توضح بيانات وزارة الدفاع الروسية أن عشرة من رجال القوات المسلحة في روسيا سقطوا قتلى في القتال الدائر في سوريا حتى الآن خلال العام الحالي.
غير أن وكالة "رويترز" وبحسب معطيات لديها تقدر عدد القتلى الفعلي للروس من الجنود والمشاركين في القتال بعقود خاصة بما لا يقل عن 40 قتيلاً وذلك بناء على روايات أسر القتلى وأصدقائهم ومسؤولين محليين.
ويفوق هذا الرقم للقتلى في سبعة أشهر تقدير الوكالة لعدد القتلى الروس من رجال القوات المسلحة والمتعاقدين في سوريا على مدار الأشهر الخمسة عشر السابقة وهو 36 قتيلاً، فيما يشير إلى زيادة كبيرة في معدل الخسائر البشرية في ميدان القتال مع تزايد الدور الروسي.
وأغلب الوفيات أكدها أكثر من شخص واحد بما في ذلك أشخاص كانوا يعرفون القتيل أو مسؤولون محليون. وفي تسع حالات تأكدت الوكالة من صحة تقارير عن قتلى في وسائل الإعلام المحلية أو وسائل التواصل الاجتماعي وذلك بالرجوع إلى مصدر آخر.
وربما تكون هذه البيانات متحفظة بعض الشيء إذ إن القادة العسكريين يحثون أسر القتلى على التزام الصمت على حد قول أقارب وأصدقاء لعدد من المقاتلين القتلى سواء من رجال الجيش الروسي أو من أصحاب التعاقدات الخاصة.
والعدد الحقيقي للخسائر البشرية في سوريا موضوع حساس في روسيا التي تقدم وسائل الإعلام فيها تغطية إيجابية لتطورات التدخل الروسي بسوريا وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل التي يتوقع أن يفوز فيها الرئيس "فلاديمير بوتين".
ويعد حجم الخسائر البشرية العسكرية في أوقات السلم سراً من أسرار الدولة منذ وقع "بوتين" مرسوماً قبل ثلاثة أشهر من بدء روسيا عملياتها في سوريا. ورغم أن روسيا تكشف عن بعض القتلى فهي لا تذكر الرقم الإجمالي للخسائر البشرية.
وربما يسهم في تفسير بعض التناقضات في المعلومات أن روسيا لا تعترف صراحة بأن متعاقدين يخوضون القتال إلى جانب الجيش إذ إن وجودهم في سوريا يمثل فيما يبدو مخالفة لحظر قانوني على مشاركة المدنيين في أعمال قتالية في الخارج كمرتزقة.
ولم ترد وزارة الدفاع والكرملين على أسئلة من رويترز عما توصلت إليه الوكالة.
وكانت الحكومة الروسية قد نفت في السابق أنها لا تعلن أرقام الخسائر بالكامل في سوريا، وتمر شهور على مقتل جنود قبل أن تعلن روسيا دون ضجة عن حدوث بعض الخسائر بما في ذلك سقوط متعاقدين عسكريين.
وتحصل أسر القتلى على أوسمة وفي بعض الأحيان تطلق السلطات المحلية أسماء الجنود القتلى على المدارس الذي درس فيها هؤلاء الجنود أثناء طفولتهم.
ومن بين القتلى الأربعين حصلت وكالة "رويترز" على أدلة أن 21 منهم من المتعاقدين و17 من جنود الجيش. ولم يتضح وضع القتيلين الآخرين.
مهمة غامضة
لا يُعرف الكثير عن طبيعة العمليات التي يشارك فيها الروس في سوريا. فقد ركزت روسيا في البداية على توفير دعم جوي لقوات نظام الأسد غير أن معدل الخسائر البشرية يشير إلى تزايد التدخل البري.
فآخر مرة سقط فيها أحد الطيارين الروس في سوريا كانت في أغسطس/ آب 2016 كما أن روسيا منيت بأول خسائر جسيمة على الأرض هذا العام في يناير/ كانون الثاني عندما سقط ستة متعاقدين عسكريين قتلى في يوم واحد.
لماذا يقاتلون بسوريا؟
من المتعاقدين الخاصين الذين لم تعترف السلطات رسمياً بمقتلهم في سوريا "الكسندر بروموجايبو" (40 عاماً) من مدينة بيلورشينسك في جنوب روسيا. فقد قال صديق طفولته "أرتور ماروبيان" إنه لقي مصرعه في سوريا في 25 أبريل/ نيسان.
ويقول "ماروبيان" إن":بروموجايبو" سبق أن شارك في القتال في حرب الشيشان مع وحدة خاصة من قوات المظلات الروسية.
وقال إن صديقه القتيل كان يواجه الصعوبات في تدبير نفقاته أثناء العمل حارساً في بلدته وكان يحتاج للمال لبناء بيت يعيش فيه مع زوجته وابنته الصغيرة. وفي العام الماضي قرر الانضمام إلى صفوف المتعاقدين العسكريين الذين يعملون مع وزارة الدفاع الروسية في سوريا وحصل على وعد بالحصول على مرتب شهري يبلغ 360 ألف روبل (6000 دولار) أي تسعة أمثال المرتب العادي في روسيا.
وتقول مصادر متعددة إن المتعاقدين العسكريين يُرسلون سراً إلى سوريا تحت قيادة رجل اسمه الحركي "واجنر".
ولم يرد الكرملين على طلبات للتعليق على ذلك.
وقال "ماروبيان": "غادر (روسيا) في فبراير (شباط)" مضيفاً أنه لم يعلم بمقتل صديقه في سوريا إلا عندما أعيدت جثته إلى بلدته في أوائل مايو/ أيار.
تغطية شواهد القبور
تم نقل "جينادي برفيلييف" اللفتنانت كولونيل بالجيش الروسي والبالغ من العمر 51 عاماً إلى سوريا للعمل كمستشار عسكري. وقد قتل في قصف خلال رحلة استطلاعية في الثامن من أبريل/ نيسان حسبما قاله زملاء سابقون له في مدرسة شيليابينسك العسكرية العليا لقيادة الدبابات.
ولم يظهر اسمه في الإخطارات الرسمية لوزارة الدفاع عن القتلى العسكريين في سوريا. ودُفن في مقبرة عسكرية جديدة تخضع لحراسة مشددة خارج موسكو يتعين على زوارها إبراز جوازات سفرهم ويُسألون عند المدخل عن القبر الذي يريدون زيارته.
وعلى شاهد قبر "برفيلييف" كانت صورته تغطي اسمه وتاريخ وفاته.
وكانت الصور تغطي أيضاً الأسماء وتواريخ الوفاة على قبور عدد آخر من قتلى القوات المسلحة الروسية في سوريا دُفنوا على مسافة قريبة.
وكانت الأسماء واضحة على قبور أخرى ليس أصحابها من بين الضحايا الذين سقطوا في سوريا.
وسئل "اندري سوسنوفسكي" المسؤول بالمقبرة عما إذا كان ذلك تدبيراً خاصاً من تدابير السرية فقال إن الأسماء مغطاة مؤقتاً لحين التمكن من إقامة شواهد مناسبة.
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.