بعد بدء التعامل بالليرة التركية شمال سوريا.. الدولار يعود بقوة



تدرس القوى والمؤسسات المعارضة في الشمال السوري التعامل بالليرة التركية كبديل عن الليرة السورية التي تشهد تقلباً وانخفاضاً كبيراً في قيمتها، بسبب الحرب التي تعيشها البلاد. ولا تزال الليرة السورية العملة الأساسية للتداول ولعمليات الشراء والبيع اليومية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة من سوريا، وذلك بالرغم من مرور السنة الثالثة على خروج كثير من هذه المناطق عن سلطة نظام الأسد.
ليس ببعيد إلى ثاني أكبر المحافظات السورية اقتصاد ، ففي الجزء الشرقي الخاضع لسيطرة المعارضة من مدينة حلب، نادراً ما تشاهد منتجات مُسعرة بالعملات الأجنبية، وإن المواد الغذائية مثل الخبز والخضروات بالإضافة إلى المحروقات والألبسة كلها تُباع حتى الآن بالليرة السورية .
ولكن هناك من يرى بأن الموضوع لم يدرس بالشكل الاقتصادي الحقيقي، بل درس بمنظور سياسي لا أكثر ، ويبدو أن من طرح الفكرة لم يكن في حسبانه الهبوط الأخير الذي تعاني منه الليرة التركية بعد الأزمة السياسية في البلاد، التي تتعلق بتشكيل الحكومة، أو بالتحرك العسكري التركي الجديد ضد تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني، الأمر الذي دفع ببعض السوريين ممن لا زالوا يدخرون بعض المال، إلى تحويل أموالهم التي كانت بالعملة السورية، ومن ثم بالتركية ، إلى العملة الصعبة .
البعض من أبناء الشعب السوري رفض هذه الفكرة ، والبعض أقر عليها:
في هذا السياق يقول أنس الحلبي، عضو نقابة الاقتصاديين السورية في حديثه: “إن انتقالنا إلى عملة مستقرة اقتصادياً سيؤدي إلى انخفاض اسعار السلع في مناطقنا، حيث أن التجار يقومون برفع الأسعار ضمن هامش معين لضمان عدم الخسارة في حال انخفاض قيمة الليرة السورية، وبمجرد الانتقال إلى عملة مستقرة سيزول هذا الهامش.
ويضيف الحلبي : لست مع أو ضد استخدام الليرة التركية، لكنني أستغرب من أن الأشخاص ذواتهم، الذين تحمسوا للفكرة وروجوا لها وكان لهم دور حقيقي في استخدامها، بدأوا اليوم يحولون ما يملكون من مال بالليرة التركية إلى الدولار الأمريكي، ويقولون إن الليرة التركية على كف عفريت، وقد تهوي بشكل غير متوقع.
وتشهد الليرة السورية تقلبات مفاجئة في سعرها أمام العملات الأجنبية، تبعاً للأحداث السياسية والعسكرية التي تتغير بشكل سريع في البلاد، فقبل اندلاع الاحتجاجات المطالبة برحيل الأسد في آذار 2011 كان الدولار الأمريكي يساوي 46 ل.س، أما في هذه الأيام فيصل إلى 300 ل.س.
ويقلل الحلبي من تأثير ذلك كون البضائع في مناطق الشمال السوري مستوردة في معظمها من تركيا، ويوضح سبب اختيار العملة التركية كبديل عن الليرة السورية: “بأن تركيا تقع شمال سوريا وهذا يسهل نقل وتوفر البضائع التركية والعملة التركية، بالإضافة لسهولة تأمين القطع المعدنية من العملة (السنتات) الضرورية للتعاملات اليومية.
ونفى الحلبي أن تكون هذه الخطوة بضغط من الحكومة التركية أو من أطراف سياسية ، و إلى الآن لم نتواصل مع الحكومة التركية بهذا الخصوص لكننا شكلنا مؤخراً لجنة للتواصل معهم لمعرفة ردّ فعلهم بهذا الشأن ، إلا أنه من شأن استبدال الليرة السورية بالليرة التركية في الشمال السوري التأثير الإيجابي لصالح الليرة التركية. كما وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع الحديث عن تدخل تركي مرتقب في الأراضي السورية لإقامة “منطقة عازلة” وهذا من شأنه أن يقوي موقف أنقرة.
تعمل الآن في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال البلاد لجنة تسمى “لجنة استبدال العملة” على إجراء خطوات عملية لجعل الليرة التركية كبديل عن الليرة السورية في التعاملات اليومية للسكان ، ستعمل على اتخاذ خطوات عملية لانتقال المواطنين تدريجياً للتعامل بالليرة التركية بدلاً من السورية، وذلك بالتعاون مع مؤسسات معارضة مثل: مجلس مدينة حلب والمحكمة الشرعية ، حيث سيتم تسعير المواد الأساسية مثل الخبز والمحروقات وغيرها بالليرة التركية تحت إشراف لجنة للرقابة على الأسعار، وستوزع رواتب الموظفين في المؤسسات المعارضة بالليرة التركية
وتحدث رئيس اللجنة شارحا آلية عمل اللجنة : إن المشروع يعمل ضمن مراحل، وحالياً لا يعتمد على إلزام المواطنين، وإنما طوعياً من أجل المصلحة العامة ومحاربة النظام اقتصادياً، لكن من الممكن لاحقاً في حال وصولنا لمراحل متقدمة منع التعامل بالليرة السورية إن لم يكن في ذلك ضرر على المواطنين.
يعود الدولار بعد فترة بسيطة من تداول العملة التركية إلى فرض وجوده في كل مكان من سورية، حتى أهالي المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام يحرصون على أن تكون مدخراتهم بالعملة “الصعبة”، ويرون أنها كالذهب، لا تتغير قيمتها إلا بفروقات بسيطة غير مؤثرة ، ويتساءل البعض بسخرية: “هل سنقبض على رأس الشهر بالدولار أم بالتركي”، فيما يبدو أن المعشوق الأخضر سيظل متصدرا الساحة السورية.

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top