يجتمع المبعوث الدولي إلى سوريا “ستيفان ديمستورا” مع وفدي المعارضة والنظام في جينيف على الطاولات السياسية التي يحاول من خلالها المبعوث الدولي تقريب وجهات النظر لكلا الطرفين, في حين تبدو الصورة مختلفة تماما على أرض الواقع, فالنظام وروسيا يصعدان من الحملة العسكرية التي يقودها سلاح الجو التابع لهما على مختلف المدن والبلدات والقرى في المناطق المحررة والمحاصرة, فأخبار القصف باستخدام الطائرات الحربية تتوالى على مدار الساعة, ابتداءً من الغوطة الشرقية, وانتهاءً بمناطق محافظتي حماة وإدلب.
يترافق هذا التصعيد العسكري كما ذكرنا مع اجتماع وفدي المعارضة والنظام إلى جينيف مع المبعوث الدولي إلى سورية “ستيفان ديمستورا”, وسط عاصفة جدل سياسي لا تدل على أجواء إيجابية سوف تتمخض عنها نتائج ملموسة على الأرض تفضي إلى انتقال سياسي حقيقي ينهي معاناة الشعب السوري التي تتزايد يوماً بعد يوم.
فالنظام السوري وعلى لسان رئيس وفده “بشار الجعفري” يحاول خلط الأوراق من جديد وبعثرة محتويات السلال التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى سورية, حيث يصر على مناقشة سلة مكافحة الإرهاب, بينما يصر وفد المعارضة على مناقشة سلة الانتقال السياسي للسلطة في سورية باعتبارها الأولوية وأصل الأزمة, وما دون ذلك هو انعكاسات لها.
حيث قال الدكتور نصر الحريري الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للتفاوض يوم أمس السبت:
“إن مجزرة حمورية في الغوطة الشرقية هي هيستيريا عسكرية ناتجة عن تخوف النظام من الضغوط الدولية التي تدفعه باتجاه الحل السياسي, ويعي النظام تماما أن أي خطوة باتجاه الحل السياسي تعني سقوطه وتدميره وتخلص الشعب السوري من إرهابه”.
وإن دل هذا التصريح على شيء فهو يدل على قناعة الهيئة العليا للتفاوض, بأن النظام يستخدم أروقة جينيف لشراء الوقت ليس أكثر, في حين أنه يمارس على الأرض سياسة الأرض المحروقة أملا منه بحسم الملف عسكريا, لذلك سيلجأ للمراوغة من جديد عن طريق خلط الأوراق السياسية على طاولة المفاوضات, لأنه يخاف من انتقال سلمي حقيقي للسلطة في سورية مبني مبني على قرارات الشرعية الدولية لأنه سينتهي بالضرورة إلى زواله وجعله عرضة للمحاكم الدولية في جرائم الحرب التي ارتكبها بحق السوريين.
إذن هناك عملية سياسية في أروقة جينيف بينما على الأرض النظام السوري وروسيا وإيران يقصفون المستشفيات والمدارس والأسواق الشعبية بوحشية شديدة, والمراد من ذلك هو توجيه رسائل حقيقية للسوريين والمعارضة ومفادها أن “جينيف هي مسار سياسي طويل لا نؤمن به, والحل هو على الأرض فقط”, رغم أن المعارضة السورية كانت قد أعلنت عن أن الثوار في الداخل يردون على خروقات النظام التي تحولت إلى حروب حقيقية تستهدف تهجير المدنيين من مناطقهم, وذلك عن طريق فتح معارك عسكرية على الأرض في كل من دمشق وحماة.
فهل سوف يستطيع المبعوث الأممي إلى سورية إيجاد نوع من المرونة التي ستشكل عوامل ضغط جزئية على النظام لايقاف حملته العسكرية واحترام الطاولة المستديرة في جينيف؟.
قد لا يبدو هذا الأمر واقعياً في هذه الجولة والمدى المنظور!.
|
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.