الكاتب : د. أسامة الملوحي
كلما فكروا بالانفضاض خوفوهم...العلويون كلما كادوا أن ينفضوا عن آل الأسد خوفوهم .... التخويف والتفزيع عمل مبرمج وفعل مخطط مدروس استخدمه آل الأسد ليكوّنوا العصبة والعصبية المطلوبة لاستلام الحكم وللاستمرار في الحكم.
في أوائل الثمانينات من القرن الماضي استخدم حافظ الأسد فزّاعة الإخوان المسلمين وأظهر الصراع ضده وقتها على أنه عنف يستهدف الطائفة العلوية كطائفة وليس باتجاه النظام ومن يرتكز عليه النظام ونجح حافظ في ذلك وحشد الطائفة خلفه واستأصل حماة واستأصل معها مئات الآلاف من المعارضين والإسلاميين وخرج من جولات الصراع في نظر العلويين حافظا للطائفة ونفوذها وصمام أمان لوجودها ومستقبلها.
وفي عامي 1984 و1985 وأثناء مرض شديد غيّب حافظ أسد اختلف أقطاب الطائفة العلوية في سورية يوم كان للطائفة أقطاب واصطرعوا فيما بينهم وسقط مئات القتلى في اشتباكات شديدة بينهم في دمشق واللاذقية وأماكن أخرى وكاد كثير منهم ينفض عن آل الأسد، فلجأ مستشارو الأسد لشؤون التخويف إلى فزاعة الإخوان مرة أخرى على عجل وسهلوا واستغلوا عمليات تفجير داخل الباصات والقطارات المتجهة إلى القرى العلوية وسلطوا الإعلام بكثافة على ذلك معلنين عودة البعبع الإخواني رغم أنهم قد أعلنوا بعد أحداث حماة أنهم استأصلوا الإخوان تماما...فتوقفت الأقطاب النافرة فورا وجمعها من جديد الخوف على الوجود والنفوذ.
وفي الحرب المضادة تجاه الثورة السورية اشتغل مستشارو التخويف والتفزيع المخضرمون قبل أول يوم على نفس الأمر وراحوا بتكلف شديد يروجون ويكررون ويفبركون وجود التيارات السلفية المندسة في المظاهرات وأنها تسعى لاستئصال العلويين بعد تكفيرهم ودسّوا فعلا وسهلوا حصول إشارات ومظاهر تؤيد تخطيطهم... ونجحوا مرة ثالثة بعد أن صورت أجهزة إعلام النظام باستمرار وتكرار أن المواجهة فقط أصبحت مع جبهة النصرة التي أخرجوا ظهورها على أنها جاءت للعلويين قاطبة بالذبح.
لكن مجريات الصراع ووقائع المعارك أظهرت استثناء النساء والأطفال وغير المقاتلين من العلويين من أي إيذاء سواء من مقاتلي النصرة أو غيرها من الفصائل المقاتلة، ولم تكن هناك إلا أحداث قليلة فردية حاول النظام تضخيمها وتشغيلها ولكنه لم يفلح.
ومع ازدياد أعداد القتلى من الجنود والشبيحة العلويين واستهتار آل الأسد واستنزافهم لهم للبقاء بالسلطة بدأ التململ والتزعزع وخرجت مظاهرات في حمص وطرطوس وانفجرت عشرات الأصوات من الطائفة تنتقد وتنادي وتشكك حتى صح قول من قال إن الطائفة العلوية بدأت تسلخ بشار الأسد عنها وتنسلخ عنه واستبشر كل الوطنيين السوريين الأحرار خيرا وسارعت أقلام كثيرة تكتب في ذلك وتكررت من جديد نداءات إنقاذيه كبرى للعلويين (أن لا ملجأ ولا منجى لكم إلا أن تتركوا المجرمين وتعودوا لشعبكم) ...
وظننا أن ذلك يحصل وخشينا من تحريض صارخ جديد يستخدمه خبراء التخويف والتفزيع ليرصّوا العلويين تحت كرسي بشار من جديد وفوجئنا بالتحريض يأتي من صديق للثورة شهير هو الإعلامي الكبير فيصل القاسم وبضربة واحدة بحلقة واحدة فعل مالم يفعله أولئك الخبراء في ثلاث سنين...وذهلنا للأمر وفوجئنا بكلام ذو اتجاه خطر يفيد الحشد لصالح النظام ...فوجئنا من رجل كنا ننسق معه وننشر عبره رسائل عديدة للطائفة العلوية لتنسلخ عن بشار وايران ...ولأن ثقتنا بالقاسم كبيرة وتجربتنا معه مديدة انتظرنا أياما كثيرة لننظر على الأرض ما يكون من ردّات الفعل وآثار التفزيع الذي حصل في الحلقة وجاءت الأخبار والإشارات عن نتائج التخويف خطيرة سلبية لم يخفف منها إلا مسارعة جبهة النصرة إلى إصدار بيانها وفتواها بتحريم المساس بأي امرأة أو طفل أو غير مقاتل من العلويين ...وبعد التريث والمتابعة أصبح علينا واجبا أن نرسل تساؤلات كبيرة للإعلامي الكبير فيصل القاسم....
هل صبّت الحلقة في مصبّ الثورة العظيمة أم في مصبّ النظام الفاشي؟
هل حشدت الحلقة للثورة أم للنظام؟
لماذا لم يكن توجه الحلقة لشرح النية الحقيقية لكل الفصائل المقاتلة تجاه العلويين وهي بعيدة تماما عن التصفية الطائفية أو القتل على الهوية وهذا ما أعلنوه وكرروه؟
لماذا نمهد الأجواء ونساعد المجرمين في تفعيل الفزاعة التي أهلكوا من خلالها البلاد والعباد وفككوا من خلالها الوحدة السورية الوطنية؟
أين دراسة الجدوى في منبر ليس كمثله منبر في الحجم والمصداقية؟
كل الفصائل المقاتلة تطرح وتنضبط بالشرع الإسلامي الذي لا يقبل اعتداء على غير معتد أو مقاتل أبدا مهما كانت الأسباب فهل يتدارك فيصل القاسم بحلقة تُجلّي ذلك وتوصل ذلك إلى العلويين لتقام عليهم الحجة بما يشبه العقد الاجتماعي الموثق المعلن؟
العلويون منذ أكثر من أربعين عاما يُخوَّفون ويُستعملون .... يُستعملون ضد الوحدة الوطنية وضد النهضة الوطنية وضد الحريات الوطنية... يُستعملون بعد أن يُخوَّفون بفزّاعات... (فزّاعات وهم) زرعها آل الأسد ويجددونها كل حين ويستغلون في ذلك كل فعل أو قول أو تقرير وفي هذه المرة الأخيرة استثمروا أكبر منبر للثورة ...إنه منبر فيصل القاسم ...ومن مأمنه يؤتى الحذر.
المصدر . زمان الوصل
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.