اعتصام الأهالي عند مبنى المحافظة الأسبوع الماضي في طرطوس للمطالبة بفك الحصار عن أبنائهم في مطار كويرس
سبت 15 أغسطس / آب 2015
كرم منصور - خاص السورية نت 
منذ انطلاق الثورة السورية في مارس/ آذار 2011 اعتاد السوريون على مصطلحي مظاهرة ومسيرة، ليكون التفسير البديهي عند الجميع أن المظاهرة هي من عمل المعارضين ودائماً تواجه بالقمع والرصاص، بينما المسيرة تكون من قبل النظام، وفي أضعف الايمان بعلمه وتحظى دائماً بحمايته.
لكن الأسبوع الفائت تغيرت هذه القاعدة ليشهد يوم الأربعاء الماضي مظاهرة لسكان منطقة السيدة زينب في ريف دمشق، للمطالبة بفك الحصار الذي تفرضه قوات المعارضة على بلدتي "الفوعة وكفريا" في ريف إدلب. وسبق هذه المظاهرة بيومين وقفة احتجاجية أمام منطقة المقام وطالب المحتجون بـ"نصرة كفريا والفوعة" وبسبب تردي الأوضاع وسوء الخدمات في منطقة السيدة زينب أيضاً.
التظاهرات لم تقتصر فقط على دمشق، حيث شهدت مدينة اللاذقية أيضاً موجة احتجاجا بعد قتل سليمان الأسد للعميد المهندس في قوات النظام حسان الشيخ أمام أطفاله وزوجته بالرصاص، وبعد يوم شهدت طرطوس أحد أهم معاقل النظام في سورية وقفة اعتصام من مئات الأهالي أمام مبنى المحافظة في المدينة، للمطالبة بالتحرك العسكري السريع لإنقاذ أبنائهم المحاصرين في  مطار كويرس بريف حلب الشرقي.
وجاء الاعتصام بعد أن صعق الأهالي بالأخبار الواردة من المطار بعد هجوم عليه قتل خلاله أكثر من ثلاثين عنصراً من أبناء محافظة طرطوس، بينهم ثلاثة عشر ضابطاً. وبحسب صفحات الموالين للنظام على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن المعتصمين نددوا بعدم قدرة قوات النظام على إيصال المعونات الطبية والغذائية لأكثر من 500 عنصر محاصر في المطار.
وما يميز هذه الاحتجاجات أن النظام لم يتعامل مع المحتجين الموالين بنفس الطريقة التي تعامل فيها مع المعارضين والمحتجين عليه طوال أربعين عام حتى الآن ويمكن تلخيص 5 فوارق بين احتجاجات الطرفين.
أولاً : لم تُسجل أي حالة اعتقال ضد الذين خرجوا في هذه المظاهرات من المؤيدين، أو تجريد من حقوقهم المدنية، مثلما فعل مع الكثير من المعارضين الذي نادى بعضهم سابقاً في مطالب قليلة محقة. فعلى سبيل المثال ما حدث في 2004 خلال مباراة بين فريقي الجهاد والفتوة راح ضحيتها أكثر من 40 قتيلاً و 25 جريحاً ونحو 2000 معتقل كردي، في رسالة واضحة للجميع أن الاعتراض في سورية الأسد ممنوع حتى ولو على نتيجة مباراة.
ثانياً : جميع المظاهرات التي خرجت لم تحصل على ترخيص رسمي من قبل النظام بما سمي قانون 54 لتنظيم التظاهر الصادر عام  2011، والذي جعله النظام ذريعة لفض الكثير من المظاهرات في دمشق، واعتقال الكثير من الناشطين والمثقفين بحجة أنهم يشاركون في نشاطات غير مرخصة.
ثالثاً: لم يتصدى لهذه المظاهرات، بالرصاص الحي، أو باستخدام الدبابات والآليات العسكرية، أو بالتفجيرات كما حدث في زملكا في شهر تموز من عام 2012 وغيرها الكثير من المناطق.
رابعاً : لم يتغاضى الإعلام الرسمي عن هذه المظاهرات، ولم يوسمهم بالعمالة للخارج ولم يقل بأنها لم تحدث، ولم تحصل، أو أن المتظاهرين خرجوا لحمد ربهم على نعمة المطر كما حدث في مظاهرة الميدان شهر نيسان من عام 2011.
خامساً: عمل النظام على اعتقال سليمان الأسد، و سعى إلى محاسبته وتعهد بأن دم القتيل لن يذهب هدراً، حتى أن أم سليمان وزوجة هلال الأسد، فاطمة مسعود الأسد، تبرأت من ابنها عبر منشور في مواقع التواصل الاجتماعي، فيما لا يزال عاطف نجيب طليقاً الذي عذب ونكل بأطفال درعا.
ومما لا شك فيه أن النظام لم يكن مرتاحاً لخروج هذه المظاهرات، وخصوصاً من قبل بيئته الحاضنة التي عكست تململاً واستياء من تصرفاته، فالسلطة التي لطالما كانت تمييزية واحتكارية تجاه الغالبية السورية، صارت شبه مقتصرة على "العلويين" والأقليات، باتت مجبرة على تقديم تنازلات تمس بطبيعتها بحكم تناقص المساحة الجغرافية للحكم، وعدد المحكومين، والخسارات التي تمنى بها كل يوم.
وبالمقابل لاشك أن الموالاة تعلموا من الثورة السورية التي مازالوا ينكرونها إلى الآن، معنى التظاهر والاحتجاج وأهميته، في نظام كان يحصي عدد الأنفاس على مواطنيه ويُمنع فيه انتقاد رئيس بلدية، وأعتقد أن الجميع بينه وبين نفسه يقول شكراً درعا، لقد علمتنا ما نحن افتقدناه منذ أربعين عام.
المصدر: 
خاص - السورية نت

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Syrian Revolution in Switzerland © 2018. جميع الحقوق محفوظة. اتصل بنا
Top