القدس العربي
«غزوان» مساعد مهندس من مدينة حمص، عمل لعامين متواصلين في مصفاة حمص قبل أن يتوجه للخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف قوات النظام السوري عام 2010 وذلك قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد الحكم في سوريا بشهور عدة، ومن سوء حظ الشاب كان ذلك التوقيت الذي بدأ فيه الحراك الشعبي ضد النظام، إذ أمضى «غزوان» عاماً بعد عام وهو يطمح للتسريح من الخدمة العسكرية، ولا يملك الجرأة أو الفرصة للانشقاق، ويبدو أن الشاب الذي أصبح رجلاً خلال خمس سنوات أو يزيد ليست لديه الهمة لمعاناة ما عاناه عناصر النظام وضباطه الذين انشقوا وشردوا وعائلاتهم في دول الجوار.
التقت «القدس العربي» بأحد أقاربه الذي تحدث عن حال «غزوان» الذي بدأت ظروفه النفسية تتدهور شيئاً فشيئاً إلى أن وصل إلى وضع مزر لا يحسد عليه، فابن خاله عمار يقول «خدمة غزوان خدمة مكتبية في إحدى المنشآت العسكرية بدمشق، لم يحمل السلاح ولم يقاتل احداً، ومنذ سنوات يحصل على إجازة لا تتجاوز 48 ساعة كل شهرين يقضي نصفها على الطريق الواصل بين حمص ودمشق، ليصل إلى والدته ووالده المقيمين في مناطق النظام بحمص، يجالسهما لساعات ثم يقضي باقي الوقت في غرفته ليخرج منها إلى دمشق ثانية». ويضيف «في آخر إجازة توجه فيها غزوان إلى حمص كان يتصرف بغرابة ومن ثم بدأ بضرب الجدران برأسه في نوبة هستيرية، وفي اليوم التالي غادر إلى دمشق ولم يعد، وقد مضى على ذلك حوالي ستة شهور وهو يرفض الحصول على إجازته المعتادة ويرفض المجيء إلى حمص نهائياً».
وبحسب عمار فإن «غزوان يعمل في دمشق بعد دوامه داخل قطعته في أحد المقاهي المجاورة للقصر العدلي، ومازال مستمراً في خدمة (وطنه وقائده) رغم أن الكثيرين من زملائه قالوا إنه أصبح شبه مختل، بل صار رجلاً غير متزن يسخر منه الكثيرون في خدمته العسكرية والمدنية في المقهى».
وللمقهى قصة عجيبة أخرى من عجائب النظام السوري، فمقهى «البكاوات» من المقاهي الشهيرة وسط العاصمة دمشق، ومازال يقدم خدماته لزبائنه على الرغم من أنه أصبح مشروعاً خاسراً بحسب أحد مستثمريه الخمسة، والذي سحب حصته من الاستثمار مؤخراً وهاجر خارج البلاد.
يعاني المقهى من أزمة في توفر العمال الشبان، فكل شبان دمشق مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية أو الإحتياطية أو غيرها من أنواع التجنيد القديمة والجديدة، وكلما وظف المقهى «طقماً» من العمال يأتي عناصر الأمن لاعتقالهم وتجنيدهم، وقد بدل المقهى خلال ستة شهور عمال «الأراجيل» أربع مرات وفي كل مرة يسحبون إلى الخدمة العسكرية.
وبعد أن فكر مستثمرو المقهى بالحلول الممكنة قرروا توظيف طاقم جديد من العمال، «غزوان» والذي خدم جيش «الوطن» لستة سنوات وانتهى «شبه مختل» أحد عمال الأراجيل في المقهى، حيث وظف المقهى مجندين في جيش النظام السوري من الفئة التي تعمل بدوام إداري في المنشآت والمقار العسكرية الموجودة في مدينة دمشق، وهكذا تم حل مشكلة عمال المقهى، إذ لن يستطيع عناصر الأمن اعتقال العمال وتجنيدهم، فكيف يجندون من هو مجند منذ خمس سنوات، بحسب ما قاله عمار.

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top