العميد الركن أحمد رحال: كلنا شركاء
من الواضح أن هناك تسارعاً تمارسه القيادة الروسية باستقدام قواتها للساحل السوري, فلا تكاد تخرج سفينة من ميناء طرطوس حتى تدخل أخرى إلى ميناء اللاذقية, ومع هذه وتلك تتسارع معها رحلات طائرات الشحن الروسية (اليوشن والأنتينوف) التي أصبحت رحلاتها لمطار حميميم في الساحل يفوق عدد الرحلات المدنية التي تهبط بهذا المطار.
السفن والطائرات الروسية بالطبع لا تحمل مساعدات وإغاثة كما حاول أن يروج لها الإعلام الروسي وتصريحات مرؤوسيه, وصور الأقمار الصناعية كشفت أن هناك حتى الآن ما يفوق الـ(28) طائرة مقاتلة ومقاتلة قاذفة (سو27وميغ31) ومجموعات من طائرات الاستطلاع قد أصبحت في القواعد السورية يضاف لها أكثر من (16) حوامة مي24 وعدد لا بأس به من دبابات (ت90) المتطورة إضافة لـ(35) ناقلة جند من نوع (ب ت ر 82آ) وأكثر من (15) مدفع متطور إضافة لمنظومات إستطلاع ومنظومات صواريخ (سي اي-22) جو/أرض مع أكثر من (1200) جندي من اللواء (810) والوحدة (363) بعد سحبهما من أوكرانيا وسيفاستوبل مع أكثر من (2000) وحدة سكنية مسبقة الصنع, هذا بالإضافة لأكثر من (17) من أحدث سفنها القتالية التي تتقدم الآن في طريقها نحو الساحل الشرقي لحوض المتوسط ترافقها غواصة استراتيجية حاملة للصواريخ النووية.
الخطوات الروسية التي أخذت طابع الاحتلال على الأرض السورية سارعت لبناء غرف عمليات في حماه (نادي الفروسية) وفي الساحل السوري (الصلنفة) وفي دمشق (القابون), واتشرت وحداتها عبر عدة مواقع في الساحل (صلنفة,سطامو, صنوبر جبلة, حميميم).
القوات الروسية التي أعلنت أن هدفها استئصال تنظيم داعش والحرب على الإرهاب الذي أصبح بوابة العبور نحو الداخل السوري, لم تتأخر كثيراً في ممارسة مهامها القتالية ووجدنا طائرات الاستطلاع تخرج بجولات تفتيش ورصد أهداف فوق الأراضي السورية لكن هذا السطع لم يكن حول مواقع داعش حسب صحيفة (ديلي بيست) بل رصد مواقع الثوار فوق إدلب وسهل الغاب وفي جبهة الساحل, ثم يخرج علينا وزير الخارجية الأمريكية (جون كيري) ليمارس دور محامي الدفاع ويقول: أن مهمة القوات الروسية في سوريا هي ذات طابع دفاعي.
الاجراءات الروسية التي حاولت إخفائها عن عيون المراقبين, أظهرت نواياها العدوانية اتجاه الثورة السورية والشعب السوري, فقد قامت بطمس الأرقام التسلسلية للسلاح المستخدم من قبل عناصرها مع إجبار جنودها بالتوقيع على وثيقة السرية التي تحرم على جنودها التواصل مع الإعلام أو إبلاغ ذويهم عن أماكن تواجدهم, لكن الخطير بالأمر ما قام به الإعلام الروسي وكعملية شحن نفسي وتحضير للشعب الروسي عندما ضخ الإعلام الروسي جملة أكاذيب تظهر نوايا الروس الحقيقية.
احدى الصحف الروسية نقلت خبر أن قوات نظام الأسد تتصدى لهجوم شرس من تنظيم داعش في جبهات الساحل وحمص وكناكر ومدخل دمشق, وقد استطاعت قوات الأسد من قتل (40) داعشي واستسلم (500) مقاتل منهم للنظام (YourNewsWire.com), الخبر الآخر كان على شاشة التلفزيون الروسي الذي أعلن عن تعرض القوات الروسية في الساحل السوري لكمين من قبل تنظيم داعش قرب مطار حميميم واستطاعت القوات الروسية من قتل عدداً منهم وأسر البقية, وكان سبق ذلك الإعلان عن تعرض السفارة الروسية في دمشق لقصف وتضرر جزءاً منها.
لكن الجميع يعلم أن جبهة الساحل قامت بقتال تنظيم داعش وطرده من كامل جبهة الساحل منذ حوالي العامين وأن أقرب تموضع لتنظيم داعش عن مطار حميميم يبعد من (150-180)كم فمن ايت أتى هذا الكمين؟ لكن من الواضح أن تلك الدعاية الإعلامية تريد أن تقول أن كل الثورة السورية هي دواعش, وبالتالي يتضح هدف القوات الروسية بأنها حرب على فصائل الثورة, أما موضوع السفارة فهو لتمهيد الطريق نحو قصف روسي لجبهة جوبر, ويبدو أن مقولة حسن نصر الله الذي قال: أن طريق القدس يمر عبر الزبداني ودرعا والسويداء, تنطبق على القوات الروسية فطريق تحرير الرقة من يد داعش قد يمر عبر جوبر وسهل الغاب وإدلب, ورمايات صواريخ سكود التي تم رصدها من السفن الروسية الراسية أمام نادي ضباط موقع طرطوس باتجاه مطار (أبو الضهور) بعد تحريره والصواريخ التي أطلقت بالأيام التي تلتها باتجاه المناطق المحررة تعتبر دليلاً واضحاً عن كذب القيادة الروسية في أهداف حملتها على سوريا, وأن هدف حربها المعلنة على داعش ما هو إلا ستار يخفي خلفه ضرب الثورة السورية بحجة محاربة الإرهاب.
لكن على الضفة الأخرى لا أحد يستطيع أن ينكر أن تدخل القوات الروسية أتى بعد تردد أمريكي واضح باتخاذ أي قرار حقيقي وصادق اتجاه الثورة السورية, واكتفت بإطلاق شعارات رنانة كانت تمارس دور المخدر على الشعب السوري وأصدقائه, أيضاً التراجع في لهجة الدبلوماسية الأمريكية قد أسهمت بتشجيع القيادة الروسية بالإقدام على هذا التحرك, فمنذ أربع سنوات ونصف ونحن نسمع أعضاء الإدارة الأمريكية لا ينفكون عن القول: الأسد فقد شرعيته وعليه أن يرحل حالاً, ليخرج علينا وزير الخارجية (جون كيري) مؤخراً ليقول: على الأسد أن يرحل ولكن ليس فوراً.
صاحب القرار الروسي لاشك أنه استغل ظرفاً ذكياً وغايةً في الأهمية, تردد أمريكي, انشغال أوروبي بموجات الهجرة والنزوح, التفات تركي نحو الداخل لملف الانتخابات والحرب على حزب العمال الكوردستاني, عيون سعودية على عاصفة حزم في اليمن, وبعد وصول القوات الروسية وتمركزها في الساحل السوري لا يُعتقد ان هناك قوة عسكرية لأي دولة يمكن أن تدخل بنزاع عسكري مع روسيا لإخراجها من سوريا.
أهم ما في الأمر الآن أن لا حديث يمكن أن يقال عن حلول سياسية لما يحدث في سوريا, فالقدم العسكرية الروسية في الساحل السوري أصبحت بحكم الواقع هي صاحبة القرار أو شريك أساسي فيه, ونظام الأسد وروسيا حتى الآن لا يبدو أنهما يؤمنان بالحلول السياسية إلا التي تبقي (الأسد) على رأس السلطة وهذا ما يرفضه الشعب السوري الحر وفصائله رفضاً قاطعاً, لكن ديمستورا هو الوحيد الذي ما زال يبحث بين العواصم, لكن لا نعلم الآن هل يبحث عن خيط يرشده لطريق السلام أم يبحث عن مقابر للسوريين في معاركهم مع الإحتلال الروسي_الإيراني؟
الروس لن يستطيعوا إنقاذ مركب الأسد الغارق حكماً, والروس ليسوا بأذكى وأقوى من حزب الله والقوات الإيرانية التي قهرتها الثورة السورية, والرمال السورية قادرة على ابتلاع الدب الروسي, لكن تبقى هناك احتمالات أخرى, دبلوماسي غربي قال: لا تتسرعوا بالحكم على الروس فقد تستيقظون يوماً تجدون (الأسد) قتيلاً و(فاروق الشرع) قد خرج من السرداب.
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.