ليس ثمة جهة تستطيع تقديم معلومات موثقة عن المعتقلين السوريين، فأماكن احتجازهم تتوزع على جميع سجون وزناين السلطة الحاكمة، وتحيط بملفاتهم وظروف معيشتهم وطرق التحقيق معهم سرية تامة، بيد أن خروج الآلاف منهم، جثثاً هامدة، يوحي بقساوة أساليب التعذيب، علاوة على مئات الروايات التي انتشرت ممن حالفهم الحظ وخرجوا أحياء.
معتقل أو رهن الاعتقال، عبارة ينوي النظام السوري سلخها من أذهان ذوي المعتقلين، ويسعى عبر أزلامه من لجان المفاوضات وممثلي الهدن والمصالحات، على تبديلها، إلى «الموقوفين»، فالأولى والتي تدل على شخص معتقل من قبل أجهزة المخابرات والأفرع الأمنية، في أماكن سرية غير معروفة وظروف مبهمة، تضع النظام السوري أمام تهم عديدة، أما تسمية المعتقل بـ «الموقوف» فهي محاولة تجريمه بما لم تقترف يداه.
الموقوف هو من يتم حبسه بقرار قضائي، ويتم إيداعه في السجن المدني، أما المعتقل فهو الذي يتم اعتقاله من قبل أجهزة المخابرات في أماكن وظروف سرية».
غالباً ما يطلق الاعتقال على الأشخاص الذين يعتقلون لأسباب سياسية أو لنشاط انساني أو للتعبير عن رأي يعارض النظام القائم، أما الموقوف فيطلق عادة على الأشخاص الذين يرتبكون جرائم جنائية كالقتل والسرقة والتزوير وغيرها من الجرائم، وهو ما يحاول النظام الآن تطبيقه على معتقلي الرأي في سجونه، حيث يحتجزهم كرهائن لديه، ليستخدمهم ورقة ضغط لصالحه في جميع المحافل».
النظام لا يعترف بوجود معتقلي رأي أو سياسيين لديه، لذلك أطلق عليهم صفة موقوفين لينفي عنهم صفة معتقلي رأي، وذلك ينصب ضمن مساعي النظام الحثيثة في قطع الطريق أمام حملات التضامن مع المعتقلين في سبيل إطلاق سراحهم».
الموقوف أياً يكن يحق له تعيين محام باستثناء من يحالون لمحاكم ميدانية، وقد تجاوز عددهم الخمسين ألفاً منذ عام 2011، وهي محكمة سرية، ولا تسمح لأحد بمراجعتها، ولا تسمح للمحامين بالترافع أمامها، قضاتها عسكريون، وأحكامها غير قابلة للطعن، أما الذين مازالوا في الفروع الأمنية فهؤلاء ممنوعين من توكيل محامي، ويقدر عدد هؤلاء بعشرات الألوف، ويتجاوز 100000»، مبيناً ان «عدد المعتقلين في سجن صيدنايا وحده يبلغ أكثر من 16000 معتقل».
ان «اعتقال عشرات الآلاف من السوريات والسوريين ولاسيما من الناشطين السلميين والمعارضين السياسيين هو عمل ينافي أبسط المبادئ الإنسانية ويصنف في خانة الاعمال الإرهابية، فكيف اذا اقترن ذلك الاعتقال بعدم الافصاح عن مصير المعتقلين، وتعريضهم للتعذيب الممنهج المفضي للموت المحقق، فمن يتحدث عن مكافحة الإرهاب ويتحجج به، عليه ان يتوقف أولاً عن إرهاب الناس بالاعتقال وتعذيبهم وقتلهم، وان يفرج عن المعتقلين كافة لديه».
«إن تذرع الأسد بالحفاظ على سيادة الدولة لرفضه إجراء تحقيق أممي في عمليات التعذيب والقتل في السجون والزنازين السورية، هو محاولة مكشوفة للتهرب من المسؤولية عن تلك الجرائم في ظل وجود مئات إن لم نقل آلاف الشهادات الحية والتي تؤكد بلا أدنى شك حصول عمليات تعذيب وقتل واستمرارها حتى الآن».
«أن وجود محاكم الميدان العسكرية واستمرار عملها بشكل سرّي، يكـفي للتدليل على وجود عمليات تعذيب وقتل خارج إطار القانون العادي، وإلا ما الداعي لوجودها في ظل وجود قضاء عادي» السبب إلى أن هذه المحاكم التي تعتبر وصمة عار في تاريخ سوريا، لا تشبه المحاكم إلا في تسميتها، فأعضاؤها ليسوا قضاة بل من العسكريين، ولا تسمح للمحامين بحضورها ولا حتى لأي شخص غير أعضائها، وتعقد جلساتها في مكان سرّي ولا تستغرق الجلسة فيها أكثر من خمس دقائق، ويصدر بعدها الحكم بشكل مبرم غير قابل للطعن، وترسـل الأحـكام المتعلقة بالإعدام لتصديقها من قبل رئيس الجمهورية الذي يملك حق تخفيض العقوبة جزئياً أو كلياً، أما أحكام السجن فترسل لوزير الدفاع للتصديق عليها والذي يملك أيضاً حق تخفيـض العقوبة جزئيـاً أو كليـاً.
هاني السليمان . الثورة السورية في سويسرا
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.