تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري في مدينة حمص، أعمال خطف واغتصاب وابتزاز مالي من قبل المليشيات المسلحة التابعة للنظام؛ حيث تضطر العائلات للرضوخ لشروط الخاطفين بدفع الأموال التي يطلبها الخاطفون، مقابل استعادة ابنتهم المختطفة من قبل المليشيات، كما يضطر الأهالي في غالبية الأحيان إلى إخفاء ما جرى لابنتهم؛ حرصا على سمعة العائلة.
وفي هذا السياق، يؤكد المخرج الوثائقي والناشط الميداني في حمص، مهند خالدية، استهداف الأحياء السُنية في حمص المدينة من قبل ما يعرف بمليشيا “الرضا”، ذات الارتباطات الكبيرة ببلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في ريف إدلب. وتتبع تلك المليشيا لحزب الله اللبناني، حيث تنفذ أعمال خطف واغتصاب للطالبات الجامعيات، ومن ثم ترغم ذويهن على دفع فدية مالية كبيرة تصل لملايين الليرات مقابل الحصول على ابنتهم.
وقال خالدية لـ”عربي21″، إن غالبية عمليات الاختطاف -المتصاعدة منذ قرابة الشهر- تكون عشوائية، وتستهدف العائلات الفقيرة والغنية على حد سواء، موضحا أن سبب الاختطاف يكون في غالبية الأحيان هو الانتقام من تلك الأحياء بسبب مواقفها الموالية للثورة السورية، وأن تواجدهم في مناطق سيطرة النظام السوري لا يعفيهم من تلك الاتهامات.
واستطرد خالدية قائلا: “يلجأ الأهالي في معظم الأحيان إلى التحدث عن أذية ابنتهم على يد الخاطفين، ولا يأتون على ذكر الاغتصاب؛ حفاظا منهم على سمعة ابنتهم والعائلة”.
وأضاف قائلا: “تلجأ العائلات ذات الدخل المحدود إلى استدانة مئات آلاف الليرات السورية من معارفهم لتسديد الأرقام المالية التي يطلبها الخاطفين”، موضحا أن حالات الاختطاف لا تدوم أكثر من عدة أيام، والإبقاء على الفتاة رهن الاختطاف مرهون بسرعة العائلة على تسديد الأموال المطلوبة لتلك المجموعات”.
وأشار خالدية إلى أن حالات الاختطاف تشمل كافة شرائح المجتمع الحمصي السُني، ولا تقتصر أعمالها على الطالبات الجامعيات، كما توسعت المضايقات لتشمل الشباب واعتقالهم بشكل عشوائي؛ لتجنيدهم قسريا للقتال إلى جانب قوات النظام.
فقد شهدت ذات الأحياء اعتقالات إجبارية للشباب الجامعي ونقلهم إلى مراكز التجنيد، في حين تعاني غالبية العائلات في مدينة حمص من ضعف الخيارات، ويكون في غالبية الأوقات خيار الهجرة هو الحل الأمثل للحفاظ على أبنائهم وبناتهم.
بدوره، أكد الناشط الإعلامي، بيبرس التلاوي، تعرض الأحياء الأرمنية ذات الغالبية المسيحية في مدينة حمص إلى حالات عدة من اختطاف الفتيات والطالبات الجامعيات، لتتم مقايضتهن بالمال فيما بعد، مشيرا إلى حدوث حالات مشابهة طالت الطائفة العلوية الموالية للنظام في حي الزهراء الخاضع لسيطرته.
وقال التلاوي لـ”عربي21″: “منتصف الأسبوع الفائت، قام أهالي فتاتين اختطفتا في حي زهراء الموالي بإبلاغ القوات الأمنية الموالية للأسد، ولكنهم لم يتوصلوا إلى نتيجة، وفي مطلع الأسبوع الحالي أبلغ أحد قادة الدفاع الوطني ذوي الفتاتين بأنه قادر على تقديم المساعدة لهم، وفعلا أوصلهم بطرف ثالث مقرب من الخاطفين، لتتم عملية المفاوضة وتقديم مبالغ مالية تقدر بمئات آلاف الليرات السورية عن كل فتاة”، وفق قوله.
وأشار التلاوي إلى أن الفتاتين العلويتين لم تتعرضا للاعتداء الجنسي كما حصل مع الفتيات والطالبات الجامعيات “السُنيات”، في حين تتعرض المخطوفات من الطائفة الأرمنية إلى ذات الاعتداء الجنسي، أما مليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام، فما زالت تلعب دور “البطل” في إطلاق سراح المخطوفات بعد كسبها ملايين الليرات من ذويهن، بحسب التلاوي.
من جانبه، قال المتحدث باسم مركز حمص الإعلامي، محمد الحمصي، إن مناطق في حمص المدينة شهدت منتصف الشهر الحالي اختطاف طالبة جامعية من قبل مليشيات تعرف بصلتها الحميمة مع الدفاع الوطني؛ حيث بقيت الطالبة المختطفة تحت قبضة الخاطفين لفترة وجيزة، تعرضت خلالها لأعمال تعذيب “لا يمكن وصفها إلا بالوحشية”، ليطلق سراحها بعد ذلك عقب قيام ذويها بدفع مبلغ مالي وقدره 800 ألف ليرة سورية للخاطفين، وفق الحمصي.
وأضاف المتحدث الإعلامي أن غالبية حالات الاختطاف، التي تتم من بوابة المليشيات الموالية للأسد والمقربة من حزب الله، تكمن وراءها أهداف كسب المال، أو بسبب وجود “دوافع غريزية” لدى الخاطفين، على حد وصفه.
عربي 21
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.