img


أسكن بجوار المسجد في مدينة كفرنبل، وفي تلك الآونة كانت بداية حياة الثورة، بمظاهرات تشكلت من مختلف الأعمار في حارتنا، كانوا يتظاهرون كل جمعة مطالبين بالحرية والكرامة.
ومع استمرار المظاهرات، دخل الجيش إلى المدينة وتمترس في أحيائها وشوارعها.
وبعد مرور سنة على وجود جيش النظام في مدينتنا، قامت معركة كبيرة، على إثرها خرج جيش النظام من المدينة.
اعتقدنا أن الأمان قد حلّ علينا بعد خروج النظام، ولكن قصتي بدأت بعد خروج النظام من المدينة.
بدأ النظام ينتقم من المدنيين، أخذ يقصف بالطائرات التي اعتقدنا أنها لحمايتنا. إحدى الغارات كانت على السوق الرئيسي والأخرى على موقع الحاجز المدمر…الحصيلة 48 شهيداً مدنياً جلّهم من الأطفال والنساء.
لم أشعر بالخوف كثيراً حينها، بعد ذلك أخذت الناس تصرخ هناك طائرة حربية في الأجواء، أخذت أركض في المنزل كالتائهة لا أدري ماذا أفعل… كان صوت الطائرة قريباً جداً. في لحظات اتضح لي أنه كان صوت صواريخ الطائرة. سقطت الصواريخ بالمسجد الذي يجاورنا تهدم قسم منه، كما تهدم قسم من منزلنا. في تلك اللحظات لم أشعر بشيء كنت قد فقدت كافة حواسي للحظات، عندما انتهت الغارة ..أدركت أننا المستهدفين، لم أشاهد سوى الغبار الأسود حولي، كنت ملقاة على الأرض، حاولت النهوض بدون فائدة، سمعت صوت بكاء أطفال حولي، ونساء تنادي “دخيلكن طالعوني من هون”.
أنا لم أستطع الصراخ، وكأنني في حلم أحاول الصراخ ولا يخرج صوتي، إلا أن أخرجني أحدهم من تحت الركام، كنت أشعر بألمٍ كبير في قدمي اليمنى. أُسعفت إلى تركيا، لم أكن أدري ماهي حالتي تحديداً، عند وصولي إلى المشفى التركي، قامت ممرضة بحقني بمخدر أفقدتني وعي.
عندما استيقظت، كانت الأمور قد تغيرت لم أكن أنا.. لقد فقدت شيئاً…أحسست بذلك حتى قبل استيقاظي… بدأت بالصراخ.. بالتساؤل، ولم تجرؤ عيناي أن تنظر باتجاه جسدي..”عله حلم؟”. بعد أن استدركت أن أحداً لن يجيبني، نظرت إلى قدمي.. لم تكن موجودة… لم تكن موجودة، والأخرى ملفوفة بشاش أبيض، لم أصرخ عندما لم أرى قدمي، فقد أحسست بشيء في حنجرتي كالصخرة… قدمي لم تعد جزء مني.
إحدى المنظمات الإنسانية تبرعت لي بقدم اصطناعية، لم تكن قدمي التي فقدتها، ولكنني أهتم بها كأنها قدمي الحقيقية.
لا أملك اليوم سوى الدعاء للجيش الحر للتخلص من النظام الذي أفقدني جزء من جسدي وحياتي، كما الكثيرين.
آية سلام (كفرنبل , إدلب)
المصدر: راديو فريش

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top