المنطقة بأكملها تتخبط وسط الآلام والمآسي.. فعلى الحكماء أن تأخذ دورها بمسؤولية وتأخذ المبادرة من أيدي تجار و أمراء الحروب.. يكفي ما عاناه الشعوب من الظلم والقهر والحرمان طوال نصف قرن, جراء سياسات الأنظمة المستبدة الظالمة المتبعة عنوة و قسوة وظلماً بالحديد والنار… إن ترك قدر الشعوب لقرارات و مصادر الإرهاب سينتج الدمار وتدمير الإنسان في شرقنا.. وقد لا يعود الأمان عشرات السنين بعد أن تسود شريعة الغاب بدلاً من شريعة هدفها بناء الإنسان. أتفهم أن النخبة في منطقتنا مضروب في الصميم, فلا تملك من القوة عدا المعرفة والإرادة الصادقة للحفاظ على نفسها.. وهذا كان أقل ما يمكن الحفاظ عليه في ظل حكومات مافيوية ظالمة مجرمة.. ومع ذلك لي إيمان راسخ بأنه لو تحركت النخب الإجتماعية لكل مكون من مكونات شعوبنا في شرقنا الأوسطي, وصرخت صرخة الوجدان في وجه ما تدور في المنطقة من حروب و مآسي ستنتج زلزالاً تحت أقدام الطغاة و تجار الحروب و أمراءها و آلياتها المدمرة.. إن قضية الشعوب إن فلتت من يد النخبة الصادقة المؤمنة بآمال و تطلعات الشعوب.. تصبح سلعة رخيصة في أيدي التجار وسماسرة السياسة وعصابات تستثمر تلك القضايا لتحقيق أغراض وسخة نتنة, وبالتالي تدفع بالشعوب نحو المنزلقات والمهالك. عندها تتحمل النخبة نتائج المرحلة في حال تقاعسها و إنزوائها وهروبها من تحمل مسؤوليتها التاريخية.. اللصوص والعصابات والمجرمون لا يتحملون نتائج أعمالها وجدانياً.. فهي تمارس عملها من النهب والسرقة والقتل و ارتكاب الجرائم إنطلاقاً من أخلاقياتها و مفاهيمها للحياة, وبالتالي هي ملاحقة أصلاً شرعاً و قانوناً من قبل العدالة الإنسانية.. أما النخبة هي من يجب أن تتسائل عند عدم قيامها بمهامها الملقاة على عاتقها في الحالاة التي تهدد المجتمعات و تتدمر الكيانات الإنسانية. إن شرقنا الأوسطية حالة شاذة من العالم في هذه المرحلة التاريخية الصعبة على شعوبها.. بدت وكأن زلازلاً تضرب عمق المفاهيم, فتنفجر القهر المتراكم من عمق الإنسان بشكل جنوني بعيداً عن المعرفة وبدون حسبان للنتائج.. تستغلها الأنظمة الغاصبة بمعرفة ودقة من الإدراك لتحويل الإنفجار الناتج من القهر والإذلال إلى حالة من الجنون, تدفعه من موقع له شرعيته القانونية والعدلية إلى موقع يلاحقه القانون والعدل, كما نراه في سوريا الآن.. لقد حولوا شرعية الثورة في وجه الطغيان إلى حالة متلبسة خارجة عن العدالة الثورية بفعل شيطاني طغت عليها حالة الإرهاب وانتشرت على مساحة الوطن.. فبدلاً من أن يتحرك المجتمع الدولي ليأخذ دوره ويتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والإنسانية تجاه ما لحقت من كوارث و مآسي بالشعب السوري جراء الحرب المعلنة من قبل النظام ضد إرادة الشعب ومصالحه, تحول إلى غض الطرف عن جرائم النظام ليعلن الحرب على الإرهاب.. (ليصح المثل القائل: تركنا الحرامي, لكن الحرامي لم يتركنا).. من المسؤول؟ أستوعب ذلك بفهم و إدراك.. هكذا تكون الثورة التي لا تقودها النخبةالواعية.. عندما إنفجر الشارع, إنكمشت النخبة وانزوت في زاوية الموت, وتركت الشباب الثوري يتحمل مصيره بين أنياب الذئاب المفترسة, إلى أن عمت التنظيمات الإرهابية مساحة البلاد بتخطيط من المهنيين و أصحاب الخبرة من النظام وبدعم من خبراء رفدوا من أيران و روسيا وقيادات من حزب الله اللبناني لتحويل حالة الثورة إلى حالة الإرهاب, ودفع المجتمع الدولي نحو قرار إضطراري يتحول من دعمه لمسيرة الثورة إلى الحرب ضد الإرهاب. سوريا, إنها بوابة التغيير في شرقنا الحزين.. و أن النخبة بالنتيجة هي من تتحمل ما آلت إليها حال الشعب السوري.. وأن إيجاد أية حلول أو طرق للتسوية لايمكن أن ترى النور إلا على يد من يمثل إرادة الشعب.. فلا المنظمات الإرهابية على الساحة, ولا النظام الذي امتهن القتل والتدمير بشكل ممنهج يؤمنون بالحلول السلمية و إنهاء الحرب الدائرة بشكل جنوني.. فالنظام من طرفه يبحث عن حالة إستسلام الشعب والعودة إلى حظيرة النظام, أما المنظمات الإرهابية فهي تستثمر حالة الفوضى لكسب المزيد من الغنائم من وراء قتل المزيد من الشعب و تدمير البلاد. لتبقى سوريا وشعبها تنتظر ساعة يقظة النخبة من سباتها وتعلن عن حربها ضد نظام أجرم بحق شعبه و إرهاب خلقه النظام من أجل الهروب من مسؤولية إجرامه.
بقلم: أحمـــــد قاســـــــم
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.