توقفت عملية “عاصفة الجنوب” في درعا السورية، بعد أن انطلقت في حزيران/ يونيو الماضي، لتحرير مدينة درعا من القطع العسكرية المتبقية للنظام هناك، تاركة أسئلة حول المسؤول عن توقف العملية بعد انطلاقها. وتكمن أهمية معركة درعا بالنسبة للفصائل المعارضة المسلحة كونها “البوابة الجنوبية إلى دمشق”، بحسب أحد القادة في الجيش الحر، الذي لم يخفِ امتعاض ما تسمى “غرفة عمليات الموك” من طريقة إدارة المعارك ومشاركة جبهة النصرة، التي انسحبت لاحقا لأسباب تتعلق بضغط بعض الفصائل التي تتلقى دعم السلاح من الولايات المتحدة، ضمن برنامج “دعم المعارضة المعتدلة”. ويروي قادة عسكريون لـ “عربي21” أسباب توقف عاصفة الجنوب ودور غرفة العمليات المشتركة “الموك” التي تترأسها الولايات المتحدة الأمريكية مع عدد من الدول، في التسليح والإشراف على بعض الفصائل في الجنوب السوري. واعتبر العقيد خالد الحبوس، من المجلس العسكري لدمشق وريفها والمنطقة الجنوبية في الجيش الحر، أن ذلك يرجع لما أسماه “أسباب الفشل منذ الإعداد”، إذ قال العقيد لـ”عربي21″، إنه “بعد تحرير مدينة إدلب، بدأت مرحلة الإعداد لمعركة عاصفة الجنوب من قبل تشكيلات في الجيش السوري الحر وجبهة النصرة، حيث قام الطرفان بتشكيل سبع غرف عمليات مربوطة بغرفة عمليات مركزية، وقامت هذه الغرف في البداية بتوزيع العمل على عدة مستويات من العمل العسكري إلى اللوجستي والإعلامي وتعيين ساعة الصفر”. وأضاف الحبوس أن “من أول الأخطاء التي تم ارتكابها تسليم إدارة غرف العمليات لمدنيين، بينما كان الضباط عبارة عن مستشارين فقط، وكانت الخطة في بدايتها تقضي بقصف مدفعي مكثف لمواقع النظام في درعا، مع فتح جبهات فرعية للتمويه، لكن الأمور لم تجرِ كما خطط لها، حيث أدى الضخ الإعلامي المكثف الذي سبق عمليات عاصفة الجنوب لتحذير النظام وتعزيز قواته، وقامت مدفعية وطائرات النظام برصد الثوار وأماكن تواجدهم، وحققت بينهم إصابات دقيقة”. ومن الأسباب الأخرى، بحسب الحبوس، “التأخر في توزيع السلاح والذخيرة، وعدم تدريب العناصر على القتال في المدن، فأغلب الكتائب اعتادت القتال في السهول ومهاجمة الحواجز، بالإضافة لعدم وجود ضباط اختصاصيين بالمعركة كضباط الهندسة والاستطلاع، مع غياب شبه كامل لمقومات الحرفية في المعركة، وعدم العدالة في توزيع الذخيرة بين الفصائل المشاركة”. وتابع العقيد في الجيش الحر بأن “الضربة القاسمة كانت في انسحاب جبهة النصرة من المعركة، وتركها لفراغ كبير أدى إلى تأجيل المرحلة الأولى من المعارك”، مؤكدا أن لغرفة الموك -التي تتخذ من الأردن مقرا لها- دورا في تسليح بعض الفصائل بالذخيرة، مثل كتائب الفيلق الأول، وجيش اليرموك، وفرقة فجر الإسلام، وكان من المفروض أن تزود هذه الكتائب الكبيرة الفصائل الصغيرة الأخرى بالذخيرة والطعام والمازوت والأجهزة اللاسلكية والمتفجرات، وهذا لم يحدث، ما تسبب بخلل كبير في تنسيق العمل بشكل كامل بين سبع غرف على امتداد 15 كيلو متر (مدينة درعا كاملة)، بحسب تعبيره. وكانت الفصائل المسلحة، التي أطلقت معركة “عاصفة الجنوب” قبل أشهر، تهدف إلى السيطرة على الأحياء التي لا تزال خاضعة للنظام السوري في مدينة درعا، إذ سعت قوات المعارضة لمهاجمة المدينة من سبعة محاور، بمشاركة فصائل مقاتلة، من أبرزها “جبهة النصرة” لتتوقف المعارك في وقت لاحق، ويبقى الوضع الميدان في درعا كما هو عليه. لا تقدمات جوهرية بدوره، قال الرائد عصام الريس، المتحدث الرسمي باسم الجبهة الجنوبية السورية، لـ”عربي21″، إن “خارطة السيطرة على مدينة درعا بقيت كما هي بعد عاصفة الجنوب، حيث يسيطر الثوار على منطقة درعا البلد مع الثوار، بينما تسيطر قوات النظام على منطقة درعا المحطة، مع تقدم بسيط لقوات الثوار على أبنية تم السيطرة عليها أثناء عملية عاصفة الجنوب”. ولا يتفق الريس مع مقولة أن “عاصفة الجنوب توقفت”، بالرغم من تأكيده توقفها في مدينة درعا، قائلا إنها “لم تتوقف، إنما تغيرت الخطة وعاصمة المعارك درعا”، موضحا أن عاصفة الجنوب معركة كبيرة، وهي تجمع لغرف عمليات عديدة، يعملون لأكثر من هدف، وليس شرطا التركيز على درعا، فهناك مناطق عديدة في الجهة الجنوبية ما زالت تشهد معارك، بحسب قوله. وحول أسباب توقف المعارك في درعا، قال الريس إن ذلك “يعود إلى صعوبة المعارك واستشراس النظام، والقصف العشوائي للمدنيين أثناء العملية، بالإضافة لعمليات الانتقام، واستنزاف المشافي الميدانية، وعدم مقدرة الثوار على قطع شريان إمدادات النظام التي كانت تصل من دمشق بشكل دائم”، مضيفا أن “السبب الرئيسي توقف الذخيرة ونقص السلاح، لكن هناك أسبابا أخرى عسكريه تكتيكية كان لها دور، فدرعا مدينة، والعمل على المدينة عمل معقد، ليس كعمل على معسكر للنظام، لذا كانت تحتاج إلى خطة محكمة”. ويتفق الريس مع العقيد الحبوس بـ”عدم وجود خبرة لفصائل الجبهة الجنوبية في قتال المدن، بسبب تراكم خبرات هذه الفصائل وقتالها في الريف”. المصدر: عربي 21
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.