تعتبر المحكمة الميدانية أو ما تعرف بـ "محكمة الميدان العسكرية" كابوساً يلاحق السوريين منذ نهاية ستينات القرن الماضي وحتى الآن، وعبرها أنهى نظام الأسد حياة آلاف السوريين المعارضين له بتهم واهية دون محاكمة عادلة، بعيداً عن أنظار العالم.
وتثبت هذه المحكمة وآلية عملها بما لا يدع مجالاً للشك مسؤولية رأس النظام بشار الأسد عن إعدام السوريين، سيما وأن أي حكم بالإعدام لا يمكن أن ينفذ دون أن يصادق عليه الأسد بنفسه.
وأنشأت المحكمة الميدانية بموجب المرسوم التشريعي رقم 109 للعام 1968 وهي من المحاكم الاستثنائية ويكون قضاتها مسؤولين شخصياً عن نتائج أحكامهم. وكان مرسوم إحداثها للنظر في الجرائم المرتكبة زمن الحرب، ويقصد بذلك الأفعال التي يقوم بها الجيش أثناء الحرب مع عدو خارجي ووزير الدفاع هو من يقرر إحالة الموقوفين اليها.
ويتحدث مصدر رفيع لـ"السورية نت" عن تفاصيل عمل هذه المحكمة اعتماداً على معلوماته الموثوقة حولها ومعرفته عن قرب بأسرارها، موضحاً أن رئيسها حتى نهاية العام 2014 كان العقيد محمد كنجو من الساحل السوري (علوي)، وذلك قبل أن تتم ترقيته من النظام لرتبة لواء، وتعيينه كمدير لإدارة القضاء العسكري. وقد أصدر خلال فترة ترأسه للمحكمة أكثر من 5 آلاف حكم إعدام.
المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية موقعه، إن المحكمة تتألف بقرار من وزير الدفاع، من رئيس وعضوين، ولا تقتصر أحكامها على العسكريين وإنما تشمل المدنيين أيضاً وتتكفل الأجهزة الأمنية المختلفة في سورية عرض أسماء المتهمين عليها، حيث يتم تحويلهم بعد التحقيق مباشرة إلى المحكمة بناء على توصية من رئيس الفرع مباشرة، ويُرفق مع المتهم ضبطه (ملفه) الذي وُضعت فيه كافة الاعترافات التي أقر بها، كما أنها لا تلتزم بالقوانين والتشريعات السورية وإجراءات المحاكمات المتبعة في المحاكم المدنية أو المحاكم العسكرية العادية.
 ولا يستطيع المتهم الدفاع عن نفسه أو توكيل محام. كما لا يمكن لأي شخص السؤال عن المتهم أو معرفة أي شيء عنه. ويتم إصدار الحكم خلال عشرة أيام على الأقل أو شهر كحدّ أقصى وينفّذه وزير الدفاع بأمر منه خلال يومين أو ثلاثة.
ويؤكد المصدر أن هذه الأحكام تخضع لتصديق (رئيس الدولة) أما باقي الأحكام فيجري تصديقها من وزير الدفاع، ويحق فقط لرئيس الدولة ووزير الدفاع أن يخفف العقوبة أو أن يستبدلها بأخرى، أو يلغيها مع حفظ الدعوى، كما يجوز له أن يأمر بإعادة المحاكمة أمام محكمة ميدان أخرى.
وفي فترة الثورة السورية يتبين أن أغلب من تم تحويلهم إلى هذه المحكمة هم نشطاء بالمجال الطبي والإغاثي أو من مقاتلي المعارضة، حيث يدفعهم التعذيب الشديد الممارس عليهم من قبل الأجهزة الأمنية على التوقيع أو البصم على اعترافات مزورة دون أي مستند قانوني وقد صدرت أحكام إعدام بحق الكثير منهم وتم تنفيذها بناءً على ما أرفق في ملف المعتقل.
ويؤكد المصدر أنه حتى العام 2014 اُحيل الى المحكمة الميدانية أكثر من 100 ألف متهم نصفهم تقريباً تمت إحالتهم إليها غيابياً، أما الباقي فما يزال قسم كبير منهم موقوف حتى الآن.
وعلمت "السورية نت" أنه قد جرى التوصل بين رؤساء أفرع التحقيق بالجهات الأمنية الأربعة في سورية (عسكرية، وسياسية، وجوية، وأمن دولة) مع رئيس المحكمة كنجو إلى اتفاق على إضافة عبارة واحدة في إفادة الموقوفين الذين يريدون إعدامهم ولو لم يذكرها هؤلاء الموقوفين أثناء التحقيق، وهذه العبارة هي: "كما أقدمت بالاشتراك مع آخرين على مهاجمة حاجز كذا أو مركز كذا أو النقطة كذا (مناطق عسكرية لقوات النظام) بالأسلحة النارية مما أدى الى استشهاد عدد من عناصر هذه المراكز أو الحواجز أو النقاط وإصابة آخرين". ويفسح ذلك المجال للقاضي أن يصدر بحق المتهمين أحكاماً بالإعدام دون وجود أي مستند قانوني أو رادع أخلاقي وإنساني.
ويقع مقر المحكمة في فرع الشرطة العسكرية في دمشق (منطقة القابون) ويتم تنفيذ أحكام الإعدام بعد تصديق الحكم من بشار الأسد بيومين وحد أقصى أسبوع، من قبل سرية خاصة في فرع الشرطة العسكرية تسمى "سرية الإعدام" ويتم ذلك في نفس الفرع أو أماكن التوقيف الصادر بحقهم هذه الأحكام في سجن صيدنايا أو سجن عدرا، ويتم بعدها نقل الجثث إلى مقابر جماعية في البادية السورية وهي سرية.
والجدير بالذكر أن هذه الجرائم التي تجعل من الأسد بحسب القانون الدولي مجرم حرب، تحصل بعيداً عن منظمات حقوق الإنسان التي يمنع النظام دخولها إلى سورية، وهي لا تقل جرماً عن آلاف التي سربها المنشق عن قوات النظام (قيصر) لمعتقلين سوريين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام.
السورية نت

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top