المواد المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع ...
تاريخ النشر : 24.11.2015
تحاول هذه الورقة تشريح التصعيد الروسي الأخير وماهيته ومدلولاته التي يمكن استنباطها من تقييم الواقع السياسي على مستوى المشهد المحلي والإقليمي والدولي، بالإضافة إلى تحديد غاياته وحدوده، متلمسة في جزئها الأخير ارتدادات هذا التدخل على الساحة السورية التي غدت المحدد الأساس لاستقرار أي نظام سياسي إقليمي، ثم لتنتقل بعد ذلك لتبيان فرص قوى المعارضة السورية وتحدياتها والتي تتقاطع بشكل كبير مع فرص وتحديات الفواعل الإقليمية.
دوافع العدوان الروسي
يمكن توصيف الاحتلال العسكري الروسي المباشر بجملة من التعريفات وفق الآتي:
أما من الناحية القانونية فتم النظر إلى التدخل الروسي بوجهتي نظر، الأولى باعتباره شرعياً وهذا مستمد من الوضع القانوني للنظام في القانون الدولي وأنه كيان له سيادة يحق له طلب التدخل العسكري من أية دولة أو جهة، أما الثانية فتعتبره احتلالاً بحكم أنه وجود أجنبي مسلح، يقوم بعمليات عسكرية مباشرة تستهدف البنية والجغرافية السورية.
إن القاعدة القانونية الكفيلة بمنع الشطط في هذه القضية هي ضرورة موافقة وتكليف مجلس الأمن، أما دون ذلك فهو عدوان واحتلال.
آثار الاحتلال الروسي على المشهد السوري
سيؤدي هذا التدخل إلى توفير الظروف لتنامي عدة معطيات ستجعل المشهد السوري ينحدر باتجاه الأفغنة لتغدو سمة المنطقة ككل، منها:
أولاً: تعقيدات عسكرية، سيصطدم الوجود العسكري اللوجستي الروسي باللامركزية العسكرية لقوى المعارضة السورية، التي أضحت بعد ثلاث سنوات من العمل العسكري تسم بقدر كاف من المرونة والتغيير والقدرة على المبادأة وذلك وفق أنساق غير متشابهة رغم اتفاقهم بالعقيدة العسكرية. أضف إلى ذلك أن تجارب الحشد الشعبي في العراق وعمليات الانسحاب الأخيرة لقوى النظام تدلل على مستوى القدرة التعبوية المنخفض المستمر.
ثانياً: تقهقر مداخل الحل السياسي، بالتزامن مع الحشد العسكري تبذل الدبلوماسية الروسية بعد فشل منتدياتها جهوداً حثيثة للتسويق لخطة "تحول سياسي" تقوم على إمكانية تشكيل حكومة سورية موسعة بإدارة النظام تضم أطرافاً من المعارضة "الناعمة" وتكليفها بترتيب انتخابات بلدية ونيابية ورئاسية بالتتابع، وهو طرح ترفضه جملة وتفصيلاً قوى الثورة بمختلف أطيافها، الأمر الذي سيعزز -على المدى المنظور-معطى "موت الحل السياسي".
ثالثاً: ازدياد فرص تمدد الخطاب الجهادي العابر للحدود، حيث ستتكفل الفوضى والعبثية التي تتسم بها عموم الجغرافية السورية بتعزيز سبل المواجهة الباردة بين الفاعل الأمريكي والروسي على أقل تقدير إلى انتهاء واشنطن من استحقاقاتها الانتخابية، ما من شأنه ترجيح كفة خطابات الجماعات الجهادية العابرة للمحلي.
رابعاً: السيولة على مستوى المنطقة، ستشهد عملية إدارة الأزمة تحولات في وظائف غرف القيادة وتنذر عمليات التنسيق الفنية بين الفاعلين المتوقع حدوثها بأن تجعل الساحتين السورية والعراقية ملعباً جيوسياسياً واحداً ما يؤدي إلى انتقال الأزمة إلى دول محيطة أخرى.
الدور الوطني المطلوب
مما لا شك فيه أن التدخل نظرياً يضمن زيادة فرص انتقال الأسد كورقة تفاوض من إيران إلى روسيا وهذا من شأنه أن يخلق مداخل سياسية جديدة قد تسهم سلباً أو إيجاباً في مآل الملف السوري، ما يجعل قوى المعارضة أمام مروحة فرص وتحديات تستوجب العمل على عدة مستويات وفق الآتي:
على المستوى السياسي، منها:
على مستوى الاستراتيجية العسكرية:
يمكن اتباع عدة استراتيجيات، أهمها:
إن التدخل الروسي في الملف السوري قد عجل من فشل المسارات السياسية كافة وأطال عمرها الزمني، الأمر الذي يستدعي قوى المعارضة كافة الاستمرار في بلورة برنامجها وآلياتها الوطنية القادرة على إدارة المرحلة بكل متطلباتها السياسية والتفاوضية والعسكرية.
تاريخ النشر من المصدر : 17.10.2015
المصدر : مركز عمران للدراسات الاستراتيجية
الرابط:
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.