ما تزال الأطراف المجتمعة في مؤتمر سوريا الديمقراطية مستمرة في نقاشاتها حول مستقبل الوطن السوري، يناقش المجتمعون ملامح المرحلة المقبلة وسبل حل الأزمة السورية وكيفية وضع حد للصراع الذي تعيشه البلاد منذ قرابة 5 سنوات.
يعقد في مدينة ديرك بمقاطعة الجزيرة مؤتمر سوريا الديمقراطية لقوى المعارضة منذ أمس الثلاثاء، ويشارك في المؤتمر 103 ممثلاً عن قوى المعارضة السورية، يمثلون الغالبية العظمى لمكونات الشعب السوري.
ويشارك في المؤتمر ممثلين عن أحزاب الإدارة الذاتية الديمقراطية، أحزاب حركة المجتمع الديمقراطي، كتلة أحزاب المرجعية السياسية، الكتلة الديمقراطية السورية، تيار قمح، تجمع عهد الكرامة والحقوق، الهيئة الوطنية العربية، التحالف الوطني الديمقراطي في سوريا، لجنة مؤتمر حوار القاهرة، مبادرة المرأة السورية، تنظيم اتحاد ستار، الاتحاد النسائي السرياني، الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، حزب الحداثة الديمقراطية، حزب آزادي الكردستاني، الحزب الآشوري الديمقراطي، تركمان منتدى تل أبيض إلى جانب العشرات من الشخصيات الوطنية المعارضة ورجال الأعمال، ووجهاء العشائر الكردية وشيوخ العشائر العربية السورية والمنظمات النسائية، وكتاب، صحفيين ومثقفين سوريين مستقلين.
الأول من نوعه
مؤتمرٌ هو الأول من نوعه على طول فترة الأزمة السورية، حيث يشارك فيه ممثلين عن غالبية مكونات الشعب السوري، دون املاءات ورعاية خارجية، على خلاف بقية مؤتمرات المعارضة التي عقدت في الخارج برعاية تركيا أو روسيا أو أمريكا وغيرهم. إضافة إلى ذلك فإن المؤتمر عقد على أرض الوطن السوري، في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية المحررة من النظام وداعش.
المشاركون في المؤتمر يؤمنون بأن الشعب السوري بجميع انتماءاته ومذاهبه ومعتقداته، تقاسموا الأفراح والأتراح، وتشاركوا في السراء والضراء، وبكافة المراحل التاريخية قدموا سوياً التضحيات الجسام من أجل حماية سوريا والحفاظ على وحدته المجتمعية، لذا تكاتفوا اليوم ضد كافة أشكال الاستبداد، بدءاً من التصدي للحكم المركزي لنظام البعث الاستبدادي وصولاً إلى التشارك في مواجهة المجموعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة.
تجانس سوري لأول مرة منذ الأزمة
لم يشهد المؤتمر خلافات وانشقاقات وانسحابات مثل بقية مؤتمرات المعارضة لأن الأطراف المشاركة في المؤتمر مدركين لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في ظل الظروف الحساسة والمصيرية التي يمر بها الشعب السوري. بينما جميع مؤتمرات المعارضة السورية السابقة عقدت خارج البلاد برعاية أطراف خارجية.
هو مؤتمر سوري – سوري وليس دولياً، ويقول المعارض السوري نبراس دلول عضو تجمع عهد الكرامة والحقوق “نحن أتينا إلى هنا كي نعمل على أن لا يكون مؤتمراً عادياً وأن يكون نوعياً، وما يخرج عنه لا يكون أسير صالة المؤتمرات، ويجب أن يتبعه عمل ومحاسبة، وسؤال القيادة التي ستنبثق عن هذا المؤتمر بعد عدة أشهر ماذا فعلت وحققت؟، إذاَ هو مؤتمر سوري – سوري لقوى تؤمن بالحل الديمقراطي الوطني السوري السلمي بعيداً عن أية أجندات غير سورية”.
ويعول المشاركون في المؤتمر في نجاحه على التشاركية والانسجام بين جميع المكونات المشاركة في المؤتمر، فهو يضم ممثلين عن العرب، الكرد، السريان الآشور الكلدان، الأرمن، التركمان والشيشان وممثلين عن الطوائف الدينية المختلفة في سوريا.
الفدرالية الديمقراطية
حسب الأحاديث والنقاشات التي تجري في أروقة المؤتمر وخلف الكواليس فإنه من المتوقع أن يتبنى المؤتمر نظام الفدرالية الديمقراطية لسوريا بعد نجاح نموذج الإدارة الذاتية في روج آفا، حيث ستعتمد جميع المناطق السورية نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية ضمن نظام الفدرالية الديمقراطية للبلاد.
وقال عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر آلدار خليل خلال كلمته بداية المؤتمر “الإدارة الذاتية الديمقراطية ضمن دولة فدرالية هو أفضل حل للحفاظ على وحدة سوريا الجغرافية وحل القضايا الأثنية والطائفية والمناطقية بروح تشاركية وعلى أساس الاتحاد الطوعي والحر، ونظراً لموقع سوريا الجغرافي وتكوينه التعددي والأثني والثقافي والمجتمعي، وتنوع المعتقدات والأديان، ليس أمامنا سوى خيار الاعتماد على قدراتنا الذاتية وإرادتنا إيماناً منا بضرورة بناء سوريا جديدة ديمقراطية فدرالية عبر الحوار والسبل الديمقراطية ومفاهيم المجتمع المدني وشرائع حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها حسب المواثيق والعهود الدولية”.
حضور المرأة والشبيبة بارز في المؤتمر
وعند الحديث عن المعارضة السورية يتبادر إلى الأذهان مباشرة مجموعة من الرجال المسنين والعجزة يجتمعون في مكان ما للحديث عن الوضع السوري ثم يختلفون ويفشل الاجتماع، وكذلك حال غالبية تشكيلات المعارضة السورية والائتلاف السوري أكبر مثال ذلك.
ولكن اليوم لن نبالغ إن قلنا أن هذا أول مؤتمر تشارك فيه المرأة السورية بفعالية، حيث تشارك النساء من مختلف مكونات الشعب السوري، وممثلات عن الفئات النسائية الشابة لتلعبن دورهن التاريخي الريادي المناط بهن، بدءاً من اللجنة التحضيرية ومروراً بديوان المؤتمر وصولاً إلى نسبة المشاركة، حيث نجد المشاركة الفعالة للمرأة في المؤتمر عبر ممثلات عن تنظيمات نسائية مثل مبادرة المرأة السورية، تنظيم اتحاد ستار، الاتحاد النسائي السرياني، رابطة المرأة الحرة في روج آفا، منظمة سارة لمناهضة العنف ضد المرأة بالإضافة إلى ممثلات عن الهيئة الوطنية العربية.
وكذلك الشبيبة فهناك ممثلين عن تنظيمات شبابية في المؤتمر مثل اتحاد الشبيبة الديمقراطية وحركة المرأة الشابة.
انتصارات قوات سوريا الديمقراطية مهدت الطريق لهذا المؤتمر
قوات سوريا الديمقراطية (QSD) التي تشكلت مؤخراً حققت انتصارات عظيمة ضد مرتزقة داعش، لأنها ضمت فصائل عسكرية من مختلف مكونات سوريا، وهذه الانتصارات مهدت الطريق لعقد هذا المؤتمر السوري – السوري.
مجلس سوريا الديمقراطية
يجري الحديث عن تشكيل كيان سياسي سوري جديد للمعارضة ضمن المؤتمر، وتشير النقاشات على أنه سيسمى “مجلس سوريا الديمقراطية” ليمثل الإرادة السياسية الحقيقية للشعب السوري ويضم مختلف الفئات المعارضة السورية الحقيقية، على خلاف بقية تكتلات المعارضة التي أثبتت أنها لم ولن تمثل جميع مكونات الشعب السوري. سيكون المجلس ممثلاً حقيقياً للشعب السوري بمختلف مكوناته، مجلس ديمقراطي، علماني مدني يضم معارضين حريصين على الوطن السوري، بعد فشل التنظيمات المعارضة السابقة في التمثيل الحقيقي للشعب السوري.
بانتظار أن ينتهي فعاليات المؤتمر ووضع اللمسات الأخيرة على المشروع السوري الجديد لتتضح بعدها ملامح المرحلة المقبلة في سوريا، وتبدأ مراحل حل الأزمة السورية، ووضع حد لحمام الدم في البلاد.
اليوم ستنتهي فعاليات المؤتمر، حيث من المتوقع أن يتم مناقشة الهيكلية التنظيمية وتشكيل الهيئة القيادية للإطار السياسي الجديد “مجلس سوريا الديمقراطية”، وإقرار البيان الختامي للمؤتمر، ليولد بعدها مشروع سوري وطني جديد بعد مخاض عسير، يفتح عينيه على العالم خلال المؤتمر الصحفي الذي سيعقد اليوم بعد انتهاء المؤتمر من قبل الهيئة القيادية المنتخبة للمجلس الجديد، لتبدأ بعدها كتابة تاريخ سوريا المعاصر من جديد.
ANHA
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.