الكاتب : د. ناصر النقري
سقوط تدمر ومعارك إدلب ومأساة حلب المستمرة ومعارك الحسكة والدير والقلمون وطبعا حوران الهادئة نسبيا لأسباب لوجستية تعطينا صورة واضحة بالشكل عما يجري في سوريا الآن، وللأسف كل المعارك التي تجري بالمعنى الاستراتيجي والمتمثل بإسقاط النظام معدومة الفائدة.
النظام لن يسقط بسقوط اية مدينة بيد المعارضة أو داعش، لن أتوقف عند سياسة تحرير المدن والبلدات من قبضة النظام والتي هي أساسا من أطالت في عمر النظام!، سياسة المناطق المحررة تخدم كل الأجندات إلا الغاية المرجوة منها وهي إسقاط النظام!. للأسف سياسة التضليل المتبعة من رموز معينة مسيطرة على المعارضة مازالت هي نفسها، بعد كل معركة وبغض النظر عن النتائج نسمع نفس الأصوات تكرر نفس العبارات وترفع نفس الأهداف!، شخصيا لا أعلم كيف سنسقط النظام بتحرير إدلب أو أي معسكر للنظام؟، من الناحية النفسية أي هزيمة لقوات النظام أمر مساعد لكن ليس حاسما في المعركة!، الآن بدأنا نسمع عن تحرير الساحل لأن البعض يفهم أن النظام ربما في القرداحة أو طرطوس أو الشيخ بدر!، بالتأكيد الكل يعلم أنه ممنوع التوجه للساحل تحت أي ظرف كان ومعارك الساحل سابقا خير دليل وشاهد ومن السذاجة الاعتقاد بأن ثمة موازين قد تبدلت أو هناك مؤشرات ولو ثانوية تسمح بذلك. شخصيا لدي شعور أن البعض يريد بأي طريقة نشر الحرب في كل الأمكنة ما عدا المكان الأساسي والجوهري والمتمثل في شرعية النظام ورمزيته وأقصد العاصمة.
أعتقد أن القلمون أهم بكثير من كل الشمال في معركة إسقاط النظام، لكن للأسف معركة القلمون لم تلق أي دعم يذكر من الأطراف المؤثرة ولذلك كان من السهل على حزب الله وقوات النظام استعادة أجزاء واسعة وبسرعة قياسية.
الحديث عن آلية إسقاط النظام لا جدوى منه بغياب الإرادة الحقيقية لإسقاط النظام!، أجزم أن معارك إدلب بالمحصلة لها أهداف تتناقض كليا مع أهداف الثورة والمتمثلة بإسقاط النظام وأراها فرصة لأطراف بعينها للسيطرة على جغرافية محددة لأهداف ضيقة وخطيرة على الثورة ومستقبلها.
ليس لدي أدنى شك أن حدة المعارك في الشمال ستخف كلما اقتربنا من الانتخابات التركية، وماقبل الانتخابات ليس كما بعدها!.
معارك الشمال والانتصارات التي تحققت في مواقع محددة أثمرت أيضا في مكان آخر وطبعا ليس لمصلحة الثورة!، ما من شك لدي أنه ما كانت لتسلم تدمر إلى داعش لولا خسارة إدلب ومعسكر المسطومة من قبل النظام، الذي يعمل بشكل استراتيجي وشامل ولا تهمه جغرافية بعينها، بل ينظر إلى الخارطة ككل وللأسف مازالت لديه فرص كبيرة لإفشال أي نصر للمعارضة بنصر لداعش!، تواجد داعش في تدمر لا يهدد النظام مطلقا بل يهدد المعارضة التي ستجد نفسها أمام واقع جديد ومأساوي يتمثل في قدرة داعش على السيطرة على حماة في أي لحظة يريدها النظام أو حتى السيطرة على حمص إن أراد النظام!. طبعا تدمر قريبة أيضا من الغوطة ومن زهران علوش.
الجانب الأخطر لانتصارات داعش المزعومة ولنجاحات المعارضة في الشمال هو سطوع نجم الطائفية من جديد وبطابع حاد جدا وللأسف رموز معارضة استخدمت الورقة الطائفية لإظهار وإشهار نفسها متناسية أي مسؤولية وطنية وحتى أخلاقية.
الطائفية يحتاجها النظام أساسا وسنرى نتائج سطوع نجم الطائفية قريبا جدا على الأرض للأسف الشديد.
علينا ألا ننسى مطلقا أن تعميم الطائفية واعتبارها المحرك الأساسي للثورة من قبل رموز معينة في المعارضة سينسف ليس فقط الثورة بل سوريا الموحدة ولا يخفى على أحد أن العلويين ومعهم بعض الطوائف باتوا يفكرون جديا بالتخلي ليس فقط عن المحيط العدائي لهم بل وحتى عن الأسد وحاشيته وطبعا الانفصال عن الجميع وبمساعدة دول فاعلة وقادرة على فرض الانفصال ولو بالقوة على السوريين!.
على البعض ألا ينسى أن الساحل يعتبر علويا من قبل معظم الدول بالرغم من تواجد أكثر من نصف السكان حاليا من السنة وأتمنى من الجميع ألا يتناسى المهجرين المتواجدين في الساحل عندما يتحفنا بترهاته الطائفية.
لا أشك مطلقا أن النظام سيسلم كل سوريا المحررة لداعش إن استطاع لأن ذلك يضمن بقاءه ويضمن تأييد معظم دول العالم له خاصة أن داعش باتت كابوسا للجميع.
لا أشك أن انفصال الساحل سيصبح مطلبا جامعا للعلويين ولغيرهم من الأقليات كلما بات الخطاب الطائفي ظاهرا وواضحا أكثر خاصة أن الفصائل الأساسية في المعارضة باتت النصرة وكما نعلم علمانية النصرة وممانعة الأسد متشابهتان إلى حد كبير.
المصدر . زمان الوصل
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.