنا في المنزل، حين حلقت طائرة الحربية في سماء بلدة (كللي) في مدينة إدلب، وكنت أنا والطفلة وبقية العائلة جالسين في غرفة المعشية، وإذا بنا نسمع صوت صاروخ الطائرة متجها نحونا، وبدأ ضعيفا ويستمر بالتضخم، فصرخت الطفلة بصوت عالي وقالت: «الله لا يوفقك يا بشار»، ومن ثم «قتلت تحت الركام، وما تزال بقية العائلة تحت الأنقاض لم يخرجها الدفاع المدني».
ويقول مهند الحلبي: عندما قام الأطباء في المشفى بفحص الفتاة وتسليمها للجد، حضنها بين ذراعيه وقال لها: «سلمي على أبوكي»، وأشار مهند إلى أن الرجل فقد وعيه من هول المصاب، وبدأ بالصراخ قائلا: «كانت خايفة، كانت بحضني».
وأضاف مهند «وكيف لا وهو عاش فصل من فصول الموت التي يعيشها الشعب السوري يوميا، والتي ترسم المعاناة والخوف والرعب التي يعيشها كل السوريين، وخاصة الأطفال. لقد كانت تلك اللحظة مبكية، وحالته يرثى لها، وهذه حال كل الآباء والأمهات في سوريا».
في مكان آخر كانت ترتسم معاناة قد يفضل البعض الموت على أن يعيشها، حيث يقول رعد هو جريح أجريت له عملية جراحية في العظم: «لقد كنت في أحد المشافي لإجراء عملية جراحية، وبعد العملية خرجت متعبا وما زلت تحت التخدير، والألم ينتشر في كل مفاصل جسدي، لكن رأيت بعض الأطفال من الذين أصيبوا بتشوهات نتيجة القصف، ومنهم من احترق وجهه، ومنهم من فقد نظره، والكثير من الحالات التي كانت تنتظر أن تجرى لها عمليات تجميل، وجميعهم كانوا أطفالا بعمر الزهور».
يتابع رعد ويقول: «ليتني أستطيع أن أجمع ذلك الألم الذي سببه النظام السوري لهؤلاء الأطفال وأضعه في جسدي ليرتاحوا، نعم هؤلاء هم ضحايا الحرب مع نظام لا يعرف الأخلاق ولا حقوق الإنسان».
ويتوافد الكثير من حالات التشوه نتيجة القصف إلى المشافي، والكثير من الضحايا هم من الأطفال الذين حرمتهم الإعاقة والتشوه من أبسط حقوقهم، وذلك وسط القدرات غير الكافية للمشافي الميدانية التي تعجز عن إسعاف هذه الكوارث الإنسانية التي يعاني منها المدنيون.
القدس العربي

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top