![]() |
بعد مرور عام ونيف على إطلاق حكومة النظام مشروعها المسمى "عقلنة الدعم"، لا شيء تغيّر سوى أن الفقراء أصبح يدفعون أكثر ثمن بقائهم في بلادهم، فأسعار السلع والخدمات المدعومة تاريخياً، يجري اليوم تحريرها بالكامل دون أي تعويضات أو مساعدات تخفف من تأثيرات الواقع الجديد
وللمرة الثالثة وخلال أقل من عام، ترفع حكومة النظام أسعار مادة الخبز، بنسبة تصل إلى 43 بالمئة. وبحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية فإن حكومة النظام تنطلق في إصرارها على تحريك أسعار السلع والخدمات المدعومة وفق مشروعها المعلن من ثلاثة مبررات أساسية، أولها ارتفاع فاتورة الدعم الحكومي لمستويات أصبحت بنظرها حالياً مرهقة جداً للخزينة العامة.
وثانيها يتعلق بتراجع إيرادات الدولة على نحو كبير نتيجة العقوبات الخارجية وتدمير البنى الانتاجية للاقتصاد السوري.
وثالث الأسباب يتمثل في الهدر الحاصل في توزيع الدعم الحكومي، ومحدودية تأثيراته في الطبقات الفقيرة المستحقة له.
لكن نتائج عام ونيف من عمر "عقلنة الدعم"، تؤكد بحسب الصحيفة أنه في الوقت الذي قطعت فيه حكومة النظام أشواطاً متقدمة على طريق تحرير أسعار معظم السلع والخدمات، فإنها لم تحرك ساكناً لجهة ضمان حصول الفقراء وأصحاب الدخل والمنتجين على التعويضات والمساعدات المناسبة التي تمكّنهم من مواجهة تداعيات سياسة التخلي عن الدعم المباشر.
وبحسب الصحيفة فإن الباحث الاقتصادي شفيق عربش، يطرح سؤالاً جوهرياً: وهو ماذا تعني الحكومة بعقلنة الدعم؟ هل تقصد به إيصال الدعم لمستحقيه أم تخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة؟ ويجيب عن ذلك بالقول: "إذا كانت تعني الإجابة الأولى، فالحكومة فشلت في ذلك لأنه لم يبق في البلاد بعد موجات الهجرة الأخيرة إلا من يستحقون الدعم، وإذا كانت تعني الإجابة الثانية، فكيف تفسر لنا الحكومة استمرار ارتفاع كلفة الدعم في الموازنة العامة للدولة، حتى لو كان ذلك الارتفاع نظرياً".
وما يزيد من دائرة الشكوك الشعبية والاقتصادية المحيطة بنوايا الحكومة حيال ملف الدعم، أنها حتى الآن لم تطرح برنامجاً أو آلية جديدة تضمن إيصال الدعم للشرائح الاجتماعية والاقتصادية المستحقة.
ولذلك يجزم الكثيرون بأن "عقلنة الدعم" ليست إلّا محاولة لتجميل قرار إلغاء الدعم وزيادة موارد الخزينة العامة، ومن هنا يرى اقتصادي بارز، فضّل عدم ذكر اسمه، أنّه "على الحكومة أن تقرّر هل ترغب في زيادة مواردها المالية عبر تحميل الفئات الميسورة مسؤولية زيادة هذه الموارد، وعندها عليها إما أن تلجأ إلى إجراءات مالية وضريبية ذكية وفعالة، أو أن تلجأ إلى الطريق السهل وغير المقبول بتحميل الفئات الفقيرة مسؤولية زيادة مواردها المالية وذلك عبر زيادة الأسعار".
ووفقاً لـ"الأخبار" فإن مبرر حكومة النظام المتعلق بارتفاع تكاليف إنتاج واستيراد السلع والخدمات المدعومة، تثار حوله شكوك كثيرة، بعضها ينطلق من تحميل حكومة النظام مسؤولية ارتفاع تلك التكاليف بسبب ضعف الأداء والإدارة والفساد، وبعضها الآخر خاص بتجاوز التكاليف المعلنة من جانب حكومة النظام لمثيلاتها في الدول الأخرى.
وبحسب الدكتور عربش فإنه يفترض "أن تبين للمواطنين حقيقة التكاليف، إذ إن المفهوم الحالي للتكاليف يجري فيه تغطية كل الفساد والسرقات والعجز الفني وسوء الإدارة، وكل ما يترتب على ذلك، وعليه فلا بد من وجود تكاليف معيارية تحسب على أساس الإنتاج في الظروف العادية ودون أي فساد".
ويخلص إلى القول: "ذلك يؤشر إلى تخبط الحكومة وعدم قدرتها على إدارة المرحلة، فهي تلجأ دائماً إلى أبسط وأضعف الإجراءات التي لا تكلفها أي عناء، أي مد يدها لجيوب المواطنين على اعتبار أن خزينة الحكومة هي في جيوب أبنائها، وهو مبدأ من الناحية النظرية صحيح فيما لو كانت الحكومة تقدم لأبنائها الخدمات المناسبة، إنما نحن بلا خدمات".
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.