بين الحين والآخر، يعلن نظام بشار الأسد ووسائل إعلام لبنانية، عن عودة دفعات من اللاجئين السوريين في لبنان إلى بلدهم، في إجراء لم يخلو من التنسيق بين النظام والسلطات اللبنانية، التي تسعى جاهدة لإعادة أكبر عدد ممكن من السوريين.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها لبنان لإقناع السوريين بالعودة، إلا أن النتائج ليست مرضية لبيروت، فمنذ بداية العام 2018 وحتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، عاد 50 ألف سوري فقط من أصل قرابة مليون لاجئ، وفقاً لما قاله اللواء عباس إبراهيم، مدير الأمن العام اللبناني في وقت سابق لوكالة رويترز (link is external).
ويعود السوريون في لبنان إلى بلدهم من 3 معابر، هي: "الدبوسية، والزمراني، وجديدة يابوس أو ما يُعرف بالمصنع"، وأول ما تراه أعينهم هناك، صور كبيرة للأسد مكتوب عليها عبارات التمجيد، كما أن الحافلات التي تقلهم من الحدود تتصدر مقدمتها صور الأسد وأعلام النظام.
ويجد العائدون وسائل إعلام تابعة للنظام، سخرت كوادرها لتغطية عودتهم، مستخدمة البث المباشر في بعض الأحيان، وذلك ضمن السياق الإعلامي الاستعراضي الذي يستخدمه النظام للترويج لما يعتبره "انتصارات عسكرية على الإرهاب"، ساهمت في عودة اللاجئين، حسب زعمه.
ويتعامل النظام مع عودة بعض اللاجئين على اعتبار أنها تمثل "انكساراً لشوكة المعارضة وأعداء النظام"، واعتبر إعلام النظام العائدين من اللاجئين"مهجرين الجدد"، وواصل ادعاءاته بأن السبب الذي أجبر ملايين اللاجئين السوريين على الخروج من بلدهم، انتشار ما سماه بـ"العصابات الإرهابية"، ليأتي مشهد العودة وكأنه النهاية السعيدة للرواية الفانتازية التي اختلقها حول هجرتهم.
ويريد النظام القول إن "اللاجئين السوريين يعودون اليوم إلى حضن الوطن الذي اشتاقوا إليه، بفضل انتصارات الجيش وحلفائه، الذين لعبوا دور المنقذ وحرروا مناطق سكنهم الريفية"، وهو ما حرص على إظهاره في المقابلات من خلال حديث بعض اللاجئين الذين التقاهم، وكانت علامات التعب بادية على وجوههم.
وعلى غرار البث المباشر الذي قامت به وسائل إعلام النظام في عمليات النزوح القصري لعدد كبير من المواطنين السوريين إلى إدلب، والتي وثقها النظام بوصفها "انتصاراً للجيش السوري على الإرهابين واستسلامهم له"، وعلى غرار البث المباشر لنزوح أهالي الغوطة في دمشق عند دخول قوات النظام على أنها تحرير للمحاصرين دخل الغوطة من قبل الإرهابيين"، صورّ إعلام النظام رحلة العودة التي خاضها اللاجئين في سياق احتفالي مفتعل.
ويؤكد إعلام النظام من خلال مقابلاته الميدانية مع العائدين على ثلاث أمور رئيسية، وهي: التأكيد على شعور الغبطة والسعادة للعائدين، وتقديم النصائح من خلالهم للمغتربين بالعودة إلى (حضن الوطن)، وتشجيعهم على ذلك من خلال تقديم أمثلة لهم من العائدين على ما ذاقوه من (ذل في الغربة)، وإضافةً إلى ذلك حرص على التأكيد على ولاء العائدين في أغلب المقابلات من خلال توجيه التحيات والشكر لأبطال الجيش العربي السوري!".
ويتم التأكيد من خلال الفيديوهات على تسهيل الإجرءات للعائدين، والتي لا تتعدى كونها إجراءات روتينة، كما تحاول وسائل إعلام النظام إظهار الأخير بوصفه نظاماً متحضراً من خلال تصويرها للمساعدات الطبية التي يقوم بها المتطوعين على الحدود السورية للأطفال، حيث خصصت بعض دقائق البث المباشر لتوثيق تلك الإنسانية المفتعلة، وتضمنت مشاهد للقاحات التي تعطى للاجئين السوريين عند دخولهم إلى الأراضي السورية.
وكذلك صورت بعض المقابلات مع شبان، أكدوا أنه لم تتم مساءلتهم عن الخدمة العسكرية أومحاولة جرّهم لها على الحدود السورية، لتنتهي المقابلات بدعوات إعلانية لعودة الشباب السوري لحضن الوطن، وهذا ما يتناقض مع القوانين التي أصدرها النظام في الآونة الأخيرة، والتي تحرص على التشديد على أهمية التجنيد الإجباري.
وفي الفيديوهات  يظهر العائدون بوضع مريع، يجلسون في حافلات وضعت عليها صور الأسد بانتظار اجتياز المعبر، وظهر العائدون وهم يصطفون في طوابير طويلة  تحت أشعة الشمس حاملين أمتعتهم وأولادهم في انتظار دورهم لإتمام الإجراءات القانونية لعودتهم.
ولم يهتم إعلام النظام إلى التنويه لمستقبل هؤلاء العائدين وإمكانية تأمين سكن وعمل لهم في حال دمار أرزاقهم جراء القصف الذي شنه النظام وحلفائه على مناطقهم طيلة السنوات السبع الماضية.
وكان النظام قد شن حملات اعتقالات واسعة في المناطق التي استعاد السيطرة عليها بعدما كانت أيدي المعارضة، سواء في مناطق الغوطة الشرقية بريف دمشق، أو درعا والقنيطرة جنوب البلاد. 

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top