مأساة أخرى تضاف بكل آلامها إلى سجّل الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد لتحوّل هذا الحراك الشعبي إلى مفضل أساسي على سجل الانسانية وتاريخ هذا الشرق. عنوان المأساة الحالية لا ترتبط مباشرة بالقصف والذبح والبراميل المتفجرة والغارات الجوية والقنص وه العناوين العريضة التي خطها النظام بدماء السوريين. عنوان المأساة الحالية هي الجوع حتى الموت وكأنّ القاتل يصرّ على أن يسلك شتى الدروب الممكنة للوصول الى أرواح أبناء سوريا والنيل من صمودهم. مضايا التي قد تأتي إحدى تسمياتها من اسم “أم الضياء” والتي يتفجر منها 6 ينابيع رئيسية إحداها “بردى”، ما زالت في مكانها بين سفح السلسة الشرقية للبنان وبين بلدة الزبداني التي تقع الى غربها، ولكن يبدو أن أهلها على وشك أن يتركوها الى مكان آخر في هذه الدنيا أو إلى الدنيا الأخرى.
بهذا الخصوص، نقل الأستاذ علي ابراهيم (التيناوي) ممثل شباب الحراك الثوري وأحد أبرز الناشطين والإعلاميين في الزبداني وضواحيها، في حديث خاص لموقع 14 آذار الألكتروني أنّ “الوضع في الزبداني يتلخص بوجود بضع مئات من المقاتلين والأهالي وذويهم الذين مازالوا ينتظرون اتمام النقاط الباقية في اتفاقية الزبداني الفوعا كفريا. بالنسبة لمضايا، من المهم ان نوضح أنها تضم ما يتراوح بين 40 إلى 45 ألفاً من السوريين: نصفهم من أهل المدينة، والآخرين نزحوا اليها من بقّين والغوطة والمعضمية والغالبية هم من المنطقة الشرقية لمدينة الزبداني الذي تهجروا قصراً على يد النظام وبالتحديد من أحياء الشلّاح والجرجاني والعمورة وغيرها. اللجوء الى مضايا من قبل المدنيين كان بسبب واقعها حيث لم تشهد معارك كبيرة أو قصف جوي مركّز مقارنة بالمناطق الأخرى في ريف دمشق، بالرغم من القصف المدفعي والبراميل المتفجرة التي طالتها وسقطت بفعل ذلك عدد من الشهداء”.
وتابع الناشط السوري قائلاً “في الواقع، لا يوجد في مضايا هناك كتائب مسلحة مقاتلة ومنظمة بالمعنى المتعارف عليه كما في حلب والقلمون وغيرها من المدن الثائرة على النظام. لذلك، إرتأى بشار الأسد وحزب الله اتّباع تكتيك يقضي بتجويع بلدة مضايا حتى الموت عبر فرض حصار مميت عليها بُعيد صيف عام 2015 بعد ان اجتمع فيها كل هؤلاء المدنيين. والغريب ان حواجز النظام وحزب الله سمحت بدخول أياً كان الى مضايا ومنعت خروجهم كما منعت دخول الإمدادات بطبيعة الحال من طعام وشراب ومؤن وأدوية وأدوات طبية. وفي هذه الإجرآت خبث منهجي يهدف لجمع أكبر عدد ممكن من الناس وتجويعهم ومن ثم المساومة على حياتهم وربما تحقيق ترانسفير ديمغرافي وتهجيرهم على اساس طائفي، من دون ان يضطر النظام ومن معه لإطلاق طلقة واحدة أو القيام بمذبحة دموية علنية. مع الإشارة إلى أنّ تم زرع المناطق المحيطة بمضايا بحقول من الألغام الفردية منعاً لهروب أياً كان من هذه المدينة الرازحة تحت ألم الجوع”.
وأشار التيناوي في حديثه إلى أنّه “مع مرور الوقت، بدا أنّ حزب الله وجيش النظام بات يهدف إلى تحقيق مكاسب مادية على حواجزه من خلال استغلال جوع السكان المحاصرين؛ فقد قام كثير من السوريين المحاصرين بالذهاب بسياراتهم الى الهذه الحواجز واستبدال سياراتهم ببضع كليوغرامات من الطعام مثلاً، أو أو أنّه بات سعر كيلو الرز أو سعر كيلو البرغل أو كيلو السميد ما شاكل سعراً خيالياً يتراوح ما بين 200 إلى 300 دولار على هذه الحواجز التابعة للنظام ولحزب الله. وبات المحاصرون يتندرون بهذه المسألة حين طالبوا أن تُدرج هذه الأسعار في كتاب غينيس للأرقام القياسية. كما أن البعض بات يسال هل يجب أن نكبّر عند ذبح القطط والكلاب كي نأكلها. لكن من البديهي أن الماساة تعود فتفرض قساوتها حيث وردنا أن إحدى الامهات التي وجدت نفسها أمام أربع أطفال يتضورون من الجوع، فقدت صوابها وأصيبت بالجنون وباتت تركض في شوارع المدينة. كما أنه تمّ تسُجّيل موت مايزيد عن 60 شخصاً حتى اللحظة بفعل الجوع وبمعدل بلغ شهيد إلى شهيدين يومياً بفعل الافتقار الى الغذاء”.
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.