أوضحت الرئاسة المشتركة
لمجلس سوريا الديمقراطية في الكلمة المشتركة لإلهام أحمد ورياض درار خلال
المؤتمر الثالث إلى أن الهجمة التركية على الأراضي السورية والعراقية، حدثت
بتفاهمات دولية، قايضت الغوطة مقابل عفرين، درعا مقابل إخراج إيران.
جاءت كلمة الرئاسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية خلال مؤتمرهم
الثالث، حيث بينت الكلمة إلى أن العراق أيضاً تستمر فيها التفاهمات حول
تشكيل حكومة ائتلافية بمواجهة إيران، ووضع حزب الله على قائمة الإرهاب،
يعني أن ملامح الحرب القادمة في المنطقة سيكون محورها إيران وسوريا ستكون
من أولى الساحات التي ستتأثر بها.
الكلمة المشتركة لرئاسة مجلس سوريا الديمقراطية خلال مؤتمرهم الثالث هي كالتالي:
أسباب
بنيوية في هيكلية الأنظمة وسياساتها الداخلية والخارجية كانت ولا تزال،
العامل المؤثر الأساسي في خلق الحروب واستمرار الأزمات التي تشهدها منطقة
الشرق الأوسط، ولم تزل حدة الصراعات تأخذ منحىً تصاعدياً تلعب فيها الأنظمة
الاستبدادية من خلفها نظام الهيمنة العالمية إلى تعميق الأزمات وترسيخ
الفوضى الهدّامة في المنطقة بشكل عام وسوريا بشكل مخصوص.
فالمصالح
الضيقة لم تزل تفعل فعلها في سوريا، وهي تشهد اليوم استقطاباً كبيراً بما
تشمل من تجاذب القوى وتنافرها التي تفرز بدورها التفاهمات والاتفاقات
المبرمة بين الأطراف المتصارعة أو المتحاربة والتي يسعى كل طرف فيها
للسيطرة وقضم ما أمكن من الجغرافية السورية.
وما حدث في
شماليّ سوريا بعد احتلال تركيا لعفرين وما حدث في درعا، دلالةٌ واضحة على
التفاهمات الدولية التي حدثت بناء على مصالحها. ومن المرجح أن تحدث في وقت
لاحق في إدلب أيضاً .
وهذا يعني أن الحرب في سوريا تدخل
مرحلة أخرى، حيث انتهت مرحلة حروب الوكالة، والآن يتم القضاء على أدوات
الحروب من خلال التفاهمات، ويتم الإبقاء على العوامل المسببة لتلعب دورها
في العقود الجديدة المقبلة. فجميع المجموعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي داعش
والنصرة والقاعدة بشكل عام تصبح الآن في مرمى القوى الدولية المتحالفة في
الملف السوري. ولأن عملية التحول الديمقراطي تعتبر من أصعب وأهم العمليات
التي تحتاجها المنطقة، نرى أنه يتم الحفاظ على الأنظمة الشمولية بالرغم من
انتهاء دورها ، من خلال عمليات ترقيع قد تنفع لمدة زمنية محددة، لكنها غير
قادرة على طرح الجديد، بل مجرد إطالة في عمرها. مثال ذلك العمليات
الانتخابية التي حدثت في كل من (لبنان، العراق وتركيا) جميعها أعادت إنتاج
النظام ذاته، غيرت وجوه السلطة فقط، فانتقلت من يد لأخرى .
أما تركيا
فقد تعرضت لعملية تغيير كامل في بنية النظام الذي أصبح أكثر مركزية
وتراجعت عن المقاييس الديمقراطية القليلة التي كان يحتويها الدستور. فأي
تغيير يحدث في دول الجوار لا بد أن يؤثر في الوضع السوري بشكل مباشر ويتأثر
به، وبالتأكيد فإن نجاح حزب الله في لبنان، ومقتدى الصدر في العراق،
وأردوغان في تركيا، سيكون له تداعيات مباشرة على الواقع السوري.
الهجمة
التركية على الأراضي السورية والعراقية وإقليم كردستان بشكل خاص، حدثت
أيضاً بتفاهمات دولية، قايضت الغوطة مقابل عفرين، درعا مقابل إخراج إيران،
وفي العراق أيضاً تستمر التفاهمات حول تشكيل حكومة ائتلافية بمواجهة إيران،
ووضع حزب الله على قائمة الإرهاب، يعني أن ملامح الحرب القادمة في المنطقة
سيكون محورها إيران. وسوريا ستكون من أولى الساحات التي ستتأثر بها.
الأخطر
في كل عمليات الاحتلال التي تحدث للأراضي السورية، هي عملية التغيير
الديمغرافي التي تقوم بها الدول الإقليمية، من توطين عائلات غير سورية في
العديد من المدن بعد إخراج أصحابها الأصليين، وتوطين عوائل المقاتلين بدل
الكورد في عفرين، فهي سياسة ممنهجة تهدف هذه القوى من ورائها فرض سيطرتها
على المنطقة، وبعثرة الطاقات والديناميكيات الأصيلة في نسيج المجتمع
السوري.
بعد مرور سبعة أعوام على الأزمة السورية، لا زال الحديث عن
المفاوضات مستمراً ، فمسار جنيف مازال موضوع اهتمام من قبل جميع الأطراف ،
لكن ومع الأسف مازالت المحادثات في نقطة الصفر، حجة الفيتو التركي وعملية
الإقصاء مستمرة، و التشتت والتشرذم في صف المعارضة التي ارتهنت للدول
الإقليمية في ازدياد ، و النظام وبدعم من حلفائه يستغل الفرصة ويزيد من
رقعة سيطرته على الأراضي السورية واستعادة هيمنته .
فرض العسكرة على
الواقع السوري ورفض الحوار السلمي بين الأطراف، كان ولا يزال من أكبر
المصائب التي آلت بسوريا إلى ما هي عليه الآن . و بالرغم من التصريحات التي
صدرت من قيادة النظام السوري بانفتاحها على التفاوض مع قوات سوريا
الديمقراطية إلا أنها لم تتجاوز المستوى النظري، وظهر أن التصريحات كانت
بمثابة رسائل وجهت لأطراف دولية وإقليمية أكثر من أن تكون بمثابة الاقتناع
بحل الأزمة السورية على أساس مسارها التفاوضي . بالرغم من ذلك نرى أن
الحوار هو الطريق الأمثل للوصول إلى الحل الأساسي ، وإنهاء الحرب
والاقتتال، والبدء بعملية إعادة الإعمار.
من هنا فإن تعزيز مهام
مجلس سوريا الديمقراطية في قيادة المعارضة الوطنية ودوره في ذلك على مستوى
سوريا بشكل عام تبدو بأنها تتناسب اليوم بشكل كبير في ظل الظروف السورية
المعقدة التي يمر بها شعب سوريا.
إن الدعوة إلى تأسيس مجلس سوريا
الديمقراطية وعقد مؤتمره الأول في يومي 8 و 9 كانون الأول عام 2015 كانت
تهدف إلى دعم قضية الديمقراطية والعلمانية والتعددية وحقوق الإنسان في
سوريا، والدفاع عن حقوق جميع المكونات السورية دون استثناء، والعمل على
تحقيق ذلك عبر مواجهة مهام مصيرية بدأت بتمركز نشاطه في الدفاع عن مناطق
الشمال السوري من الهجمة الإرهابية بكل مسمياتها ، ومن مؤامرات تولتها
فصائل مدعومة من جهات خارجية غايتها تقويض التعايش الأخوي بين مكونات
المجتمع. وكان تشكيل الوحدات القادرة على حماية الشعب وحماية المرأة
وانخراطها في قوات مشتركة تحمل اسمها من الهدف المعلن عنه وهي قوات سوريا
الديمقراطية التي كان لها بفضل التضحيات ودماء الشهداء الزكية أن تحرر منبج
والطبقة والرقة وشمال دير الزور كله، وتقضي على التنظيم الإرهابي فيه. هذه
القوات هي فخر ما أنجزته الثورة الشعبية التي تسعى للحرية والكرامة وبناءٍ
مستقر لبلد عانى أبناؤه من الاستبداد والإهمال والتهميش عهوداً طويلة.
بين مؤتمرنا الثاني وهذا المؤتمر جرت تطورات على الساحة السورية تعطينا الدافع القوي للاستمرار في مواصلة البناء بعد تحقيق التحرير.
فبعد
تحقيق الانتصارات على تنظيم داعش الإرهابي، حلت في هذه المناطق إدارات
ديمقراطية تعمل على إحلال السلم والأمن وتحقيق الاستقرار والبناء ورصد
حاجات المواطن وخدمته، من أجل ذلك نرى ضرورة إعادة هيكلة مجلس سوريا
الديمقراطية ليتحول إلى حامل لبناء سياسي يؤسس لبديل وطني ديمقراطي سوري
شامل، يتمثل بالتأكيد على الانطلاق من القضية الوطنية باعتبارها أولية
استراتيجية للوصول إلى حل القضايا الاجتماعية العالقة بما فيها قضايا حقوق
المكونات، هذا الخيار الاستراتيجي يتمثل بالحل العلماني الديمقراطي
والنظام السياسي اللامركزي باعتباره شرطاً موضوعياً وسياسياً تمليه الظروف
القائمة دولياً وإقليمياً ومحلياً وتفرضه ظروف الحرب التي مرت بها البلاد
وأنتجت نزاعاً يمكن أن يستمر إذا بقي يدار بنفس الطريقة التي تجلت في
الصراع القائم بين نظام وتطرف ، وبين الاستبداد والآليات التي خلقها بشكل
جماعات متناحرة لاتلتقي في سياسة ولاعقيدة ولاولاء، وجعلت المتدخلين يرسمون
المسارات للجميع ويكرسون التطرف واستمرار النزاع.
الخيار
الاستراتيجي يتطلب ترتيب الأولويات وتحديد المنهج بما ينعكس على الخطاب
السياسي وتوجهه، وعلى شكل الحامل السياسي وبنيته وآلياته، وعلى الإمكانيات
التي يتمتع بها وعلى نوعية الكوادر الذين يترجمون الأهداف النضالية لهذا
الخيار .
كما أن بنية مجلس سوريا الديمقراطية التي تقوم على التحالف
تفترض وجود التنوع في الرؤى، وتتطلب مساحة من الانفتاح، ووجود رؤيا تنظيمية
ديمقراطية واضحة لاتسيطر فيها إيديولوجيا محددة، ولا رؤيا حزبية واحدة،
فلابد للتحالف من مرجعية تسمو فوق المصالح الحزبية، وبناء ديمقراطي لايعتمد
الشكل النمطي في التطبيق، وإنما يقوم على مضامين تحدد المسارات كميثاق
أعلى من كل الاعتبارات.
الجديد الذي نرمي إليه يتمثل في هوية تحيي
سوريتنا، هوية عصرية منفتحة على الواقع لا تتخفى وراء الشعارات، تساهم في
التغيير ولا تكتفي بالتنظير، تشترك المكونات السورية فيها بعمل جامع يحقق
حضورها القومي والسياسي وتعبيراتها الثقافية والعمل على تحقيق شرعة حقوق
الإنسان فينا قبل أن نطالب بتحقيقها عبر قوانين ناجزة، أو ضمانات من دول.
إن ذلك يتحصل بنفي العنصرية من نفوسنا وبالاعتراف بالحقوق وأولها حق تقرير
المصير.
إن تفاعل جميع المكونات السورية أمر لا غنى عنه في دولة
الحقوق والمواطنة المنشودة، حيث لا يلغي التكوين الجمعي خصوصية أي مكون
ولكنه يستوعبها ويحميها، وحيث تبنى التوافقات على عقد اجتماعي يعتمد
الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقات الدولية ذات الصلة، بعيدًا عن
الطائفية والعرقية ويعبر عن النسيج الاجتماعي كله وعن علاقات المواطنة التي
تعترف للأفراد والجماعات بحقوقهم مع حرية الاختيار والتعبير وتقرير
المصير.
وفي هذا يمكن أن نضمن التأسيس لدولة وطنية وفق دستور توافقي
يضمن حياد الدولة تجاه مكوناتها العرقية والدينية، ويتساوى فيها الجميع بما
في ذلك تسلم أية سلطة في السلم الوظيفي إلى رئاسة الدولة لأي مواطن أو
مواطنة دون تصنيف له بدين أو قومية أوطائفة أو مذهب .. هو أو هي مواطن
وكفى.. وهذا يستدعي للتفكير أن تكون قيم المجتمع نصب أعيننا سورية الصفة
والانتماء والمرجعية، بما يعني أن المرجعية هي الوطنية السورية المؤكدة
لحقيقة التنوع والتعدد الذي يمتاز به شعب سوريا.
|
الصفحة الرئيسية
»
محلي
» رئاسة م س د: الهجمة التركية على الأراضي السورية والعراقية، حدثت بتفاهمات دولية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.