تحول مشفى إلى ثكنة عسكرية - أرشيف
سبت 12 سبتمبر / أيلول 2015
كرم منصور - خاص السورية نت
بعد الاشتباكات العنيفة خلال اليومين الماضيين على أوتستراد حرستا، وقطع الاوتستراد الدولي دمشق حمص من قبل قوات النظام من ضاحية حرستا المعروفة بضاحية الأسد والذي لايزال مقطوعاً حتى الساعة (5:00) مساءً بتوقيت دمشق، أدى ذلك إلى منع وصول مرضى السرطان إلى مشفى البيروني الواقع على أوتستراد حرستا، بعدما تحصن فيه النظام منذ حوالي العامين، مع إبقاءه صالحاً للعمل، ما فسره المرضى بإنه محاولة النظام الاحتماء بالمدنيين، رافضاً أي اقتراح بنقله.
ففي مشفى البيروني الواقع في حرستا في ريف دمشق، كان يأخد (خالد 14 عاماً) جرعته من الدواء الكيميائي، على أصوات الاشتباكات وعلى وقع دوي القذائف التي في كثير من الأحيان تضل طريقها ليكون المشفى هدفاً لها. ولا يأبه خالد بالألم الذي يصاحب تناوله الجرعة الكيميائية المخصصة للعلاج، بالقدر ما يخشى من القذائف والاشتباكات، التي تحدث يومياً ويذهب ضحيتها العديد من المرضى المدنين.
المشفى الواقع على أوتستراد حرستا، بجانبه مشفى الشرطة، الذي يعالج فيه النظام المصابيين من جنوده فيها، ويجاوره من الجنب الثانية، صالات عرض السيارات التي تتمركز فيها قوات الحرس الجمهوري التابعة للنظام بما تحويه من أسلحة ثقيلة ومتوسطة تدك الغوطة يومياً، مما جعل المشفى داخل ساحة عسكرية.
يقول خالد 14 عاماً من مدينة حمص لـ"السورية نت": "لا زلت أواظب على العلاج، الذي يتطلب مني السفر كل أسبوعين إلى البيروني المشفى الوحيد في سورية المختص بالأمراض السرطانية، يستغرق الطريق من حمص إلى المشفى حوالي الساعتين والنصف، في الكثير من الأحيان يتم إرجاعنا بسبب الاشتباكات التي تقطع الطريق، وإذا استطعنا الوصول، نبات ليلتنا على أصوات القذائف وأزيز الرصاص، ومنذ يومين نحاول الوصول ويتم إرجاعنا من قبل النظام."
بينما يروي عدنان 34 عاماً موظف في المشفى: "منذ اشتداد المعارك في الغوطة الشرقية، تحول المشفى هنا إلى شبه ثكنة عسكرية، ناهيك عن أن المشفى يقع ضمن ساحة معركة حقيقية، فعلى باب المشفى نصبت قوات النظام، حاجز عسكرياً لتدعم قواتها أثناء الاشتباكات ليلاً، إضافة إلى وجود قناصة يرابطون على سطح المشفى وفي الطوابق العليا، وصوت المدفعية الموضوع في الحديقة الخلفية لمساكن الممرضين، يصيبنا والمرضى بالفزع عند كل القصف على الغوطة، وخصوصاً بعد المعارك الأخير، حيث شاركت قناصة النظام الموجودة على أسطحه في صد الهجوم القادم من الغوطة."
ويكمل عدنان حديثه: "رغم تحول المشفى إلى ثكنة عسكرية، وإصرار النظام على استمرار العمل به يجعل من المدنيين والمرضى دروعاً بشرية للعمليات التي يقوم بها النظام انطلاقاً من المشفى والمنطقة المحيطة بها، فلاتزال قذائف الهاون تتساقط على المشفى من كل حدب وصوب، وقتلت العديد من المرضى الذين يقطعون ألاف الكيلو مترات للعلاج من المرضى العضال، لتنهي حياتهم بقذيفة هاون، أو برصاصة طائشة من بندقية قناص."
ويختم الممرض عدنان كلامه: "طالبنا نحن الممرضين والأطباء وجميع العاملين، بنقل المشفى على اعتبار أن المكان لم يعد أمناً وأن المشفى يقع في منطقة عسكرية بالكامل ولم تعد تحوي على مدنيين، واقترحنا نقل المشفى إلى جانب المواساة، حفاظاً على أرواحنا وأرواح المرضى، لكن لا حياة لمن تنادي، وكأنهم يريدوننا أن نكون دروعاً لعملياتهم العسكرية، واضعينا نحن والمرضى في وسط المعركة غير أبهين بمصيرنا."
مشكلة الأمان ليست هي الوحيدة التي يعاني منها المشفى، بل أيضاً فقدان نوعية الأدوية، فالجرعات الكيميائية التي كان تأتي من السويد وكندا، الآن تم استبدالها بجرعات من الصين والهند، يقول الطبيب بهاء الدين والمختص بالأمراض السرطانية" منذ بدء العزلة الدولية التي بدأها المجتمع الدولي على النظام، استبدلت الجرعات القادمة من كندا والسويد، بجرعات قادمة من دول آسيا الشرقية وإيران، لكن هذه الجرعات ليس لها المفعول نفسه من حيث القيمة الدوائية، إضافة إلى الأعراض الجانبية الكبيرة التي تسببها إلى المريض أثناء تناوله الجرعة التي تستغرق أحياناً ثلاثة أيام متواصلة".
وكانت اتهامات قد خرجت بمحاولة بعض المتنفذين داخل المشفى باستبدال أدوية السرطان بأخرى غير فعالة ، ليتم بيع الأدوية في السوق السوداء ،حيث تبلغ تكلفة أدوية مرض السرطان للمريض الواحد حوالي الـ 4 ملايين ليرة سنوياً بحسب جريدة تشرين التابعة للنظام.
بين الغش والسرقات التي تمارس بحق المرضى ، وبين الاحتماء بهم، وإبقاءهم في منطقة تعد من أسخن جبهات القتال في دمشق، يدرك المرضى أن بقاء المشفى في مكانه الحالي لايفسر إلا إصرار قوات النظام على الاحتماء بأجسادهم المريضة بخلاف كل المعاهدات والقوانين الدولية.
المصدر:
خاص - السورية نت
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.