لو كنت مكان الأسد، وأعوذ بالله من أن أكون، لفاخرت بزيارتي إلى موسكو أمام وسائل الإعلام، ولجعلتها علنية بموكب ينطلق من القصر إلى المطار، تزينه الإعلام، وتحفّه الموسيقى والشعارات، ذلك لأقول للعالم أن القوات الروسية قد حققت نصراً ما، أو على الأقل لأشكر بوتين على محاولته إنقاذ عنقي.
فقدَ الأسد حمرة الخجل مطلقاً، فبدلاً أن يطبل لذهابه إلى موسكو بوصفه منتصراً ومسيطراً على الأرض، شاكراً نعمة صاحبه، يخرج متخفياً، لا يعرف بزيارته أحد، لدرجة أن سانا أرادت أن تفتخر بسيدها فأعلنت عن وصوله إلى موسكو في الساعة التي ذكرت فيها روسيا اليوم أن الأسد قد عاد إلى دمشق.
اثنتان وأربعون ميليشيا تقاتل إلى جانب بشار، على رأسها الجيش الإيراني بعدته وعتاده، والجيش الروسي بطائراته وسفنه وجنوده، ويبدل الأسد طاقم حمايته باستمرار، ويأمر كل يوم طياريه بأن يغيروا على المساجد والمدارس والحقول، وأن يحرقوا البيوت، ويمنعوا صوت الأذان، وأن يخرسوا أناشيد الأطفال، ويسكتوا ضحكات السوريين. ومع كل هذه البربرية وكل هذه الجيوش يخرج “رئيس البلاد” الذي يدعي السيطرة عليها واستتباب الأمن في ربوعها سراً كأرنب مذعور منفّذاً أوامر موسكو. إذاً ماذا يحكم هذا الرجل في سورية ومن يحكم؟. وماذا يعني كل هذا؟
يعني أن الثورة المباركة وإن تأخرت في تحقيق هدفها، فإنها منتصرة لا محالة، بمعنى لو طلب الأسد حماية الجن والشياطين الحمر والزرق، بالإضافة إلى روسيا وإيران وحزب الله والغرب كله فسيسقط أيضاً.
ويعني أن الأسد لا يحكم البلاد، ولا يسيطر على الأرض السورية ولا حتى بعضها بل يقصف بالطائرات ويدمر المدن ويقتل الآمنين.
ويعني أن الأسد يعيش في حالة نفسية مفجعة وارتباك عميق يمنعه من التصريح بزيارته والإخبار عنها.
ويعني أن الأسد لا يثق بأحد ممن حوله ويعيش في قلق الخوف من الاغتيال أو الاصطياد حتى من الإيرانيين أنفسهم، خاصة وأنه يعرف أنه مجرد أداة في أيديهم يساومون بها الغرب في المجال السياسي.
ويعني أن جيش الاحتلال الروسي وعدوانه المستمر على الشعب السوري لم يحققا لبشار أي مكتسبات إستراتيجية على الإطلاق، وأن موسكو مضطرة لأن تتحدث مع حليفها عن حكومة انتقالية وضرورة أن يجهز نفسه للرحيل.
ويعني أن بوتين استدعى الأسد وأمره بالمثول أمامه، وليس كما أشاعت وسائل إعلام الشبيحة بأنه ذهب في زيارة رسمية لموسكو.
ويعني أن الشعب السوري المسالم ذو الابتسامة العريضة والدماثة غير المحدودة، سيتغلب على روسيا وإيران وشبيحة الأسد، وسيغير وجه التاريخ.
لن يتحقق للأسد من زيارته لموسكو إلا الإحساس بالفشل، ولن تمنح القوات الروسية النصر لرجل لا يملك في البلاد كلها أكثر من قصره، قد تحقق منجزات ميدانية طفيفة تساهم في تقوية موقف موسكو لا موقف بشار الأسد في الحديث مع الثوار. إن ثبت رجال سورية على ثورتهم ووحدوا صفهم واستعادوا توازنهم فسيذيقوا الاحتلال وأعوانه الويلات، تماماً كما فعل شعب أفغانستان بالاتحاد السوفياتي، وإن غداً لناظره قريب.
عوض سليمان
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.