داريا

حاول النظام استثناء مدينة داريا من اتفاق وقف الأعمال العدائية، بحجة وجود تنظيمات متطرفة في المدينة، علماً أن المدينة يتواجد فيها فصيل رئيسي واحد وهو لواء شهداء الإسلام أحد أكبر تشكيلات الجبهة الجنوبية، والتي توصف بأنها من أهم تشكيلات المعارضة المسلحة المعتدلة في سوريا.
وتعتبر مدينة داريا أحد أهم معاقل الثورة التي يمارس عليها النظام سياسة التجويع بهدف إخضاع ثوار المدينة، بعد فشل النظام في السيطرة عليها عسكرياً، على الرغم من استخدامه جميع أنواع الأسلحة.
“كلنا شركاء” كان لها حديث مع عضو المكتب الإعلامي في لواء شهداء الإسلام “أيهم أبو محمد”، لمعرفة موقف اللواء والأهالي في مدينة داريا من اتفاق وقف الأعمال العدائية، فقال إن ثلاثة سنوات وأربعة أشهر هي فترة الحرب التي عاشتها مدينة داريا، حرب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، قصف بكافة أنواع الأسلحة، محاولات اقتحام يومية، استقدام أقوى المجموعات ضمن جيش النظام، قابله عزيمة وإصرار وثبات أسطوري من قبل أبطال المدينة.
وأضاف بأن أمل بحل سياسي يعيد الكرامة والحرية للشعب السوري ويحاسب المجرم والقاتل وبدأت ملامح هذا الحل تظهر للعلن مع اتفاق الهدنة بوقف الأعمال العدائية، خصوصاً أن الأيام التي سبقت هذا الاتفاق كانت أصعب فترات الحرب على المدينة، لشدة القصف والسعي من قبل قوات النظام بدعم روسي وميلشيات موالية لإنهاء أسطورتها، ورغم إعلان الاتفاق كان الترقب السمة الأبرز حتى ساعة دخول الاتفاق حيز التنفيذ، لتريح قلوب قاطنيها وتبدأ مرحلة جديدة بنفض غبار المعركة وترتيب البيت الداخلي وإعادة الحياة التي طالما افتقدها الناس، وترميم ما تهدم من جدران منازل اضطروا للبقاء فيها لعدم وجود أماكن بديلة للسكن، والالتفات لتأمين الاحتياجات اليومية، ومحاولة توفير بدائل ممكن أن تخفف وطأة الحصار عليهم، كزراعة بعض المحاصيل المتوفرة فيما تبقى من أراض صالحة للزراعة، رغم قلتها، أو جمع الحطب المعد للطبخ والتدفئة.
وأردف “أبو محمد” بأن جبهات المدينة شهدت بعض الخروقات كحالات القنص المتكررة وارتقاء عدة شهداء من الأهالي، وأيضا القصف بالهاون على مناطق محددة، والسرقات التي ظهرت بشكل علني من قبل مرتزقة النظام للأراضي والمنازل التي قاموا باحتلالها، مستغلين التزام الجيش الحر بالهدنة.
ومضت أيام الهدنة وثمانية آلاف وثلاثمئة مدني ينتظرون دخول المساعدات مع وفد الأمم بعد أن منع من قبل قوات النظام لما يقارب الشهرين من تاريخ اتفاق وقف الأعمال العدائية، ودخل وفد الأمم المتحدة ليخبر المحاصرين أن النظام لم يسمح بإدخال المواد الإغاثية إلى داريا، وهذه الزيارة فقط للاطلاع على وضع الموجودين في المدينة والتأكد فيما إذا كان هناك مدنيون أم لا، ولا يحمل الوفد حتى وعوداً تسكت أم بها أطفالها الجائعين، بحسب عضو المكتب الإعلامي.
وأشار “أبو محمد” إلى أنه ورغم قسوة الحصار ومرارة الجوع، إلا أن توقف القصف الذي لم يهدأ منذ ثلاث سنوات  أضفى شعوراً بالراحة لدى أغلب قاطني المدينة، ومنحهم وقتاً لمحاربة الجوع والحصار بالزراعة التي حرموا منها بسبب القصف، فيما تبقى الحاجة ماسة لإدخال المساعدات وإخراج الجرحى لمتابعة علاجهم وفتح ممر إنساني للمدينة التي تعتبر أقدم مدينة محاصرة بتاريخ الثورة السورية، وهذا ما طالبت بها الهيئة العليا للمفاوضات، لكن تعنت النظام ومحاولته عرقلة أي حل سياسي دفعه إلى تحييد مدينة داريا من المناطق المشمولة بتطبيق القرار 2245 الصادر عن مجلس الأمن، ورفع الحصار عنها دون وجود إجراء رادع تتخذه الدول الراعية للاتفاق، أو ما يسمى العالم الحر، وإن هذا الخرق الصريح والعلني يظهر مدى جدية تطبيق هكذا قرارات.
وأكد أن التزام المدينة بوقف الأعمال العدائية هو جزء من تمسكهم بالقرار السوري، ودعم لموقف هيئة التفاوض في سبيل التوصل إلى حل سياسي شامل، مشيراً إلى أن عيون الثوار في داريا تترقب قادم الأيام وما سيجري، فالبقاء على هذه الحال دون تقدم في الملف السياسي يجعل وقف الأعمال العدائية فارغاً من مضمونه، خصوصاً أن النظام يقوم يومياً بخرقه في الغوطة الشرقية والشمال السوري، والموت بسلاح التجويع لا يختلف عن الموت في معركة ضد من يستخدمه، فنهاية الثورة تعني فقط تحقيق أهدافها ولا شيء آخر.

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top