ليس هذا فحسب، بل ان مشاركة روسيا عسكرياً في ضرب “داعش” ستكون المرة الاولى تستخدم موسكو قواتها خارج حدودها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. وهنا تكتسب المشاركة العسكرية الروسية بعداً استراتيجياً على الساحة الدولية تنظر اليه واشنطن بعين القلق وبأكثر من مجرد دور محدد بمواجهة الجهاديين. وفي المقابل، تبدو المشاركة العسكرية بالنسبة الى روسيا أيضاً ذات ابعاد استراتيجية انطلاقاً من اقتناع الكرملين بأن مواجهة الجهاديين في سوريا اليوم أفضل من مواجهتهم في القوقاز غداً. وهكذا يفرض تزايد الدور العسكري الروسي في سوريا سياقاً مختلفاً للأزمة السورية عن السياق الذي أرادته واشنطن منذ انطلاقتها في 11 آذار 2011. وهو سياق أتاح صعود “داعش” وتمكينها من السيطرة على أراض في سوريا والعراق تعادل مساحة بريطانيا. وهو سياق أدى الى تهجير نصف الشعب السوري داخل سوريا وخارجها وآخر مظاهره موجات اللجوء الى اوروبا. وهو سياق يجعل مسؤولي الاستخبارات الاميركية يتوقعون عدم عودة العراق وسوريا دولتين موحدتين بل ان كلاً منهما ستتشظى الى دولتين أو ثلاث دول على الاقل على اسس طائفية وعرقية. وهو مسار أسفر عن تهجير البقية الباقية من مسيحيي العراق وأكثر من 500 ألف من مسيحيي سوريا من غير أن يقدم أو يؤخر في مسار هذا التهجير مؤتمر باريس لدعم الاقليات في الشرق الاوسط وال25 مليون أورو المخصصة لذلك. والاغرب من ذلك ان أميركا تحارب “داعش” منذ أكثر من سنة من الجو والنتيجة ان التنظيم بات أقوى، ولن يحول دخول فرنسا وبريطانيا وأوستراليا على خط الغارات الجوية دون تمدد الجهاديين أكثر الى درجة بات معها مسؤولون اميركيون سابقون وحاليون لا يرون غضاضة في اللجوء الى التحالف مع “القاعدة” ممثلة ب”جبهة النصرة” من أجل ضرب “داعش”. أي أن “القاعدة” باتت بالنسبة الى أميركا أفضل من التنسيق مع الجيش السوري لضرب “داعش“. كثيرة هي الاسباب التي تحدو روسيا اليوم الى القيام بدور مباشر في محاربة “داعش”، لكن أهمها ربما الشكوك الروسية في أن واشنطن لا تريد القضاء فعلاً على التنظيم قبل ان يستكمل دوره الوظيفي في اسقاط النظام السوري. وهنا الخط الاحمر الروسي. |
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.