بات التجنيد في صفوف قوات نظام بشار الأسد شبحاً مخيفاً يلاحق الشباب السوريين، مع استمرار المعارك المندلعة منذ خمس سنوات، وباتت شعب التجنيد الهاجس الأكبر في عقول السوريين للحصول على ورقة تحميهم من الموت على جبهات المعارك.
ومع تزايد المخاطر أدركت فئتين من الناس أنه هناك نبع من المال سوف يصل إلى أيديهم وهم السماسرة، وموظفي شعب التجنيد.
وإذا كانت مديريات وشعب ومراكز التجنيد أكثر الأماكن المزروعة بالفساد، قبل 2011، فإنها بعد هذا الموعد أصبحت الأكثر فساداً بفعل سياسات الأسد، خاصة مع دخول شبكات سمسرة على خط نهب الطلاب، حتى لو كانت معاملة التأجيل قانونية.

سمسارة مستغِلون

بأقدام متثاقلة يشد عمر رحاله، نحو أحد أصدقائه السماسرة كي ساعده بالحصول على مهلة سفر، بعد رفض تأجيله الدراسي، كان رد السمسار واضحاً: "الموافقة تحتاج 300 ألف".
لم يقتنع عمر بذلك واستعان بأحد أقرابه في حزب البعث، والذي ساعده على الحصول على المهلة دون دفع أي مبلغ، وفقاً لما أكده في تصريح لـ"السورية نت".
في غالبية شعب التجنيد حتى لو كانت أوراق المراجعين قانونية 100%، فإن لم يكن لديهم واسطة، فعليهم دفع الأموال، وإلا سيتوقعون ضياع أوراقهم في شعب التجنيد، وهذا ما حدث مع سمير البشير في شعبة التجنيد العامة.
فقد سمير أوراقه وأصبح متخلفاً عن الخدمة الإلزامية ما جعله يستعين بسمسار دفع له ما يقارب 200 ألف ليرة كي يساعده، وهذا الأمر تحقق واستطاع النجاة والرحيل ألمانيا بعد أن تم تأجيله.

تأجيلات بأرقام فلكية

وغالباً ما يروج معظم سماسرة التجنيد على أن التأجيلات تحتاج إلى مبالغ مالية حتى تأتي مع الموافقة، ويتم ذلك بالتعاون والاتفاق بين الموظفين وهؤلاء السماسرة أو من الممكن أن يكون الموظف هو نفسه السمسار.
ويترافق ذلك أحياناً مع مشكلة ضياع أو فقدان أو تعثر معاملات تأجيل لخدمة جيش الأسد، ما يجعل الطالب أو المكلف مضطراً للجوء إلى هؤلاء السماسرة، أو حتى الموظفين داخل الشعبة.
وقال عدد ممن قدموا تأجيلاتهم الدراسية خلال هذه الفترة لـ"السورية نت" إنهم "يدفعون من 10 آلاف حتى 50 ألف من أجل التأجيل الدراسي بأوراق رسمية وقانونية، بينما تصل تكلفة التأجيل في حال عدم وجود صاحب العلاقة حتى نصف مليون ليرة سورية".
محمد البسيم الذي تواصل مع أحد السماسرة كي يقدم له تأجيل دراسي، تفاجأ بطلب منه 150 ألف ليرة سورية ووعده بأن المعاملة تحتاج شهراً كاملاً، ومضى الشهر الأول والثاني والثالث، ولم يتغير واقع الحال، وهذا ما جعل محمد يغادر سورية، مع أنه دفع للسمسار 40 ألف ليرة سورية.
أما محمود العلي فإنه اضطر لدفع 30 ألف ليرة سورية من أجل ضمان ألا يقوم الموظف بأي عرقلة لتأجيله في شعبة تجنيد الصالحية، حيث هدد الموظف بشكل مبطن أنه إذا لم يدفع فإن معاملته قد تعود مع الرفض.

مصير من لا يملك وثائق للتأجيل

ويلجأ نظام الأسد لسحب أعداد كبيرة من الشباب ممن لا يملكون وثائق، أو أولئك الذيم يملكون وثائق لكنهم من مناطق تمردت على النظام فتم سحبهم للخدمة الإلزامية، ووضعهم في مناطق خطرة كدير الزور أو ريف حلب، أو الغوطة الشرقية.
وتعتبر ظاهرة السمسرة أهم ظاهرة حافظ عليها النظام كي يضمن ولا الكثير من  أعوانه، من سلطة رجال الأمن، ومن والاهم.
واستفحلت ظاهرة السمسرة وباتت شعاراً معروفاً في سوريا، وهي تتعدى التجنيد، لتتضمن سماسرة المازوت، والغذاء ولقمة العيش، وسماسرة المعتقلين وحتى تجارة البشر والأعضاء.
وأعلنت حكومة الأسد خلال 2012، أن أحد مشاريع الحكومة الإلكترونية، أنها ستتجه إلى أتمتة التأجيل الدراسي، لخدمة العلَم لطلاب الجامعات السورية، لكن هذا القرار لم يطبق، لأنه يعرقل عمليات السمسرة في نظام الأسد. 
علي محمد الأمين - خاص السورية نت

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top