img


إن الشخص الذي يمتهن الإبتزاز لايرغب ولن يكون هدفه يوماً التخلص من ضحيته ، بل على العكس تماما ً ، فالتخلص من الضحية يخرج مفهوم الإيتزاز عن سياقه  ” فالأموات لايمكن ابتزازهم ”
لماذا ترغب إيران بابتزاز اسرائيل وليس التخلص منها ؟!
ماهو الهدف من ابتزاز اسرائيل ، ولماذا أطرح مفهوم الإبتزاز هنا ؟
في عام 2006 دعاني ابن أحد الضباط لتناول فنجان قهوة في نادي الرماية الذي يديره والده , نادي الرماية  في الديماس  التي تطل على دمشق من السفوح الغربية وهو موقع ترفيهي ضخم يتبع لوزارة الدفاع السورية ويضم مطاعم ومسابح وملاهي للأطفال وقاعات للإحتفالات والتي تشهد أغلبها أعراس أبناء الضباط رفيعي المستوى بالإضافة لفندق لايفصله سوى سور عن نادي الفروسية ( الذي تعرض لغارة اسرائيلية  في الشهر الأخير من العام المنصرم )
المثير في ذلك الحين مشاهدتي لعدة أشخاص ملامحهم أقرب للإيرانين بينما هم داخلين للفندق ، وذلك بعد نزولهم من سيارة ذات شكل مريب ،حيث  لم يكن شكل السيارة التي لاتحتوي شبابيك فقط مايثير الريبة ، إنما وجوههم التي لم تتسم بملامح السياح ، ولم يكن لهم رفقة من النساء أيضا ً ، وهذا مؤشر آخر على أنهم ليسوا بسياح .
سألت صديقي حينها بعد ما أضفيت شيئاً من البراءة على نبرتي ، من هؤلاء ؟
أجابني بكلمة واحدة فقطط : إيرانين .
هنا أدركت أن علي َّ بلع ماتبقى من أسئلتي قبل أن تبتلعني أحد الأفرع الأمنية .
بعد عام ٍ  بالضبط تم فرز أحد  أقاربي للخدمة الإلزامية بذات الموقع ، راق َ لفضولي حينها أن أذهب لزيارته ، وماأن خضنا بالحديث بعد السلام والتطمينات حتى استدرجته ليسرد لي حكاية الإيرانين وطبيعة وجودهم دون أن يدرك أن هذا الإدلاء قد يوديه بتهلكة ، موجز ماعلمتهُ منه أن الإيرانين خبراء صواريخ يقومون بزيارات شبه يومية للقنيطرة ودرعا المحاذيتين للجولان المحتلة ، ثم همسني بطريقة متندرة : الضباط يظنون أننا عساكر جهلة ولانحمل سوى الشهادة الإبتدائية ، لكن الجميع هنا يعلم ماحكاية الإيرانين .
من هنا أعود لما أسلفته في بادىء المقال .
مالحكمة من رغبة إيران في وضع إسرائيل تحت تهديد دائم دون مساس أمنها بشكل ٍ مباشر ، ماهي المكاسب التي تحققها إيران من خلال هذا الإبتزاز ؟
تكاد لغة الإبتزاز تطغى على الخطاب السياسي الإيراني ، ظاهره وباطنه ، فإيران تعتمد الإبتزاز مع إسرائيل كمنهجية للتغطية على ماهية مشروعها في المنطقة ولإرغام الغرب على صفقة تفضي إلى تنازل إيران عن مشروعها النووي مقابل التواطؤ لتحقيق مشروعها التمددي .
إيران التي لاتنقطع عن تهديد إسرائيل لفظيا ً والتلويح بنوويها المزمَع ، هي تدرك تماماً أن من سيُحكم قبضته على الشرق الأوسط جيوسياسياً بمافيه من مضائق بحرية وبما يدرُّه من نفط لن تكون لديه الرغبة أو الحاجة في الحصول على قنبلة نووية وهذا ماتسعى إليه العمائم في طهران .
وكي لاننسى إنساب الفضل لأهل الفضائل فالجدير بالذكر أن الثورة السورية لم تبخل بإفشاء الأسرار المخبوءة في المنطقة ، وهذا يهبنا يقيناً تاماً أن إيران لن ترد … ، ليست نكتة سياسية يقولها متنبىء قولنا أن إيران لن ترد على الغارة التي نفق َ على إثرها جنرالها ” دادي ” فالرد يُخرجها عن سياق الإبتزاز للمنطقة وفي المنطقة .
هل الغارة التي حدثت في آخر ديسمبر على مدرسة الفروسية بالديماس كان الهدف المرسوم هو استهداف خبراء إيرانين ، هل أخطأ الهدف فأتت الضربة في مدرسة الفروسية المجاورة لنادي الرماية حيث يقيم الخبراء ، أم أتت الضربة بثمارها وقضى جراءها خبراء إيرانين لكن النظام غطى على الخسائر في ذلك الحين ؟! ربما سنعلم فيما بعد .
على عكس مايرى الآخرون فإن التصريحات النارية الإيرانية تشي بالذعر وتنطوي على كم هائل من التوتر.
الصدمات الإيرانية متتابعة  …؟ ماذا تشبه ، وهي تتالى الواحدة تلو َ الأخرى وبالطريقة ذاتها التي سقط  فيها شاه إيران سالفاً ، الصورة حاضرة ، إقتصاد متقشف يزفر بخطى متثاقلة ، وتضييق للحريات مترافقاً مع سوء تقدير للمعارضة الإيرانية الداخلية ، وبالإضافة لكسب أعداء خارجيين جدد هذه المرة .
الأحداث تتسابق مع بعضها البعض وأرى خرائط تحالفات جديدة في المنطقة ربما سنشهدها قريبا ً ، هل ستضم هذهِ الخرائط الخليج مع تركيا بخطة حماية استراتيجية ؟ ربما !
سننتظر .. وإن غداً لناظره مريب .
المركز الصحفي السوري
ابراهيم ناصيف .

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top