كثير من السوريين بحاجة للدعم النفسي ـ أرشيف
الخميس 13 أغسطس / آب 2015
تابع السوريون مؤخراً تسجيلاً مصوراً لشاب يسير في شوارع إحدى مدن ريف دمشق، حاملاً ربطة خبز، وهو يشتم بأعلى صوته، مرة على جيش النظام، ومرة على الجيش الحر، بطريقة يبدو فيها أنه فقد عقله.
لم تكن الأحداث التي مرت على السوريين خلال السنوات الخمس الأخيرة بسيطة، فقد كان قاسية وصادمة، وحملت لهم كثيراً من المآسي والأحزان، مما أدى لتردي الحالة النفسية لكثير من السوريين.
وهذا "أبو محمد" يقود دراجته النارية في شوارع بلدته الصغيرة، فتلتفت الأنظار إليه، ليس لأنه يسير بسرعة فقط، بل لأنه يضع على دراجته علماً للثورة، وعلماً للنظام، ويضع على جنبه سيفاً، ويضع في الجانب الآخر عصى غليظة.
كان "أبو محمد" رجلاً عاقلاً، عُرف في بلدته بالاستقامة والقوة، وعندما بدأت الثورة في سورية، وقف بجانب المظلومين، وانتسب لأحد الفصائل العسكرية لمقاتلة النظام الذي لجأ للحل العسكري لإسكات الثورة.
وفي أحد المعارك التي خاضعها مع النظام قرب بلدته، كانت الاشتباكات عنيفة، وكان هو ومجموعة من المقاتلين من أهل بلدته ومنهم أصدقاؤه وأقرباؤه، قد اشتركوا في تلك المعركة، التي هاجم فيها فصيله أحد القطع العسكرية المحصنة لجيش النظام.
وقع أولئك المقاتلون في كمين أعده النظام لهم، وراحت الأرض تلفظ حممها في وجوه المقاتلين، وكان "أبو محمد" يرى أصدقاءه يتساقطون واحداً بعد آخر، وكان عليه سحب جثثهم جثة وراء جثة.
حمل ثلاثة من أقربائه، وصديقاً له، كلٌ بدوره، واستطاع سحب جثثهم خارج مناطق النظام، وشارك في إنقاذ وإجلاء جرحى آخرين من قلب المعركة، وبعد انتهاء المعركة وعودة المقاتلين إلى مكامنهم، ظل ساكتاً شارداً، فقد كانت صدمته بفقد أحبابه أمام عينيه، كبيرة جداً.
ظن أهله أن أمر سكوته سينتهي، وهو ما حصل لكنه عندما تحدث كان قد فقد عقله، وراح يتحدث مرة لصالح الثورة والثوار، ومرة لصالح النظام وجيش النظام.
لكنه بقي مسالماً، لم يعتدِ على أحد، وظلت جولته تلك في شوارع البلدة على دراجته النارية علامة بارزة تذكر أهل بلدته بمصابهم الأليم المتجدد.
أما "غالية" فهي سيدة متزوجة، استيقظ زوجها يوماً ليجدها تصرخ وبيدها سكين تريد أن تهجم بها عليه، لم يستطع تفادي ثورتها وأصابته بجرح بسيط في يده وهو يحاول تهدئتها، بمساعدة جيرانه الذين هرعوا لبيته على إثر سماع أصوات الصراخ.
لقد جُنّت "غالية" بسبب الضغوط التي تعرضت لها، فلقد نزحت مع زوجها وطفلها من حمص إلى ريف دمشق، واضطر أهلها للهرب خارج البلاد، وكان زوجها المنشق عن جيش النظام، يحاول الخروج أيضاً، لكنه وجد نفسه محاصراً في أحد بلدات ريف دمشق.
كانت "غالية" تتوقع القبض على زوجها في أية لحظة، وكانت من فرط حبها له تخشى عليه من القتل، وها هي الآن تفقد عقلها وتهاجمه بنفسها.
لم تكن مناظر الرعب التي شاهدها السوريون سهلة، ولم يستطع كثير منهم تحملها، ومع وجود تقارير تتحدث عن أزمات نفسية، وصدمات واكتئاب، كان هناك من فقد عقله تماماً.
وفي هذا السياق كشفت وزارة الصحة في حكومة النظام أن نسبة ازدياد الاضطرابات النفسية لدى السوريين وصلت إلى 25 بالمئة عما كانت عليه قبل الحرب.
وقالت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام نقلاً عن تقرير نشرته الوزارة في مارس/آذار الماضي إن "هناك 40 بالمئة من عامة الناس باتوا اليوم يحتاجون إلى دعم نفسي اجتماعي"
المصدر: 
خاص ـ السورية نت

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top