رسائل
غيث علي: كلنا شركاء
في الساحل السوري، وبعد مجازر صلنفة و عدرا العمالية علت الأصوات الغاضبة التي كانت قد صمتت منذ مجزرة جسر الشغور و كان الرد عليها بالترهيب و الاعتقال، حملات اعتقال طالت ليس النشطاء و حسب بل كل من عبر عن غضبه و سخطه، وعن قلقه على مصير عناصر الجيش الذين تركهم النظام محاصرين في الفرقة 17 وفي مطار دير الزور وفي مطار كويس وفي.. وفي..
 و لأن هذا النظام دوما كان يخشى من انفجار هذا الخزان البشري اتبع اسلوبا جديدا، ونفذه للمرة الاولى عند مقتل هلال الاسد ( ولمقتله ألف رواية و رواية )، فكان يوم مقتله عرسا لأهالي اللاذقية على اختلاف توجهاتهم، فالقتيل كان أشرس زعيم ميليشيا في تاريخ هذه المحافظة، وفي رقبته الكثير من الجرائم التي ارتبكبت بحق شباب وأطفال ونساء، لم يستطع ذووهم طلب العدالة من قاتلهم فقط لأنه هلال.. الأسد، الذي أصبح فيما بعد قائد ميليشيا “الدفاع الوطني” الموالية للنظام، وخلفه بعد مقتله فيها ابنه سليمان الذي لا يقل تاريخه الاجرامي فظاعة عن أبيه رغم صغر سنه!
“الخطر الآن كبير و هم على مشارف مدينتكم .. التفوا حولنا نسلم معا”
تلك هي الرسالة التي وجهها النظام في كل مرة فتح فيه أحد من اللاذقية فمه، ففي الحالات الفردية حيث يتم اعتقال كل من يفكر في الاعتراض واخفاؤه وراء الشمس وتلفق تهم يشيب لها الغراب.
 أما في حالات الغضب الجماعية كحادثة مقتل العقيد حسان الشيخ (وما تبعها من مقتل الصحفي الذي غطى الحدث وضاح يوسف، واغتيال المهندس نبيل حمدان الذي كان من بين أبرز منظمي التجمع على دوار الزراعة) فقد أثارت الجريمة غضبا تفاعل فصولا، فكانت العقوبة أولا بانسحاب الجيش من قرى بأكملها لتصبح القرى “الموالية” في تماس مباشر مع “جيش الفتح، الذي يخوف النظام مواليه منه، بأنه “نصرة وسلفيون” قادمون بشعار “بالذبح جيناكم”..
 وثانيا بسقوط القذائف بشكل يومي على اللاذقية واتهام “الارهابيين” ذاتهم بذلك، رغم ثبوت أن مصدر كثير من الصواريخ كان البحر، فأي ارهابيين آتون من البحر؟
وثالثا قام بزيادة عدد ساعات التقنين على عامة الناس ما عدا بيوت المسؤولين الذين أرسلوا أبنائهم بعيدا عن الحواجز وعن جيش النظام والمجزرة المستمرة!
في النهاية كان يجب تلقيم الطعم لأكبر عدد من الناس في الساحل، تهديدا ووعيدا، للقول للناس بأنهم إن لزموا بيوتهم فلا قذائف ولا تقنين، وإن عادوا للشارع ثانية فربما يكلفهم ذلك حياتهم فرادى وجماعات.
ولم تكن السيارة المفخخة التي انفجرت مؤخرا في ساحة “الحمام” باللاذقية قرب ضاحية بسنادا، وأسفرت عن عشرات الضحايا المدنيين من نساء وأطفال، سوى الرسالة الأخيرة لتهديد المتجمعين في دوار الزراعة الذين طالبوا بإعدام سليمان، وحتى أكثر موالي النظام تعصبا تساءل مستنكرا :”كيف وصلت هذه السيارة المفخخة رغم آلاف الحواجز؟”
وتساءل آخرون عن فساد هذه الحواجز مشيرين إلى أنه “بباكيت دخان تستطيع أن تشتري حاجزا فلا يقوم بتفتيشك” أما إن كنت ترتدي البزة المموهة فلا أحد سيقترب منك أو من سيارتك..
ورغم أن قلة من اتهموا النظام مباشرة بالتفجير، إلا أن غالبية أهل الساحل حملوا حواجز النظام مسؤولية ازهاق أرواح المدنيين عبر الاهمال مرة والفساد مرات!
ويبدو أن الرسائل التي يرسلها النظام ليهدد الناس ويلزمهم بيوتهم لا تسهم سوى بارتفاع مؤشر الغضب العام في الساحل، الغضب الذي بات يدفعهم لتهريب أبنائهم وعدم الالتحاق بجيشه، ما بات يدفع بالنظام لاعتقال أي شاب يشتبه في نيته الهروب من المجزرة السورية!
فإلى متى؟

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top