يستثمر نظام بشار الأسد حادثة الفيديو الذي ظهر به عضو "مجلس الشعب" التابع للنظام، محمد قبنض، وهو يطلب من مهجرين خرجوا قسرياً من الغوطة الشرقية، الهتاف للأسد مقابل الحصول على عبوة من الماء.
ويرى النظام فرصة متعددة الأهداف من وراء الاهتمام بتصرف قبنض وربما محاسبته لاحقاً، وجميعها تصب في خانة "الدعائية". وفي أحدث رد فعل من النظام على عضو "مجلس الشعب"، قال رئيس البرلمان، حموده صباغ، إن المجلس ناقش بشكل مطول في جلسة خاصة تصرف قبنض مع مهجري الغوطة.
وذكر موقع "مراسلون" المؤيد لنظام الأسد، الأحد 1 أبريل/ نيسان 2018 إنه لم تتكشف مزيد من التفاصيل عما جرى في المجلس، معتبراً أن ذلك دليلاً على احتمالية أن يكون المجلس اتخذ قراراً ضد قبنض.
وحمل تعامل النظام مع قبنض جملة من المتناقضات، فأولت وسائل إعلامه (غير الرسمية) اهتماماً بفيديو قبنض، فضلاً عن مجلس الشعب الذي طالب أعضاء فيه بضرورة محاسبته على تصرفه.
لكن المفارقة أن هذا المجلس وطوال الحملة العسكرية على الغوطة الشرقية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 1500 مدني خلال نحو شهر فقط، كان مؤيداً لعمليات القصف على المدنيين ومنازلهم والأقبية التي اختبؤوا بها، حتى أن العضو نبيل صالح، وصف أهالي الغوطة الشرقية بأنهم "قمل وجرذان".
وقال صالح في منشور على حسابه في "فيسبوك" بينما كانت الطائرات تواصل غاراتها على المدنيين في الغوطة: "دمشق لم تعد تحتمل قمل الغوطة في ثيابها"، وهدد بما وصفه "جحافل الحق التي سترغم جرذان الغوطة على العودة حيث ينتمون"، وفق قوله.
ولم يثر هذا التصريح وغيره من دعوات شخصيات مؤيدة للنظام إلى قتل سكان الغوطة حفيظة "مجلس الشعب"، ولا إعلامييه، ومر كلام صالح كغيره من دعوات القتل العلنية.
لماذا تحرك النظام إذاً؟
رأى معارضون سوريون أن اهتمام النظام بتصرف قبنض لم يكن برغبة صادقة منه للتنديد بعمل غير إنساني، لا سيما وأن النظام قتل منذ حصار الغوطة قبل 4 سنوات آلاف المدنيين وشرد مؤخراً عشرات آلاف آخرين، بل لوجود مقطع فيديو لقبنض نشرته وسائل إعلام عربية وعالمية وأثار جدلاً واسعاً، أظهر المنطق الذي يتعامل به نظام الأسد مع "الخارجين عن طاعته" حسب مفهومه.
وعند النظر إلى ردود أفعال أجهزة النظام، أو الشخصيات شديدة التأييد له، فإن إدانتها لتصرف قبنض لم تكن نابعة عن رفضها للتصرف بحد ذاته، بقدر ما اعتبروه مهينا لشخص الأسد نفسه أمام الرأي العام العربي والعالمي، ولذلك فإن معظم الذين انتقدوا قبنض أصروا على القول بعبارات متشابهة إن "تصرفه فردي، ولا يعكس الدولة السورية أو الأسد نفسه".
فعلى سبيل المثال، هاجمت الأستاذة في كلية الإعلام بدمشق، نهلة عيسى قبنض على ما فعله، وطالبت بمحاسبته على التصرف التي اعتبرته مهينا لـ"الدولة"، لكن عيسى نفسها حسبما يؤكد طلاب في الكلية "لا تقل تشبيحاً عن قبنض"، فخلال السنوات الماضية سلّمت عيسى عدداً منهم إلى أجهزة المخابرات بسبب مواقفهم المؤيد للثورة السورية، حسبما قال طلاب .
الأستاذة في كلية الإعلام بدمشق نهلة عيسى
وهناك أيضاً عارف الطويل، الذي قالت مواقع موالية للنظام أنه طالب "مجلس الشعب" بمحاسبة قبنض، والطويل معروف عنه تأييده الشديد للأسد ولعمليات قوات النظام في المدن السورية التي تسببت بقتل مدنيين.
عارف الطويل عضو "مجلس الشعب" التابع للنظام.
ويريد النظام من طريقة تعاطيه مع فيديو قبنض تبرئة نفسه من التصرف الذي اعتبره معارضون أنه واحد من أكثر "الأفعال التشبيحية من النظام ضد الثائرين عليه" وتحول إلى قضية رئيسية على شاشات المحطات الفضائية، ووسائل الإعلام الجديد.
ومن جهة ثانية، يريد النظام تهدئة مخاوف المجتمع الدولي الذي أبدى مراراً مخاوفه على حياة الذين هجرهم النظام، وما سبب ذلك من ضغوط عليه، لا سيما بعد انتشار فيديو قبنض، ومقاطع فيديو أخرى ظهر فيها عناصر من قوات الأسد وهم يضربون مدنيين بالغوطة أثناء نزوحهم.
وثالثاً هو ما أشار إليه الكاتب الروائي السوري، عمر قدور، في مقال نشره بصحيفة "المدن" الإلكترونية بعنوان: "الأسد: أنا أفضل من قبنض والنمر".
وقال قدرو إن حجم التفاهة الصادرة عن شخصيات مؤيدة للأسد ومن بينهم "المشاركون في مؤتمر سوتشي"، وتفاهة تصرف قبنض، يهدف النظام منها إلى القول إن "تنظيم الأسد الذي يُراد الحفاظ عليه، لا يملك رأساً يمكن قبوله سوى الرأس الحالي، وأن باقي الجسد هو أسوأ بكثير من الرأس؛ إن المفاضلة تنتقل هنا من أنا أفضل من داعش إلى أنا أفضل ما في عصابتي كلها".
ومعروف عن قبنض بين أعضاء "مجلس الشعب" والموالين لنظام الأسد، قلة وعيه، وعبثيته في الكلام، وتخبط شخصيته إلى الحد الذي لا يجعله قادراً على قول جملة مفيدة كما أظهر فيديو لقبنض داخل مجلس الشعب، فضلاً عن أنه تحول إلى أحد الوجوه المضحكة في برلمان النظام، عندما طالب وسائل إعلام النظام بمزيد "التطبيل والزمر".
ويشار إلى أن قبنض الذي ينحدر من مدينة حلب، رجل أعمال يمتلك شركة إنتاج أعمال فنية، ويقول معارضون سوريون إنه مع بدء الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، استخدم ثروته في دعم ميليشيات النظام ضد المتظاهرين، الأمر الذي ساعده على الوصول لـ"مجلس الشعب".
|
الصفحة الرئيسية
»
محلي
» لماذا يهتم النظام بفيديو قبنض الذي أجبر مهجرين من الغوطة على الهتاف للأسد مقابل الماء؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.