المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع...
30/7/2015
Bloomberg View
(ترجمة السورية نت)
بعد أيام على إعلان الولايات المتحدة وتركيا عن التوصل لاتفاق لمحاربة الدولة الإسلامية معاً، يصر مسؤولو الولايات المتحدة على أنه – وعلى عكس التقارير – لا وجود لخطط أمريكية لإنشاء "منطقة آمنة" داخل سورية بالتأكيد. بالواقع، لا وجود "لمنطقة" حتى، ولا وجود لخطة لإبقاء أي مكان "آمن".
هذا الارتباك هو نموذج مصغر عن نهج الولايات المتحدة سيء التنظيم الذي اتبعته لمواجهة تهديد تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ الصيف الماضي. كل تصعيد تدريجي يسحب الولايات المتحدة أكثر نحو سورية لا يبدو بأنه قد تم التفكير به جيداً ويتم شرحه بطريقة أسوأ حتى. إلى أن تتمكن إدارة باراك أوباما من التوفيق بين الأهداف المختلفة لأطراف تحالفها المعادي "للدولة الإسلامية"، فإن الشركاء المتعددين سيستمرون بالعمل لتحقيق أهداف متضادة. في هذه الحالة، بالنسبة للولايات المتحدة، فإن تنظيم "الدولة الإسلامية" هي الأولوية الأهم والوحيدة، بالنسبة لتركيا، الملح هو حماية المدنيين من نظام بشار الأسد في سورية وإجباره في النهاية على الرحيل.
خلال الأسبوع الماضي، ناقض العديد من المسؤولين الأمريكيين والأتراك بعضهم في العلن وفي الجلسات الخاصة حول إن كان البيت الأبيض قد وافق على إنشاء منطقة آمنة داخل سورية، وهو الأمر الذي لطالما قاومه. وقد نشرت صحف أمريكية هامة حتى خرائط مؤقتة تبدي الأماكن التي ستغطيها المنطقة الآمنة المضادة "للدولة الإسلامية". ولكن في مؤتمر صحفي في يوم الثلاثاء، أوضح ثلاثة مسؤولين هامين من الإدارة أنه لا وجود لخطط أمريكية لإنشاء منطقة آمنة، أو منطقة حظر جوي، أو منطقة إقصاء جوي، أو منطقة عازلة إنسانية أو أي نوع آخر من المناطق المحمية.
"إننا لا نقوم هنالك برصد المناطق والقيام بأمور أعلم أنه قد تم التحاور حولها خلال الأعوام السابقة – مناطق حظر جوي، أو مناطق آمنة. ما نحاول فعله هو طرد داعش،" حسبما قال مسؤول من الإدارة. "أظن أنه من الهام ألا يتم خلط ذلك مع السعي لإنشاء هذه المناطق التي بإمكانك تحديدها بإشارات على الطرق وعلى الخرائط الكبيرة، إن هذا ليس ما يحدث."
في يوم الاثنين، أخبر مسؤول من البيت الأبيض حشداً في اجتماع مغلق في مؤسسة الشرق الأوسط في واشنطن الأمر ذاته حول عدم وجود منطقة آمنة داخل سورية، وذلك وفقاً لشخصين كانا داخل الاجتماع. إن إدارة أوباما سترسل وفداً إلى تركيا في الأسبوع القادم للعمل على تحديد ما سيبدو عليه التعاون الجديد على طول الحدود الشمالية لسورية، حسبما قال المسؤول.
أصر مسؤولو الإدارة الثلاثة أثناء حديثهم للمراسلين في يوم الثلاثاء على أن العملية ستقتصر على طرد قوات "الدولة الإسلامية" من الشريط البالغ طوله 68 ميلاً على الحدود التركية السورية. ولكن لا كلام حول حماية المدنيين، والسيطرة على المناطق المأهولة، أو الحرص على ألا تتم مهاجمة المنطقة من قبل القوة الجوية التابعة للأسد، التي تستمر بإسقاط "البراميل المتفجرة" على المناطق المدنية في كامل أنحاء شمالي سورية.
"ما نقوم به هو ملاحقة داعش في حال وجدناهم هناك في الشمال،" حسبما قال مسؤول. "ولدينا الآن شريط حدودي نهائي للعمل على تحقيق ذلك وسنعمل بتعاون مع الأتراك حوله. بخصوص ما يبدو عليه تماماً وكيف سيبدو وما هي طرق تحقيقه، هذا ما علينا التفاهم معهم حوله."
كل هذا الارتباك بدأ في الثالث والعشرين من تموز، عندما أنكر جون آلان، الجنرال الأمريكي المتقاعد والمسؤول عن الجهد المعادي للمجاهدين، أن "منطقة الإقصاء الجوي" داخل سورية قد كانت حتى جزءاً من النقاش" الذي أجراه مع الأتراك والذي أنتج الاتفاق الجديد، الذي سيسمح للطائرات الأمريكية باستخدام قاعدة أنجرليك الجوية التركية لقصف أهداف في سورية والعراق. (قد كان آلان يحاول التفاوض لتحقيق اتفاق يتضمن مثل هذه المنطقة داخل سورية منذ العام الفائت، ولكن وضعه البيت الأبيض مراراً في موقف حرج، حيث أنه كره الفكرة.)
ولكن بعد يومين، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ما يلي في مؤتمر صحفي: "حينما يتم إبعاد تهديد داعش عن مناطق في شمالي سورية، ستتشكل المناطق الآمنة بشكل طبيعي. لقد دافعنا دوماً عن المناطق الآمنة ومناطق الحظر الجوي في سورية. سيكون بالإمكان نقل الأشخاص النازحين إلى تلك المناطق الآمنة."
في الأيام اللاحقة، صرحت مقالات في صحف New York Times وWashington Post وفي صحف أخرى أن الولايات المتحدة وتركيا قد اتفقتا على العمل على المنطقة الآمنة داخل سورية. ضمت بعض التقارير خرائط أبدت المدى المتوقع للمنطقة، حيث سيتم حماية المدنيين السوريين من قوات الأسد حسبما يفترض. لم تقم إدارة أوباما بإنكار أي فكرة حول ذلك الأمر حتى يوم الثلاثاء.
الفرق الرئيسي بين ما تقوله إدارة أوباما اليوم وبين التقارير الإخبارية من بداية الأسبوع لا يتعلق بوجود منطقة ستعمل عليها الولايات المتحدة وتركيا لإبعاد مقاتلي "الدولة الإسلامية". الخلاف هو حول إن كانت هذه المنطقة ستكون "آمنة"، خاصة من الهجمات الجوية. إن البيت الأبيض متخوف من أي خطة قد تضعه في صراع عسكري مع نظام الأسد، ولم يتخذ أي قرار لحماية قوات المعارضة أو المدنيين من هجماته الجوية.
أشار مسؤولون سابقون وخبراء بشؤون الشرق الأوسط خلال هذا الأسبوع أن حماية المنطقة من قنابل الأسد هو أمر رئيسي لتحديد إن كانت المنطقة الآمنة ستكون نافعة أم لا. أشار فريدريك هوف، المسؤول السابق بوزارة الخارجية المختص بسورية، إلى بعض الثغرات في الخطة الأمريكية التركية التي لا تزال غامضة. "إحدى المشاكل التي تواجه التحالف هي وجود قوات برية هامشية. ومن المشاكل الأخرى عمليات نظام الأسد الجوية. إنها سهام كبيرة في جعبة داعش،" حسبما كتب هوف. "لذا على الرغم من أن التطورات الأخيرة إيجابية، إلا أنها لن تكون حاسمة إلا إلى الحد الذي ستجسد به ما أفادت عنه التقارير: خاصة في فئة حماية المدنيين."
بالإضافة إلى التخمينات المتراكمة حول المناطق الآمنة، قال مسؤولو الإدارة الثلاث في يوم الثلاثاء أنه لن يتم استخدام أي قوات تركية أو أمريكية لإخلاء الحدود من المجهاديين. "قوات المعارضة المعتدلة" ستؤدي المهمة. لم يحددوا أي من قوات المعارضة سيتم استخدامها، فقط أنه سيشترط الموافقة عليها من قبل كل من واشنطن وأنقرة.
ذلك يستبعد احتمال استخدام القوات الكردية، التي هي القوات الأكثر فعالية ضد "الدولة الإسلامية" في المنطقة، لأن الأتراك سيرفضون تلك الفكرة. لعدة أيام كانت تقوم تركيا بقصف قوات حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره جماعة إرهابية. قد كانت هنالك بعض المزاعم بأنها قصفت قوات كردية سورية أيضاً. دافع المسؤولون الأمريكيون عن القصف في يوم الثلاثاء، قائلين إن حزب العمال الكردستاني ابتدأ جولة العنف الأخيرة.
أما بالنسبة للجيش السوري الحر، تخلت الولايات المتحدة عن أغلب فصائله في شمالي سورية في أواخر العام الفائت، بعد أن عانوا من خسائر أمام جماعات ثورية أخرى، بما فيها جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة. القوات المتبقية مشغولة بالقتال للإبقاء على حياتها في وحول حلب. من غير المرجح أن يكونوا قادرين على السيطرة على الحدود التركية دون مساعدة كبيرة.
الجماعة الأخرى التي لن تكون قادرة على ملء الفراغ هم مجندو برنامج البنتاغون "للتدريب والتسليح" البالغ قيمته 500 مليون دولار. فبعد فترات تأجيل كبيرة بسبب مشاكل اختيار المقاتلين وعدم الكفاءة التنظيمية، لم ينتج البرنامج سوى 60 مقاتل مدرب. قد تم زرعهم مع جماعات الجيش السوري الحر بعيداً عن الحدود التركية.
الولايات المتحدة وتركيا لم تجب بعد عن الأسئلة الأساسية حول منطقتهم الجديدة المعادية للمجاهدين، بما في ذلك حجمها، ومن سيحرسها، أو ما الذي سيحدث في حال هجمت قوات الأسد. قال المسؤولون أن البيت الأبيض يحاول التوصل لكل ذلك الآن. إن كان الماضي سيدلنا على شيء، فإن الولايات المتحدة ستستمر على الأرجح بتوجيه تركيزها على هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" ورفض مواجهة الأسد أو حماية المدنيين. الأتراك يعلمون ذلك – لذا، ولسوء الحظ، على من أمضى الأيام الأخيرة الماضية بالحديث عن "المناطق الآمنة" داخل سورية إدراك ذلك أيضاً.
المصدر . السورية نت
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.